هل يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح لحماية حياة الأم؟ الإفتاء تجيب - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه «ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين حال وجود خطر على الأم أو عند وجود تشوهات خَلقية بالجنين؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: ان «الإجهاض» بعد نفخ الروح في الجنين لا يجوز بأي حال من الأحوال إلا في حالة واحدة فقط وهي «الضرورة الشرعية».

ونوهت أن هذه الضرورة تُقدّر من قِبل طبيب مسلم عادل موثوق في رأيه، فإن قرر هذا الطبيب أن استمرار الحمل سيُعرض الأم إلى خطرٍ حقيقيٍ على حياتها أو سيؤدي إلى «استئصال رحمها» أو يُصيبها بعجز دائم أو مرض عضال لا يُرجى شفاؤه، فإن الشريعة الإسلامية في هذه الحالة تُجيز الإجهاض وتعتبره من باب دفع الضرر الأكبر بضرر أصغر.

ولفتت إلى أن هذه القاعدة الفقهية تنطلق من مبدأ حفظ النفس الذي يُعد من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، فحياة الأم التي هي أصل في الوجود تُقدَّم على حياة الجنين الذي لم يُولد بعد، طالما أن بقاءه يمثل تهديدًا وجوديًا لها.

حكم الاجهاض بعد نفخ الروح بسبب تشوهات الجنين

وأوضحت الإفتاء ان «تشوه الجنين»،  لا يبرر الإقدام على «الإجهاض»، فالجنين حتى وإن كان مشوهًا فإن له كرامة الإنسان الكامل مادام حيًا في رحم أمه، ولا يجوز إسقاطه لمجرد العيوب الخَلقية أو لأن الأطباء يتوقعون عدم استمراره في الحياة بعد الولادة، فالقاعدة الشرعية تنص على أن اليقين لا يزول بالشك، واحتمالية موت الجنين لا تُعتبر يقينًا يُجيز القتل أو الإجهاض.

وبينت أن العلماء أجمعوا على أن الجنين إذا بلغ من العمر في بطن أمه «120 يومًا» وهي المدة التي تُعرف بنفخ الروح فيه، فإنه يُصبح في حكم النفس البشرية الكاملة، ويُحرَّم «الإجهاض» حينها تحريمًا قاطعًا لا جدال فيه، بل ويُعد قتلًا للنفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق.

واستشهدت بعدد من الآيات القرآنية الواضحة منها قوله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» في سورة الأنعام، وقوله سبحانه: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ» في سورة الإسراء، مشيرة إلى أن هذه النصوص تقطع بحرمة «الإجهاض» بعد هذه المرحلة إلا إذا توافرت الضرورة كما سبق.


واضافت: أما إذا لم يبلغ عمر الجنين 120 يومًا بعد، فهنا يوجد خلاف فقهي بين المذاهب الإسلامية، حيث ذهب بعض العلماء إلى تحريم «الإجهاض» مطلقًا حتى في هذه المرحلة، وهو ما ذهب إليه المالكية والظاهرية، بينما رأى بعض الفقهاء الكراهة في الإجهاض مطلقًا دون اعتبار للظروف، وهو رأي بعض فقهاء المالكية، ومنهم من أجاز الإجهاض قبل نفخ الروح إذا وجد عذر معتبر، وهذا رأي بعض الأحناف والشافعية.

ورغم هذا الخلاف، فإن الرأي الراجح والمُعتمد في الفتوى هو «تحريم الإجهاض مطلقًا» سواء تم قبل أو بعد نفخ الروح، إلا إذا وُجدت ضرورة شرعية قائمة تستند إلى رأي طبي موثوق، وهو ما يُمثل توازنًا بين رأي الشرع وتقدير الواقع.

وشددت الإفتاء  على أن «الإجهاض» لا يجوز إلا في حالات الضرورة، وهذه الضرورة يجب أن تُثبت طبيًا بشكل قاطع، ولا يجوز للأم أو للأسرة اتخاذ قرار الإجهاض لمجرد التخوف أو اليأس أو تشخيص غير دقيق، فحياة الجنين لا تُقاس بجودة حياته أو مدى سلامة أعضائه، وإنما تُقاس بوجوده نفسه، وإذا كانت ولادته صعبة أو معقدة فهذا ليس مبررًا كافيًا للجوء إلى الإجهاض، طالما يمكن توليد الأم بطريقة قيصرية أو جراحية دون المساس بحياتها.

وأكدت انه لا يجوز قتل الطفل المشوه بعد ولادته بدعوى إعاقته، فكذلك لا يجوز إسقاط الجنين المشوه في رحم أمه لهذا السبب، لأن كليهما يُعد حيًا ويتنفس ويتحرك ويتغذى، ومن ثم فإن كرامة الحياة لا تنتقص بسبب وجود خلل عضوي أو تشوه خلقي.

و شددت  الإفتاء فى ختام فتواها على أن «الإجهاض» ليس قرارًا شخصيًا تتخذه المرأة وحدها، وإنما هو أمر يرتبط بحياة إنسان آخر في رحمها، ولذا يجب أن يُتخذ بناء على مشورة أهل العلم والدين والطب، وعلى أساس الضرورة الملحة وليس على مجرد الظنون والتوقعات.

وذكرت أن الشريعة الإسلامية تحترم العلم وتُقدره ولكنها في الوقت نفسه لا تُخضع حياة الإنسان لمجرد التنبؤات، لذلك فإن قرارات مثل الإجهاض يجب أن تتم وفق ضوابط دقيقة تحفظ التوازن بين «كرامة الجنين» و«حياة الأم»، وتُراعي المقاصد العليا للإسلام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق