إعداد: أحمد البشير
يُعد السير جيمس دايسون من أبرز الشخصيات البريطانية في مجال الابتكار والتصميم الصناعي، فهو ليس مجرد مخترع، بل رائد أعمال ذو رؤية واضحة أثرت في حياة الملايين حول العالم.
وُلد دايسون عام 1947، في بلدة كرومر بمقاطعة نورفولك، وعاش طفولة صعبة بعد وفاة والده بمرض السرطان، عندما كان في التاسعة من عمره. ومع ذلك، تمكن من الالتحاق بمدرسة داخلية مرموقة، بفضل دعم من مديرها، وبرز فيها في رياضة الجري لمسافات طويلة، التي علّمته الصبر والإصرار، وهما سمتان رافقتاه طوال مسيرته المهنية.
بدأ دايسون مسيرته التعليمية في مدرسة الفن «بايام شو»، ثم انتقل إلى الكلية الملكية للفنون، ليدرس التصميم الداخلي وتصميم الأثاث. وهناك، وبفضل إرشادات المهندس الإنشائي أنتوني هنت انتقل إلى مجال التصميم الصناعي والهندسة. من أولى ابتكاراته في هذا المجال كان «Ballbarrow»، وهو تطوير مبتكر لعربة اليد التقليدية.
إلا أن الإنجاز الذي جعل اسم دايسون يلمع عالمياً كان اختراعه للمكنسة الكهربائية، التي تعمل بتقنية الفصل الإعصاري، والتي لا تحتاج إلى أكياس. وجاءت الفكرة بعد شعوره بالإحباط من تراجع أداء مكنسته التقليدية، فبدأ تجاربه، في أواخر السبعينات، مدعوماً بدخل زوجته، وقام بتصميم أكثر من 5 آلاف نموذج، قبل أن يصل إلى النموذج المثالي. ورغم أن السوق البريطاني رفض منتجه، نجح في تسويقه في اليابان، حيث نال جائزة مرموقة. ثم أسس شركته الخاصة «دايسون ليميتد»، التي انطلقت بقوة في السوقين البريطاني والعالمي، حتى أصبحت المكانس الكهربائية من دايسون من الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة.
لم يكتفِ دايسون بالمكانس، بل وسّع نطاق ابتكاراته لتشمل «مجفف اليدين»، والمروحة الخالية من الشفرات، والمجفف الصوتي للشعر «Dyson Supersonic»، وغير ذلك من الأجهزة المنزلية المتطورة. وكان دائماً يؤمن بأن الفشل هو طريق النجاح، حيث قال: «فشلت 5,126 مرة قبل أن أنجح في النموذج 5,127، وتعلمت من كل فشل».
وعلى صعيد التعليم، أنشأ دايسون «معهد دايسون للهندسة والتكنولوجيا»، عام 2017، بهدف تدريب المهندسين عملياً وربطهم مباشرة بصناعة الابتكار. كما شغل منصب المدير الأعلى للكلية الملكية للفنون، بين عامي 2011 و2017، ما يؤكد التزامه بتطوير التعليم الهندسي في بريطانيا.
وعلى صعيد الاستثمار في البحث العلمي، أنفقت شركته أكثر من 7 ملايين جنيه أسبوعياً، في 2017، على تطوير المنتجات، وتوسعت بمشاريع كبيرة في «ويلتشاير». كما خطط لإنتاج سيارة كهربائية تعتمد على بطاريات الحالة الصلبة، لكنه أوقف المشروع لاحقاً لأسباب تجارية.
لم تخلُ مسيرته من الجدل، فقد اتهم الصين أكثر من مرة بسرقة براءات اختراعه، كما تعرض لانتقادات بشأن أساليبه الضريبية، خاصة بعد كشف «تسريبات لوكسمبورغ»، التي أظهرت تحويلات مالية لتقليل الالتزامات الضريبية، رغم تصريحاته العلنية الرافضة لذلك من قبل. كما اتُّهم بالنفاق بعد تأييده خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم نقل مقر شركته إلى سنغافورة.
ورغم الانتقادات، فإن مساهماته الخيرية كانت ملموسة. أسس مؤسسة «جيمس دايسون» لدعم تعليم الهندسة، وقدّمت ملايين الجنيهات لجامعات مثل كامبريدج وإمبريال كوليدج، إضافة إلى مساهمات في مشاريع طبية كمركز دايسون للسرطان ومستشفى الأطفال.
دايسون شخصية متعددة الأبعاد، فهو مخترع ملهم، ورجل أعمال ناجح، ومحسن في مجال التعليم والرعاية الصحية، ورغم الانتقادات والجدل، فإن إصراره وابتكاراته غيّرت شكل الحياة المنزلية في العالم، وهو مثال حيّ على أن الشغف بالفكرة يمكن أن يحوّل الفشل المتكرر إلى نجاح عالمي.
جيمس دايسون.. مخترع مكنسة «الفصل الإعصاري» الشهيرة - الكويت الاخباري

جيمس دايسون.. مخترع مكنسة «الفصل الإعصاري» الشهيرة - الكويت الاخباري
0 تعليق