خبير تربوي: تدريس التربية الجنسية في المدارس ضرورة مشروطة بضوابط تربوية صارمة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

أكد الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، أن الدعوات المتكررة لتدريس التربية الجنسية في المدارس تستند إلى مبررات واقعية، لكنها تتطلب تعاملًا بالغ الحذر، وإطارًا تربويًا وأخلاقيًا دقيقًا لضمان تحقيق الأثر الإيجابي المرجو، وتجنب النتائج العكسية التي قد تنشأ عن التناول غير المنضبط لهذا الموضوع الحساس.

وقال حجازي إن قضية تدريس التربية الجنسية أثارت ولا تزال تثير جدلًا واسعًا في الأوساط المجتمعية، مشيرًا إلى أن هذا الجدل ينبع في الأساس من الغموض الذي يحيط بمحتوى أي مقترح يتم طرحه بهذا الشأن، فضلًا عن وجود اتجاه لدى البعض إلى تحميل المؤسسة التعليمية مسؤولية واحدة من أعقد المهام التربوية، وهي تدريب النشء على حماية خصوصيتهم الجسدية، وذلك من خلال مقرر دراسي يُقترح أن يُدرّس تحت مسمى "التربية الجنسية" أو "الثقافة الجنسية".

وأوضح أن هناك عدة دوافع تقف خلف المطالبة المتكررة بإدراج مثل هذه المقررات ضمن المنظومة التعليمية، في مقدمتها قصور دور الأسرة في تقديم التوعية والتثقيف الجنسي المناسب، وضعف قدرات كثير من أولياء الأمور في تدريب أبنائهم على صون خصوصيتهم الجسدية، إضافة إلى تكرار حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال مؤخرًا، وهي حوادث كشفت عن ضعف معرفة الأطفال بالطرق السليمة لحماية أنفسهم والتصرف عند التعرض للخطر.

وشدد حجازي على أنه في حال وجود نية جادة لتدريس هذا النوع من المقررات، فلا بد من الالتزام بعدة اعتبارات ضرورية تبدأ من إعادة النظر في تسمية المقرر ذاته.

وقال إن استخدام مسميات مثل "التربية الجنسية" قد يثير فضول الطلاب ويدفعهم للبحث عن مضامين لا تمت بصلة إلى المحتوى التوعوي المقترح، مشيرًا إلى إمكانية استخدام بدائل أكثر حيادية مثل "التربية الحياتية" أو "المهارات الحياتية"، بما يخفف من حدة التحفظ المجتمعي.

وأضاف أن المحتوى المقترح ينبغي ألا يتجاوز المفاهيم الأساسية المرتبطة بحماية الخصوصية الجسدية والتعامل مع حالات انتهاكها، على أن يُدمج ضمن منهج أوسع يشمل مهارات حياتية متنوعة، حتى لا يكون قاصرًا على جانب واحد دون غيره.

وأكد حجازي أهمية إعداد منهج متخصص يتناسب مع طبيعة كل مرحلة عمرية، مع تدريب المعلمين المكلّفين بتدريس هذا المحتوى تدريبًا متخصصًا يتناول الجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية للطلاب، وذلك لضمان توصيل الرسائل التوعوية بشكل آمن ومهني.

وأشار إلى ضرورة التدرج في تقديم هذا المحتوى، موضحًا أن المرحلة الابتدائية يجب أن تركز على مفاهيم أساسية مثل حماية خصوصية الجسد والتفرقة بين اللمسات الآمنة وغير الآمنة، بينما يمكن للمرحلة الإعدادية أن تتناول موضوعات أوسع مثل مفهوم الزواج المقبول اجتماعيًا ومخاطر العلاقات غير الشرعية، أما المرحلة الثانوية فيمكن أن تشمل توعية شاملة بالتغيرات النفسية والجسدية المرتبطة بمرحلة المراهقة.

وتابع أن من الضروري أن يتضمن المقرر التوعوي محاور واضحة لمكافحة جميع أشكال التحرش الجنسي، بما فيها التحرش الإلكتروني، مع شرح طرق الإبلاغ السليمة، وآليات الوصول إلى الدعم النفسي، بما يضمن توفير بيئة آمنة للطلاب.

وشدد حجازي على أهمية إشراك الأسر في جهود التوعية من خلال برامج توعوية موازية، باعتبار الأسرة شريكًا أساسيًا في دعم القيم والرسائل التربوية، لا سيما في الموضوعات التي تتقاطع مع المرجعيات الدينية والثقافية والاجتماعية السائدة في المجتمع.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن تدريس مثل هذا النوع من المقررات يجب أن يتم بلغة تربوية مناسبة للفئة العمرية، مع الاعتماد على أساليب غير مباشرة في الشرح، تراعي الفروق الفردية والخصوصيات النفسية لكل مرحلة، مع ضرورة إشراك الأخصائي النفسي في عملية التدريس كعنصر أساسي لما له من دور في تقديم المحتوى بطريقة آمنة وداعمة نفسيًا.

وأكد أن وجود آلية دائمة لتقييم أثر المقرر على سلوكيات الطلاب أمر لا غنى عنه، لضمان تحقيق الأهداف الوقائية والتوعوية، وتفادي أي آثار سلبية قد تنشأ عن التطبيق غير المنضبط. وأضاف: "هذه الاعتبارات ليست تفاصيل شكلية، بل تمثل جوهرًا تربويًا وأخلاقيًا يحدد مدى مشروعية هذا المقرر وقبوله داخل المنظومة التعليمية والمجتمع ككل".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق