استعرضت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم /الأربعاء/ معاناة الشعب الفلسطيني وكفاحهم للحصول على المواد الغذائية الضرورة للحياة، مشيرة إلى أن الحصار الإسرائيلي المستمر منذ شهرين على قطاع غزة أدى إلى انزلاق القطاع إلى أزمة جوع جديدة، تاركًا رفوف السلع ومخزونات المساعدات فارغة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير إخباري إن الحصار الإسرائيلي قد محا المكاسب الإنسانية التي تحققت خلال وقف إطلاق النار القصير في وقت سابق من هذا العام حيث لم يدخل أي طعام أو وقود أو مساعدات أو سلع تجارية إلى غزة منذ 2 مارس الماضي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة فيما زعمت إسرائيل أنها تفرض الحصار للضغط على حماس، التي تحكم القطاع والتي هاجمت جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 لترد إسرائيل بحرب راح ضحيتها أكثر من 50 ألف فلسطيني.
ووفقا للصحيفة أنه بعد أسابيع من الحصار - وهو الآن الأطول في الحرب - يعيش الناس على وجبة واحدة في اليوم، هذا إن تناولوا الطعام أصلًا، وفقًا لفلسطينيين وعمال إغاثة. اختفت من الأسواق كميات الدقيق والحليب والبيض واللحوم التي كانت متوفرة خلال وقف إطلاق النار. ومع انقطاع غاز الطهي، يلجأ السكان إلى إشعال الحطب، أو في بعض الحالات، يحرقون النفايات أو البلاستيك لتسخين الأرز والفاصوليا وغيرها من الأطعمة المعلبة.
ووفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، ارتفعت أسعار ما تبقى من بائعي المواد الغذائية بشكل كبير، حيث ذكر هذا الشهر أن أسعار البصل والبطاطس ارتفعت بنسبة 1000% عما كانت عليه قبل الحرب. ولكن حتى لو استطاع سكان غزة تحمل هذه الأسعار، فإن أزمة السيولة جعلت الحصول على النقد أمرًا بالغ الصعوبة.
كما أعلن برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي أنه استنفد مخزونه الغذائي المخصص للمطابخ المجتمعية، التي كانت تقدم وجبات الملاذ الأخير لحوالي 420 ألف شخص من أصل 2.2 مليون نسمة في غزة، وفقًا لمدير البرنامج في غزة، أنطوان رينارد.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أغلق بالفعل 25 مخبزًا كان يديرها في غزة في مارس الماضي، واستنفد الطرود الغذائية التي كان يوزعها مباشرة على العائلات في منتصف أبريل الماضي.
وقال محمد مرتجى، 25 عامًا: "نقضي أيامنا بين البحث عن الماء والطعام وشحن البطاريات لنتمكن من الرؤية ليلًا، وانتظار الموت". يعيش مرتجى في مدينة غزة مع حوالي 40 من أقاربه، ويتناول طعامًا واحدًا على الأكثر يوميًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجوع انتشر بشكل كبير في غزة طوال الحرب، حيث فرضت إسرائيل قيودا صارمة على كمية الغذاء والمساعدات التي يمكن أن تدخل القطاع. وقد دفعت عمليات الإغلاق سابقًا المبادرة الرائدة عالميًا بشأن أزمات الغذاء، وهي التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، إلى التحذير من مجاعة وشيكة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، بدأ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي يضم أكثر من 50 محللًا من الأمم المتحدة ومحللين آخرين، تقييمًا آخر لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد في غزة، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
لكن الفلسطينيين يقولون إن الوضع الحالي مدمر للغاية، حيث كانوا قد بدأوا للتو في إعادة بناء حياتهم في ظل الهدنة، عندما ارتفعت المساعدات بشكل كبير. وفي 18 مارس الماضي، وبعد أكثر من أسبوعين بقليل من فرض الحصار، انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار بموجة من الغارات. وتحتل القوات الإسرائيلية الآن مساحات شاسعة من غزة، لكن الحكومة رفضت فتح المعابر أمام المساعدات.
ومن جانبها، صرحت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان صدر مؤخرًا: "تراقب إسرائيل الوضع على الأرض، ولا يوجد نقص في المساعدات".
وفي المقابل، حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع في غزة "على الأرجح هو الأسوأ على الإطلاق" بسبب الحصار والحرب المستمرة وأوامر الإخلاء التي شردت حوالي 500 ألف شخص منذ 18 مارس الماضي.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أمس إن الكارثة الإنسانية في غزة معرضة لخطر الوصول إلى مستوى غير مسبوق.
وتقول وكالات الإغاثة إن حالات سوء التغذية - التي تُشكل خطرا خاصا على الأطفال - آخذة في الارتفاع، وفي بعض الحالات، قُتل فلسطينيون أثناء محاولتهم استعادة الطعام من المنازل أو الحقول المهجورة داخل المنطقة الأمنية الموسعة للجيش الإسرائيلي، والتي تشمل مناطق زراعية رئيسية.
0 تعليق