الكويت الاخباري

"نور".. من زنازين الاحتلال إلى حناجر "بنات القدس"! - الكويت الاخباري

 

كتب يوسف الشايب:

 

"نور" هو عنوان العرض الموسيقي الذي من المقرر أن تقدمه فرقة "بنات القدس" التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، مساء العاشر من الشهر الجاري، على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي، ضمن فعاليات مهرجان "الياسمين" 2005.
ويحمل العرض عنوان أغنية من إنتاج المعهد، كتب كلماتها الأسير أحمد العارضة لروح شقيقة الشهيد نور الدين تيسير العارضة، الذي استشهد برصاص الاحتلال مقاوماً، رفقة الشهيدين سعد ماهر الخراز ومنتصر سلامة، على جبل جرزيم، بمدينة نابلس، التي كان يقطنها جميعهم، صباح الخامس والعشرين من تموز 2023.
والأغنية، التي لحنها الموسيقار الفلسطيني سهيل خوري، أطلقها معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، رسمياً، يوم "الجمعة العظيمة"، في الثامن عشر من نيسان الماضي، أرفقت بشرح عبر "يوتيوب"، مفاده: حين صرخ أحمد العارضة لأخيه: "لا تبتعد أكثر"، كان يعيد صياغة النداء الإنساني القديم تحت الصلب، وحين قال: "حطم صليبك يا يسوع"، لم يكن يخاطب المسيح وحده، بل كان ينادي الفلسطيني الذي ما زال يحمل صليبه يومياً، في جنازات الشهداء، وفي سجون الاحتلال، وعلى درب الجلجلة الممتد من القدس حتى نابلس، ففي فلسطين، الصلب ليس مشهداً من الماضي، بل جمعة عظيمة لا تنتهي، وصلبانها لا تسقط.
وحول حكاية الأغنية والعرض أشار خوري في حديث لـ"الأيام" إلى أن أحد أصدقائه جاء رفقة شقيق كاتب الأغنية الأسير الشاعر أحمد العارضة، لوضع موسيقاها، وكان ثمة اتجاه لديه لتغنيها الفنانة أميمة خليل، إلا أن الأمور لم تتم، فاقترحت عليه أن أؤلف الموسيقى الخاصة بها لصالح فرقة "بنات القدس"، وهو ما كان.
ووصف خوري كلمات الأغنية بالمؤثرة والمعبرة والعميقة، و"الصعبة" لجهة النص والتلحين، لافتاً إلى أنها تطلبت وقتاً وجهداً كبيرين، لكنه كما الجمهور ممن استمع إليها كان راضياً عن النتيجة، والشكل الذي خرجت فيه من حناجر "بنات القدس"، خاصة أن طبيعة الكلمات فرضت لحناً عميقاً يوازيها، لافتاً إلى أنها، بالنسبة له، واحدة من أبرز المحطات الفنية في مشواره الطويل، شأنها شأن "مريم غزة" عن كلمات الشاعر إبراهيم نصر الله، و"الفوانيس".
وبخصوص إطلاقها بالتزامن مع "الجمعة العظيمة"، شدد خوري على أن كلماتها تتناسب وهذه المناسبة، ففي إحدى عباراتها يقول: "حطّم صليبك يا يسوع"، وفيها دعوة لاستمرار الثورة ضد الظلم، والسير على خطى الثائر يسوع، ما يعكس فهماً عميقاً لدى الأسير العارضة حول العقيدة المسيحية، فكان إطلاقها للتأكيد على فكر يسوع والمسيحية، في "الجمعة العظيمة"، الذي يقوم على الصبر، والفداء، والتضحية والثورة على الظالم، خاصة أن كلماتها ليست تحريضية كما طبيعة الأغنيات الوطنية، بل يغلفها عمق غير مسبوق.
ولفت إلى أن "بنات القدس" ليس عبارة عن تجمع لفتيات من ذوات الأصوات الجميلة، بل هو مشروع جماعي يتراكم، ويحدث صداه، منذ ما يزيد على اثني عشر عاماً، فالأغنية بمعناها، بعيدة عن السائد المتمحور حول فكرة "البطل المطرب" أو "النجم"، والفرقة عبارة عن فرقة تضم فتيات يمكن للعديد منهن أن يبدعن كمغنيات منفردات.
من جهتها أشارت المغنية في الفرقة، هانيا ناصر الدين، إلى أن حكاية الأغنية كونها عن نص لأسير مهدى إلى روح شقيقه الأسير، الذي حرم من المشاركة في جنازته، تجعل منها أغنية ذات وقع خاص، لافتة إلى أنه لم يكن من السهل تقمص الحالة، لولا لحن الأغنية والتوزيع الموسيقي لها، "فلو قدمناها دون موسيقى لما خرجت على ما هي عليه بالمطلق"، كاشفة عن أن "نور" ستكون آخر أغنيات العرض الذي يحمل اسمها.
دُنى عيّاد، المغنية في الفرقة ذاتها، لفتت إلى أن فهم الكلمات، وحكاية الأغنية، من شأنه أن يُخرج منّا أفضل ما لدينا، فحين "يخبرنا"، تخرج منا الأغنية مجبولة بالمشاعر الصادقة والحيّة، مؤكدة على أن للأغنية "نور" خصوصية بالنسبة لها كونها تعكس بكلماتها ولحنها وقصتها رمزيات ودلالات إنسانية ووطنية متعددة.
ويأتي اختيار "نور" ليكون عنوان العرض، كونها تمثل رمزاً لما نعيشه ونعايشه، حيث الشهداء يومياً في ظل حرب الإبادة المستمرة في غزة، وتتوسع يومياً في الجغرافيا الفلسطينية المحتلة، علاوة على كونها تعبيراً عن إنجاز يتحقق سواء للفرقة، أو لقائدها ومؤسسها لجهة التأليف الموسيقي المرافق لها.

 

أخبار متعلقة :