اعرف نبيك الدعوة السرية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

بدأ الرسول صلي الله عليه وسلم بالدعوة إلي الإسلام في مكّة المُكرَّمة بأمري من الله -تعالي-» إذ قال: "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ. وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ".. فبدأ الرسول بدعوة أهل بيته. ثمّ الأقربين فالأقربين.

وكانت الدعوة حينها سرّيةً» دون أن تعلم بها قريش. وقد وصل عدد المُستجيبين لها إلي أربعين. منهم: خديجة بنت خويلد. وزيد بن حارثة. وعلي بن أبي طالب. وأبو بكر الصدّيق. وغيرهم. وعُرِفت تلك المرحلة من الدعوة بالمرحلة الأرقميّة» نِسبةً إلي دار الأرقم» إذ كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يُعلّم الصحابة أمور الدين فيها.. حيث كان رسول الله صلي الله عليه وسلّم يجتمع بهم في شِعاب مكّة المُكرَّمة. ولمّا عَلِمت قريش بأمرهم. تصدّت لهم» فتوجّه بهم رسول الله إلي دار الأرقم الواقعة علي جبل الصفا. واستمرّت الدعوة بشكلي سرّيي مدّة ثلاث سنواتي. ثمّ جاء الأمر من الله بالجهر فيها.

وتُعَدّ المرحلة السرّية من أهمّ مراحل الدعوة. وقد امتازت هذه المرحلة بأساليب عدّة. حيث حرص النبي عليه السلام علي مراعاتها. ومنها مبدأ التدرُّج فقد وعي رسول الله ما يجب أن تكون عليه الدعوة من التأنّي. وعدم الاستعجال في الوصول إلي المطلوب. وهي قاعدةى ينبغي علي الدُعاة جميعهم اتِّباعها في دعوتهم» حيث يبدأ التدرُّج بأن تكون الدعوة سرّيةً. ثمّ يتمّ الإعلان عنها فيما بعد. أمّا فيما يتعلّق بطول مدّة سرّيتها» فيختلف بحسب الظروف الواقعة فيها.. والتدرُّج قاعدةى من قواعد الشريعة الإسلاميّة بمجالاتها جميعها. ومن أمثلة ذلك ما أوصي به رسولُ الله معاذ بن جبل حين أرسله إلي اليمن. حيث قال له: "إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ. فادْعُهُمْ إلي شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ. فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ. فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتي في كُلِّ يَومي ولَيْلَةي. فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ. فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ. فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ. فإيَّاكَ وكَرائِمَ أمْوالِهِمْ. واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ. 
فإنَّه ليسَ بيْنَها وبيْنَ اللهِ حِجابى".

وقد حرص الرسول عليه الصلاة والسلام علي أخذ الحِيطة والحذر وهذا المبدأ يشمل الدعوة بتفاصيلها ومراحلها جميعها. وليس المرحلة السرّية منها فقط. وإنّما كان التأسيس لهذا المبدأ في المرحلة السرّية. كما علّم رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- أصحابه السير علي مبدأ الحِيطة والحذر في مجالات الحياة كلّها. أمّا في المجال الدعويّ فيظهر ذلك جليّاً باختيار رسول الله لدار الأرقم بن أبي الأرقم عمّا سواها. وقد اختارها رسول الله لعدة أمور. من أهمها: لأنّ الأرقم لم يتجاوز عمره حينذاك السابعة عشر. فلا يُمكن أن يخطر علي بال أحدي من قريش أن يكون الرسول في مثل ذلك البيت. وإنّما الأصل أن يختار رسول الله بيتاً من بيوت كبار الصحابة الذين لا تجرؤ قريش عليهم. كما أنّ دار الأرقم كانت بعيدةً عن مراكز تجمُّعات قريش. بالإضافة إلي وقوعها علي جبل الصفا» ممّا يُسهّل عملية مراقبة الطرق المُؤدّية إليها. ثمّ إنّ الأرقم كان من قبيلة بني مخزوم ورسول الله من قبيلة قريش» وكانت بين القبيلتَين الكثير من النزاعات. فلا يُمكن أن يخطر علي بال أحدي أن يتّجه رسول الله إلي بيت أحدي من تلك القبيلة. وقد أكدّت الروايات جميعها أنّ ذلك البيت لم يتعرّض لأيّ خطري طيلة 
لقاء رسول الله بأصحابه فيه. 

وقد قامت الدعوة الإسلامية بين قوم يقدّسون عبادة الأصنام.. وكان زعماء العرب كلهم يدينون للأوثان» فلم يكن من السّهل إقناعهم بتغيير عقيدتهم. والتي تعني تخلّيهم عن زعامة ورياسة قومهم» فكانت سياسة الاحتواء خير سبيل للتعامل معهم لتهيئة الطريق أمام إعلان الدعوة والجهر بها.. وذلك بالتنوُّع والاختلاف وعالَميّة الدعوة فقد وصل رسول الله في دعوته إلي أطياف المجتمع جميعها» ولم يترك قبيلةً من القبائل إلّا وصل إليها. ودعاها. وانتشر الإسلام بشكلي مُتساوي بين القبائل كلّها. ولم تبقَ هناك قبيلة إلّا ودخل فيها الإسلام. ممّا هيّأ بيئةً خصبةً لانتشار الإسلام. وعدم اقتصاره علي فئةي أو قبيلةي مُعيَّنةي.. وبذلك تمكّنت الدعوة. وثبتت فيما بعد. واستمرّ علي ذلك النَّهج في جميع المراحل التي مرّت بها الدعوة.


 


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق