كتب يوسف الشايب:
"كانت أمسية استثنائية".. "أبدعن".. "اقتحمن دواخلنا بأصواتهن والأغنيات".. كانت هذه بعضا من التعليقات العابرة بعد الأمسية الغنائية الموسيقية الوطنية، لفرقة "بنات القدس" بقيادة الموسيقار سهيل خوري، مساء أول من أمس، في قصر رام الله الثقافي.
وتأتي الأمسية التي حملت عنوان "نور"، وهي إحدى الأغنيات التي قدمتها الفرقة التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، ضمن فعاليات مهرجان "الياسمين" 2025، وينتظم تحت شعار "غزة الشعب الصامد".
وأغنية "نور"، صدرت قبل قرابة الشهر، وكتبها الأسير الشاعر أحمد العارضة عقب استشهاد شقيقه نور، وهو يقاوم الاحتلال في نابلس.
وحضور الشهداء والأسرى كان طاغياً في عرض فرقة "بنات القدس"، التي قدمت أيضاً أغنيتها "وتبقى شيرين" لروح الصحافية شيرين أبو عاقلة، التي اغتالها قناص في جيش الاحتلال الإسرائيلي عند أحد مداخل مخيم جنين، في 11 أيار 2022، وهي من كلمات فداء القطب وألحان وتوزيع سهيل خوري.
كما قدمت الفرقة، ولأول مرّة، ومن كلمات فداء القطب، أغنية "رفاق الدرب"، مستوحاة من حكاية كان سردها سهيل خوري عن فترة اعتقاله في انتفاضة الحجارة، بسبب "كاسيت الانتفاضة"، كما بات يسمى تداولاً، مع أن عنوانه الفعلي كان "شرار"، هو الذي كان قد صنع من أدوات بلاستيكية في السجن، كما أشار لـ"الأيام"، ناياً، وكان يعزف عليه، ما أثار حفيظة الاحتلال، لافتاً إلى أن هذه الحكاية التي خرج منها بمقطوعة موسيقية، ألهمت كما المقطوعة الشاعرة القطب بكتابة كلمات حولها، فكانت الأغنية، التي أطلقت في حفل "نور" لفرقة بنات القدس، وبلحن وتوزيع جديدين لخوري نفسه، لا يمت للمقطوعة الموسيقية السابقة بصلة.
أما أغنية "شادي أبو سمرة"، فتتحدث عن اعتقال الاحتلال شادي خوري، ابن مايسترو الفرقة لدى الاحتلال، ومن ثم فرض الإقامة الجبرية عليه في منزل عائلته بالقدس، وهي من ألحان سهيل خوري أيضاً عن كلمات عبد الله لحلوح، أستاذ اللغة العربية في مدرسة الفرندز، حيث يدرس شادي، وحيث أطلق طلابها من أصدقائه وزملائه وسم "شادي بطل".
ولم تغب غزة، التي تعاني حرب إبادة، عن الحفل، فكان الختام مع الأغنية ذائعة الصيت "سلام لغزة"، وكتب كلماتها فؤاد سروجي، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2014، كما قدمت الفرقة أغنية "غزة" من كلمات وسيم الكردي، ولحنهما وقام بتوزيعهما موسيقياً، كما بقية أغنيات عرض "نور"، الموسيقار سهيل خوري.
أما القدس، التي خرج منها ولا يزال فيها المعهد كما الفرقة وبناتها، فحضرت عبر أغنية "صرخة من القدس" من كلمات وألحان الفنانة الاستثنائية الراحلة ريم بنا، وتوزيع سهيل خوري، وأغنية "يا قدس وين الروح" من كلمات وسيم الكردي، وكذلك عبر أغنية "القدس الخالدة"، وقام بتعريب كلماتها المطران إيليا خوري، وهو مطران القدس الذي أبعد إلى الأردن بعد احتلال العام 1967، وعاش حياته مناضلاً، وفي وقت لاحق، أضافت تانيا ناصر كلمات أخرى لنص الأغنية، وموسيقاها من لحن موسيقي عالمي معروف لستيفن آدامز، الذي شارك سهيل خوري في توزيعها أيضاً.
ووسط تفاعل كبير من الحضور الذي غصت به قاعة قصر رام الله الثقافي، قدمت "بنات القدس" أغنيات متعددة في برنامجها الذي امتد على ثلاث عشرة أغنية، كأغنية "فلتسمع كل الدنيا" من ألحان الموسيقار الراحل حسين نازك عن كلمات الشاعر توفيق زياد، و"نيالك يا عصفور" الأغنية الشهيرة للفنانة القديرة ريما ترزي، وأصدرتها في يوم الطفل العالمي العالم 1976، وأهدتها من خلال الفرقة إلى أطفال غزة، من كلماتها وألحانها وتوزيع الفنان طارق عبوشي، و"على ظهر الخيل" من كلمات وسيم الكردي وألحان وتوزيع سهيل خوري.
وكان لافتاً من بين الأغنيات "لأ يا ناس مش هيك"، وهي أغنية سياسية ساخرة، تعود إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأطلقتها فرقة "بنات القدس"، مؤخراً، عبر صفحتها وصفحات معهد إدوارد سعيد الوطني في موقع "يوتيوب" المتخصص، ومواقع التواصل الاجتماعي.
والأغنية لاذعة تنتقد الفساد والمحسوبية والتملق، وكتب كلماتها منذ ما يزيد على خمسين عاماً إبراهيم سعادة، وهي من ألحان الفنان إيميل عشراوي، الذي شارك في توزيعها برفقة خوري، في لوحة فنية قد تبدو مغايرة شكلاً ومضموناً عن بقية أغنيات العرض، لكنها لا تخرج عن سياق آليات التعاطي مع الراهن الفلسطيني، الذي هو انعكاس لحقيقة كون النكبة مستمرة، ولا تزال.
أخبار متعلقة :