"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والمعاناة في غزة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:


يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتتوسع فصوله في كافة المناطق، بينما تتصاعد المجازر، وتتعمق المجاعة.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان المُستعر، منها مشهد يرصد غرق مجمع ناصر الطبي بمحافظة خان يونس بمياه الصرف الصحي، ومشهد آخر تحت عنوان "ضحايا المجاعة في أرقام"، ومشهد ثالث يرصد حال ذوي الشهداء وهم يودعون جثامين أبنائهم في مشرحة مجمع ناصر الطبي.

 

مجمع ناصر يغرق بالصرف الصحي
شهد مجمع ناصر الطبي في خان يونس، خلال الساعات الماضية، تدفقاً لمياه الصرف الصحي بين أقسام المستشفى وفي الساحة الخارجية، ما تسبب بتعطيل جزئي لعمل الطواقم الطبية، وخلق مكرهة صحية تهدد سلامة المرضى والمرافقين.
وأوضحت إدارة مجمع ناصر الطبي أن طواقم الصيانة الداخلية باشرت على الفور العمل على معالجة الخلل، إلا أن الفحوص الميدانية بيّنت أن أصل المشكلة يقع في خطوط الصرف الصحي الرئيسة وسط مدينة خان يونس، والتي تعرضت لأضرار جسيمة جراء اعتداءات الاحتلال، ما حال دون إصلاحها حتى الآن.
وأكد المدير الإداري لمجمع ناصر، إياد برهوم، أن قوات الاحتلال تمنع وصول الطواقم الفنية لإصلاح هذه الخطوط، ما يفاقم الأزمة ويؤثر سلباً على الخدمات الصحية المقدمة للمرضى في ظل الظروف الإنسانية القاسية.
وناشدت إدارة المستشفى جميع المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، والهيئات الحقوقية، التدخل العاجل للضغط على الاحتلال لتمكين الطواقم من إصلاح خطوط الصرف الصحي وسط مدينة خان يونس، حمايةً للمرضى وضماناً لاستمرار تقديم الخدمات الطبية دون عوائق.
بينما يتواجد في المجمع العشرات من الجرحى، الذين اضطرت إدارة المجمع لوضعهم في ساحات المستشفى، حيث يتواجدون حالياً على مقربة من تجمع مياه الصرف الصحي، ما يؤثر على حالتهم الصحية، وقد يصيبهم بأوبئة وأمراض جديدة.
وحذرت جهات خدماتية من استمرار المشكلة، ما يهدد أحياء في خان يونس بالغرق، خاصة في ظل سيطرة الاحتلال على مناطق فيها مضخات وبرك تجميع، ومرافق بنية تحتية مهمة لنظام الصرف الصحي.
ووفق الجهات المختصة فإن نظام الصرف الصحي في غالبية مناطق خان يونس معطّل، ومؤخراً جرى تدمير المزيد من الخطوط والشبكات، ما بات يُنذر بكارثة صحية كبيرة، ويهدد بغرق أحياء بأكملها.
كما يُعاني النازحون في منطقة المواصي بسبب عدم وجود شبكات صرف صحي في تلك المنطقة، ويضطر النازحون للاعتماد على حفر امتصاصية للتخلص من الصرف الصحي، بينما تنتشر برك المياه العادمة داخل وفي محيط خيام النازحين.

 

ضحايا المجاعة في أرقام
لا يمر يوم دون الإعلان عن وفاة عدد من المواطنين في قطاع غزة، بينهم أطفال، جراء تباعات المجاعة وسوء التغذية.
ويتراوح حتى الآن عدد الوفيات اليومي بسبب المجاعة بين 4 و10 مواطنين، مع استمرار التحذيرات من أن يصبح عدد الوفيات اليومي أكبر من ذلك بكثير، لا سيما في ظل المضاعفات الصحية الخطيرة التي يعاني منها آلاف المُجوعين.
بينما يواصل أطباء يعملون في عدة مستشفيات في القطاع جهودهم، في محاولة لإنقاذ حياة عدد كبير من المجوعين، الذين يصلون إلى المستشفيات باستمرار، وسط تدهور حاد في الأوضاع الصحية، ونقص شديد في الأدوية، والمحاليل المُغذية، واكتظاظ كبير في المستشفيات.
ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، فقد جرى تسجيل 239 حالة وفاة، حتى ظهر أول من أمس، بسبب المجاعة وسوء التغذية، تم تصنيفهم على النحو التالي: 106 أطفال، 133 بالغاً، بينهم 19 امرأة، و75 من كبار السن، و35 رجلاً فوق سن الـ18.
كما تكشف البيانات الطبية والإنسانية عن مؤشرات خطيرة للغاية، فهناك 40,000 رضيع (أقل من سنة) يعانون من سوء تغذية وحياتهم مهددة، إضافة إلى 250,000 طفل (أقل من 5 سنوات) يعانون من نقص غذاء يهدد حياتهم مباشرة، و1,200,000 طفل (أقل من 18 عاماً) يعيشون حالة انعدام أمن غذائي حاد.
وأكدت وزارة الصحة أن هذه الأرقام الصادمة تعكس حجم الجريمة الممنهجة التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة، باستخدام سياسة التجويع كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وبما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
ودعت وزارة الصحة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وكافة المنظمات الحقوقية، والإنسانية، والقانونية، إلى تحمّل مسؤولياتهم العاجلة لوقف هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، وتأمين تدفق الغذاء والدواء بلا قيود، وإنهاء الحصار، وفتح المعابر فوراً لإنقاذ ما تبقى من حياة المدنيين.
من جهته، أكد برنامج الغذاء العالمي أن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، وبعضهم وصلوا إلى مرحلة يصعب عندها عودة أوضاعهم الصحية كما كانت قبل المجاعة.
وأشار المدير الإقليمي لمنظمة "اليونيسف" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدوارد بيجبيدير، إلى أن عدد الوفيات غير مقبول وكان يمكن منعه، مشدداً على ضرورة السماح للاستجابة الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة، بالعمل بشكل كامل عبر الوصول من دون عوائق للأطفال المحتاجين للمساعدة.

 

بكاء وحزن على بوابة "المشرحة"
على بوابة "المشرحة" في مجمع ناصر الطبي بمحافظة خان يونس، يجلس العشرات من أقارب وأهالي الشهداء، ينتظرون تسلم جثامين أبنائهم، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم.
وتسود أمام المشرحة حالة من الحزن والقهر والغضب، ويتعالى صراخ الثكالى والأرامل، خاصة عند لحظات وداع الجثامين، التي تُسجى في ساحات المجمع.
ويؤدي ذوو الضحايا صلاة الجنازة على الجثامين في ساحة صغيرة أمام مبنى "المشرحة"، ثم يتحركون في موكب صغير باتجاه مقابر مدينة خان يونس المجاورة، ويوارون جثامين أحبتهم الثرى.
وبدت علامات الذهول واضحة على وجه المواطنة "أم عمر"، حين رأت جثمان ابنها الفتى البالغ من العمر 16 عاماً، وقد وضع في كفن من النايلون الأبيض، ولم تصدق أنه غادر الدنيا، وبدأت تصرخ، وتهز جسده وتطلب منه الاستيقاظ.
صراخ "أم عمر" ملأ جنبات المستشفى، ولم ينجح أبناؤها ولا المحيطون بها في تهدئتها، ما اضطرهم لأخذ الجثمان والمغادرة، لكنها ظلت تلحق بهم حتى سقطت بعد أن فقدت الوعي.
مشهد "أم عمر"، يتكرر كل يوم وكل ساعة أمام "المشرحة" المذكورة، إذ التف ذوو الشهيد عز الدين خليل شقفة حول جثمانه وهو مسجى داخل استراحة صغيرة في المجمع، خُصصت مؤخراً لوداع الشهداء، إذ قالت شقيقته إيمان، إنه توجه إلى مركز المساعدات الأميركية لجلب الطعام لعائلته، برفقة اثنين من أشقائه، وجرى استهدافهم بقذيفة، ما تسبب باستشهاده وإصابة شقيقيها الآخرين.
وبينت شقفة، التي كانت تبكي بحرقة في وداع شقيقها، أنها تشعر بالصدمة والحزن، وجاءت إلى المستشفى لوداعه، بعد أن علمت أن الجثمان لن ينقل إلى خيمة العائلة.
وأوضحت أنه ورغم أن مراسم إلقاء النظرة الأخيرة تكون في مكان مفتوح وعلى الملأ، إلا أن لحظات الوداع صعبة وقاسية، وغالبية من يأتون لوداع أحبتهم لا يتمالكون أنفسهم، ويصرخون بأعلى صوتهم، مشيرة إلى أنها تخشى على والدتها، التي ما زالت في حالة صدمة من هول الخبر.
ولفتت إلى أنها شاهدت كل أنواع الحزن والقهر في وجوه من جاؤوا لوداع أحبتهم، وشاهدت إحضار عدد كبير من الشهداء إلى "المشروحة"، ومن يأتي إلى الأخيرة يرى بعينيه كمية القهر والظلم الذي يعاني منه سكان قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق