تعيش غزة حصارا خانقا فيما يزداد خطر المجاعة، في ظل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023.
وقال ريك بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم الثلاثاء إن معدلات سوء التغذية في غزة ترتفع وحذر من أن الجوع يمكن أن يؤثر بشكل دائم على "جيل كامل".
وكشف أحدث تقييم صادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، أمس الاثنين أن نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر الموت جوعا.
وذكر بيبركورن أنه رأى أطفالا في مراكز طبية يبدون أصغر من سنهم بسنوات، وزار أيضا مستشفى في شمال غزة تبين أن 11 بالمئة من الأطفال الذين جرى فحصهم به يعانون من سوء التغذية الحاد.
وقال في مؤتمر صحفي عبر رابط فيديو من دير البلح "ما نراه هو تزايد سوء التغذية الحاد بشكل عام. لقد رأيت طفلا عمره خمس سنوات ويمكن للمرء أن يقول إن عمره عامين ونصف".
وأضاف "بدون توفير التغذية والمياه النظيفة والرعاية الصحية سيتضرر جيل كامل بشكل دائم"، وحذر من تدهور الأحوال الصحية والتقزم وضعف النمو الإدراكي.
وقال بيبركورن إن منظمة الصحة العالمية، وبسبب الحصار، ليس لديها إلا مخزونات تكفي لعلاج 500 طفل ممن يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو جزء ضئيل فقط من الاحتياجات.
إعلان
وأضاف، نقلا عن إحصاءات وزارة الصحة في غزة، أن 55 طفلا توفوا بالفعل بسبب سوء التغذية الحاد.
وأشار بيبركورن إلى أنه رأى الكثير من الأطفال في المستشفيات مصابين بأمراض مثل التهاب المعدة والأمعاء والالتهاب الرئوي، والتي قد تنهي حياتهم نظرا لانخفاض مناعتهم بسبب الجوع.
وقال "عادة لا يموت المرء من الجوع، بل يموت من الأمراض المرتبطة به".
خطر المجاعة
وامس الاثنين قال تقرير نشرته الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني إن خطر المجاعة في غزة يتزايد بسبب الحصار المستمر وتعمد منع تقديم المساعدات الإنسانية، وخاصة الأغذية.
وأضاف "يواجه سكان غزة جميعا، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، نقصا في الأغذية منذ أمد طويل، وبشكل خاص يقاسي نحو نصف مليون نسمة وضعا كارثيا، إذ تتهددهم مخاطر الجوع وسوء التغذية الحاد والمجاعة والمرض وفقدان الحياة. وهذه الأزمة الحادة التي تتكشف أمام أعيننا مباشرة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم".
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "ليس علينا انتظار إعلان رسمي بوجود مجاعة في غزة لكي نعرف أن الناس بالفعل يتضورون جوعا ويعانون المرض ويفقدون حياتهم جراء ذلك، في حين أن الأغذية والأدوية على بعد دقائق من الحدود. ولقد أظهر تقرير اليوم أن الوضع سيستمر في التدهور ما لم تجر إتاحة الغذاء والإمدادات الأساسية على الفور، وهذا التدهور سيسبب المزيد من الوفيات والسقوط في هوة المجاعة".
وصحيح أنه لم تعلن المجاعة بعد، ولكن الناس يتضورون جوعا الآن بالفعل. وبالنسبة إلى الحرمان من الغذاء، فإن ثلاثة أرباع سكان غزة في المرحلة الرابعة (الطوارئ) والخامسة (الكارثة) على مقياس شدة انعدام الأمن الغذائي، وهما أسوأ مستويين لانعدام الأمن الغذائي والحرمان التغذوي.
وقال البيان "إن الناس في غزة محاصرون في حلقة مفرغة شديدة الخطورة، ذلك أن سوء التغذية يضعف مناعة الأجسام ويجعلهم عرضة للأمراض التي بدورها تشتد آثارها عليهم بسبب سوء التغذية الحاد، الأمر الذي يحول الأمراض الشائعة إلى حكم بالإعدام المحتمل، ولا سيما بالنسبة إلى الأطفال. ومثال ذلك كيف يتسبب سوء التغذية في ضعف الجسم، ما يجعل من الصعب الشفاء من الإصابات أو مكافحة الأمراض المعدية الشائعة مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة. في المقابل، تزيد العدوى حاجة الجسم إلى التغذية، وتقلل في الوقت نفسه من مدخول المغذيات وامتصاصها، ما يؤدي إلى تفاقم سوء التغذية. وبسبب تعذر الوصول إلى الرعاية الصحية، وانخفاض معدلات التغطية باللقاحات، ومحدودية فرص الحصول على المياه النظيفة وتدني خدمات الصرف الصحي، وزيادة المخاوف بشأن حماية الأطفال، فإن مخاطر المرض الوخيم وحتى الموت آخذة في التزايد، ولا سيما بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم، ويحتاجون إلى العلاج على وجه السرعة للبقاء على قيد الحياة".
إعلان
وأضاف البيان "إن الحوامل والمرضعات أيضا معرضات بشدة لخطر سوء التغذية، ويتوقع حاجة قرابة 17000 منهن إلى العلاج من سوء التغذية الحاد على مدى الأشهر الأحد عشر المقبلة، إذا لم يتغير الوضع المؤلم. وتكافح الأمهات اللائي يعانين سوء التغذية لإدرار ما يكفي من الحليب المغذي، ومن ثم فإن أطفالهن عرضة للخطر، وعلاوة على ذلك كله فإن تقديم خدمات المشورة للأمهات عرضة لمخاطر شديدة. وتجدر الإشارة إلى أن حليب الأم هو أفضل وسيلة للحماية من الجوع والمرض بالنسبة إلى الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر، خاصة في حالة ندرة المياه النظيفة كما هو الحال في غزة".
وقال البيان "وقد تستمر الآثار والأضرار الطويلة الأجل الناجمة عن سوء التغذية مدى الحياة، متخذة صورا عدة مثل التقزم وضعف النماء الإدراكي واعتلال الصحة. لذا فإن جيلا بأكمله معرض للضرر الدائم ما لم يتوفر الطعام الكافي المغذي والمياه النظيفة وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية".
واكد البيان أن "الخطة التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية مؤخرا لإيصال الأغذية وغيرها من المواد الأساسية إلى جميع أنحاء غزة عن طريق مواقع التوزيع المقترحة فهي غير كافية على الإطلاق لتلبية الاحتياجات الفورية لأكثر من مليوني شخص. وتجدد منظمة الصحة العالمية تأييدها لدعوة الأمم المتحدة إلى التمسك بالمبادئ الإنسانية العالمية المتمثلة في احترام الإنسانية وعدم التحيز والاستقلالية والحياد، وإلى احترام هذه المبادئ، وإلى إتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، من أجل تقديم المساعدات إلى الناس وفقا لاحتياجاتهم وأينما كانوا. وبالمقابل يوجد بالفعل نظام راسخ ومثبت الكفاءة لتنسيق العمل الإنساني، تقوده الأمم المتحدة وشركاؤها، ويجب السماح له بالعمل بشكل كامل لضمان إيصال المساعدات بطريقة منظمة ومنصفة وفي الوقت المناسب".
إعلان
تراجع الوجبات اليومية المقدمة 70 بالمئة
وقال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا الأسبوع 70 بالمئة، مقارنة بالأسبوع الماضي.
وشدد في تصريحات خلال مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الثلاثاء، على أهمية دخول الفرق الأممية إلى غزة وتحديد احتياجات الفلسطينيين ميدانيا.
المتحدث الأممي أشار إلى أن عدد الوجبات اليومية في قطاع غزة انخفض من 840 ألف وجبة الأسبوع الماضي إلى 260 ألفا، أي بتراجع 70 بالمئة.
وأكد دوجاريك أن المساعدات الإنسانية لا تقتصر على الغذاء فقط.
وأشار إلى ضرورة تقديم خدمات المياه والصحة والتغذية والتعليم والحماية بشكل مباشر للفلسطينيين بقطاع غزة.
وحذر المتحدث الأممي من أن الوقود بدأ ينفد في منشآت الصحة والمياه داخل القطاع الفلسطيني الذي تواصل إسرائيل حصاره المشدد منذ مارس/ آذار الماضي.
ومضى قائلا: الرعاية الصحية في غزة باتت على حافة الانهيار، حيث تواجه المستشفيات أعدادا كبيرة من الجرحى في ظل نقص حاد في المستلزمات الأساسية والمعدات والدم والكوادر الطبية.
وتواصل إسرائيل حرب إبادة واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت تلك الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
المصدر : الجزيرة + الأناضول + منظمة الصحة العالمية
0 تعليق