المستهلك الأميركي.. هل هو الخاسر الأكبر من سياسات ترامب؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

خلال الـ 100 يوم الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية، كانت السياسات التجارية من أبرز المحاور التي أثارت الجدل على الساحة العالمية؛ ففي خطوة غير تقليدية، أطلق ترامب موجة من الرسوم الجمركية التي هزت الأسواق العالمية، قبل أن يقرر تأجيل فرضها لمدة 90 يوماً، حيث أتاح ذلك نافذةً للمفاوضات التجارية مع الدول المستهدفة.. بينما السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه اليوم هو: "من هو الخاسر الأكبر في

يتفق عديد من المحللين على أن "المستهلك الأميركي" الذي يواجه تداعيات هذه السياسات بشكل مباشر، من بين أكثر المتأثرين من تلك السياسات، ذلك أنه عند الحديث عن الرسوم الجمركية، لا يمكن إغفال تأثيرها على الأسعار المحلية للمستهلك.

فرض الرسوم على السلع المستوردة من الصين ودول أخرى يؤدي بدوره إلى زيادة تكاليف الإنتاج والتوزيع، مما يدفع الشركات إلى تحميل هذه الزيادة على المستهلكين. كما أن منتجات عديدة، مثل الإلكترونيات، السيارات، والملابس، مهددة بزيادات أكبر في الأسعار نتيجة لتلك الرسوم، وهو ما يثقل كاهل الأسر الأميركية، التي باتت تدفع ثمن السياسات التجارية المعلنة.

ورغم أن الرئيس ترامب يروج لهذه السياسات باعتبارها خطوة لحماية الصناعة المحلية، فإن الحقيقة المعقدة هي أن بعض الصناعات الأميركية تتأثر من جراء الرسوم الجمركية.

المستهلك.. الضحية الحقيقية

وذكر تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، أن فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية ثم وقفها مؤقتاً بشكل متقلب، سبب حيرة للحكومات حول العالم في محاولتها الحد من الاضطرابات الاقتصادية "لكن من المفارقات أن المستهلك الأميركي قد يكون الضحية الحقيقية لهذه الرسوم الجمركية".

يستشهد التقرير بقيام شركة تيمو الصينية للتجزئة الإلكترونية (المعروفة بتقديم منتجات بأسعار مناسبة)، خلال عطلة نهاية الأسبوع، برفع أسعارها متعللة بـ "رسوم الاستيراد".

وخلص تحليل للشبكة إلى أن هذه الرسوم الأميركية قد تتجاوز تكلفة المنتجات نفسها، ما قد يؤدي في النهاية إلى ضعف الطلب على المنتجات.

ويضيف التقرير أن "ما هو أسوأ من ارتفاع الأسعار هو عدم توفر الضروريات اليومية للشراء"؛ فقد تشهد بعض المتاجر الأميركية أرففًا فارغة خلال أسابيع قليلة مع بدء تأثير الرسوم الجمركية على الصين في التأثير على الاقتصاد، وفقاً لشركة إدارة الأصول "أبولو".

ورغم أن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة تفوق بكثير وارداتها منها، كما أشار وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، فإن هذه العلاقة التجارية تعني أن المستهلك الأميركي سيخسر أكثر عندما تتراجع صادرات الصين إلى حد كبير.

ضغوط قصيرة الأجل

يقول المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية، حازم الغبرا، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

"على المدى القصير، سيشكّل التوجه التجاري الجديد للولايات المتحدة بلا شك ضغوطاً على الشركات الأميركية والسوق الداخلية، نظراً لتغير طبيعة العلاقات التجارية الدولية وتكلفة التعديلات الهيكلية المطلوبة". إلا أنه، وإن نجحت خطة الرئيس الأميركي، فسنشهد تبعات إيجابية جمّة على الاقتصاد الأميركي على المدى المتوسط والطويل". يُتوقع أن يرتفع حجم الاستثمارات على الأراضي الأميركية، ويزداد الطلب في سوق العمل، مما سينعكس إيجاباً على مستويات الدخل الفردي. الهدف الأساسي من هذه السياسات هو إصلاح الخلل في الميزان التجاري وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي، بما يحقق مزيدًا من التوازن والاستقرار الاقتصادي".

ثقة المستهلكين

وقبيل نهاية الشهر، أشارت بيانات مؤسسة كونفرنس، إلى هبوط ثقة المستهلك الأميركي إلى أدنى مستوى لها في نحو خمس سنوات في أبريل، مع تزايد المخاوف بشأن الرسوم الجمركية التي أثرت على التوقعات الاقتصادية، وفق رويترز.

وقالت المؤسسة، الثلاثاء، إن مؤشر ثقة المستهلك انخفض بمقدار 7.9 نقطة إلى 86.0 هذا الشهر، وهو أدنى مستوى منذ مايو 2020. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا انخفاض المؤشر إلى 87.5.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في المؤشرات العالمية في المؤسسة، ستيفاني جيشارد: "انخفضت ثقة المستهلك للشهر الخامس على التوالي في أبريل، حيث انخفضت إلى مستويات لم نشهدها منذ بداية جائحة كوفيد".

ضرر كبير

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور أنور القاسم لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

"لقد أثبتت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب أنها تُلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد، خاصة عندما لا يأخذ السياسي (في إشارة لترامب) في اعتباره العواقب التي يتحملها، بدرجة كبيرة، أولئك الذين انتخبوه. إذا استمرت هذه الرسوم الجمركية، فمن المحتمل أن تطغى الصدمات السلبية الناجمة عنها على التأثير الاقتصادي لجائحة كوفيد-19." "تشهد ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة تراجعاً حاداً، حيث وصلت إلى أحد أدنى مستوياتها منذ سنوات، في ظل تصاعد المخاوف من التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية المستمرة".

ويلفت إلى تراجع الدولار خلال الـ 100 يوم الأولى لترامب في البيت الأبيض، وكذلك ما تواجهه الشركات الكبرى من خسائر فادحة، ما يدفعها إلى رفع أسعار منتجاتها لتعويض التراجع الحاد في قيمتها ومبيعاتها، وبما يلقي بظلاله الوخيمة على المستهلك الأميركي.

ومن المتوقع أن تعلن الحكومة الأميركية يوم الأربعاء أن النمو الاقتصادي توقف بشكل حاد في الربع الأول، وسط زيادة في الواردات مع تسابق الشركات لاستيراد السلع لتجنب ارتفاع التكاليف بسبب الرسوم الجمركية.

ومن المرجح أيضا أن يكون الإنفاق الاستهلاكي قد تباطأ بشكل كبير، بسبب استمرار ارتفاع معدلات التضخم فضلا عن المخاوف بشأن تأثير التعريفات الجمركية على الاقتصاد، مما دفع بعض الأسر إلى خفض الاستهلاك للحفاظ على المدخرات، بحسب رويترز.

وأظهر مسح أجرته رويترز أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع على الأرجح بمعدل سنوي قدره 0.3% في الربع الثاني من يناير إلى مارس ، وهو ما سيكون الأضعف منذ الربع الثاني من العام 2022.

المتضرر الأكبر

تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"  إن المستهلك الأميركي هو المتضرر الأكبر من الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس ترامب في الثاني من أبريل قبل أن يؤجلها لمدة 90 يوماً، مشيرة إلى أن هذه الدول (التي شملتها الرسوم) تعد من الموردين الرئيسيين للولايات المتحدة في قطاعات حيوية مثل الملابس والأحذية الرياضية والأجهزة الكهربائية  ومعدات الطاقة الشمسية والمعدات الإلكترونية مثل الهواتف والحواسيب.

وتؤكد رمسيس أن المستهلك الأميركي يهمه الحصول على منتجات بأسعار مناسبة وجودة عالية، أكثر من اهتمامه بحماية الصناعة المحلية، مشيرة إلى أن الاعتماد الأميركي الكبير على المنتجات الصينية كان واضحاً في السنوات الماضية، حتى أن قبعة ترامب مصنوعة في الصين!

وتنبه خبيرة أسواق المال إلى ارتفاع احتمالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، وهو الركود الذي قد يمتد إلى الأسواق العالمية، لا سيما دول الاتحاد الأوروبي، ما لم تتمكن الدول من تعزيز نقاط قوتها الاقتصادية والتعاون مع اقتصادات نامية لتفادي تبعات التضخم والركود.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق