كتبت يوسف الشايب:
تحت عنوان "عينٌ تحدّق بالتفاصيل"، افتُتح في المتحف الفلسطيني ببلدة بيرزيت، أمس، معرض فني طلابي يحاكي أعمال الفنان جواد إبراهيم، وجدارية الفنان الراحل مصطفى الحلاج، بمشاركة ما يزيد على 120 لوحة، وبتنظيم من وزارة التربية والتعليم بالشراكة مع المتحف.
وتأتي هذه المبادرة، حسب مدير عام الأنشطة في وزارة التربية والتعليم، حامد أبو مخو، في سياق توجه الوزارة، ضمن خطتها التربوية، إلى تنمية الحس الفني والجمالي لدى الطلبة، وتشجيعهم على البحث، وتكوين معرفة نقدية حول الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية والعالمية، وتعزيز الوعي البصري، والاطلاع على إسهامات الفنان الفلسطيني في المشهد الفني العالمي.
بدورها، أشارت رئيس قسم النشاط الفني في الوزارة، الفنانة رانية العامودي، إلى أن المعرض يضم أعمالاً متنوعة تمثل جميع المراحل المدرسية، بحيث تناول طلاب الصفوف من الأول إلى الرابع الأساسي موضوع "أرسم نفسي كشخصية مشهورة"، فتأملوا ذواتهم في استكشاف ملامح البطولة والتميّز التي تسكن وجوههم الصغيرة، ودواخلهم الكبيرة.
أما طلاب الصفوف من الخامس إلى التاسع الأساسي، فانطلقوا في رحلة بحث بصرية وفنية في أعمال الفنان جواد إبراهيم، بحيث تعلموا برفقة معلّميهم ومشرفي الوزارة المختصين، عن ألوانه، وخطوطه، وأسلوبه الفني، كما تعرفوا إلى المواضيع التي شكلت عالمه البصري.
الطالبة أمار جواد شبانة (13 عاماً) من مدرسة بنات سنجل الأساسية، واختارت لوحة مفتوحة على عديد التأويلات والرموز للفنان جواد إبراهيم لمحاكاتها على طريقتها الخاصة، أشارت إلى أن هذا الاختيار لم يكن اعتباطياً، فألوان اللوحة وتركيبها يعكسان العديد من الأمور كما وجدت، فاللونان البرتقالي والبنفسجي يعكسان حالة من التمزق النفسي لتكوين الشخص المرسوم، في حين تعكس النقاط السوداء الطاقة السلبية المجتمعية المحيطة به، وكأن اللوحة تظهر بأنه شخص يبدو عادياً في تكوينه الخارجي، لكنه من الداخل ليس كذلك، كما أن الغيمة التي تعلو رأسه، تحوي العديد من الرموز الدالة على ما يشغله من أفكار تجعله متوتراً، في ظل سعيه الدائم للكمال الذي لا يمكن أن يصل إليه أحد.
ولفتت شبانة إلى أن اعتداءات جيش الاحتلال المستمرة على بلدتها سنجل، خاصة المنطقة التي تقطن بها، وأيضاً تلك التي تطال مدرستهن، تزيدها إصراراً على البحث عن وسائل مبتكرة للمقاومة، وهنا وجدت في الفنون ضالتها، عبر هذا المشروع التي أنتجت عبره لوحتها في معرض جماعي.
الطالبة نور موسى خصيب (14 عاماً)، من مدرسة بنات مزارع النوباني، كانت لها لوحة في محاكاة أخرى لأحد أعمال الفنان نفسه، مشيرة إلى أن مشاركتها هذه ساهمت في تطوير موهبتها في الفن عامة، والرسم على وجه الخصوص، وإلى أن اختيارها لهذا العمل تحديداً يأتي لتكوينه الفني وتوزيع الكتل داخله، لجهتي الأشكال والألوان، ولكونه يعكس واقع حياتنا المعاشة في فلسطين، التي نراها جميلة، أو نريدها كذلك، رغم صعوباتها الكثيرة، معربة عن رغبتها بالاستمرار في هذا المجال مستقبلاً.
واختار اليافعون من الصفيّن العاشر والحادي عشر العمل على مشروع الجداريّات، فتناولوا جدارية "نهر الحياة" للفنان مصطفى الحلاج، في محاكاة لأسلوبه وألوانه وأدواته، مقتربين أكثر من عالمه الرمزي والإنساني.
وفي وقت احتفى به المتحف الفلسطيني، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، بأعمال الطالبات والطلاب الفائزين بهذه المبادرة، عبر عرضها في أروقة المتحف، شدد الفنان جواد إبراهيم على أهمية هذه المبادرة في مد الجسور بين الفنان الفلسطيني والموهوبين من طالبات وطلاب المدارس، مؤكداً على أهمية التجديد، والتحرر من المفاهيم التقليدية، للخروج بفنٍ لا يتنازل عن أصالته، ولكنه يتجدد في طرق التعبير عن القضايا الجمعية والفردية التي تهمه، لافتاً إلى أن العديد من المواهب قد تولد أو تكتشف عبر مبادرات كهذه.
أخبار متعلقة :