التحول الرقمي يطرق الأبواب.. المهارات التقنية تذكرة الأردنيين لسوق العمل - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
وزارة العمل لـ"رؤيا أخبار": قروض ميسّرة من صندوق التنمية لتمكين الشباب والنساء من إطلاق مشاريعهم وزارة العمل: نعتزم تأسيس أكاديميات لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في الأردن وزارة العمل: عدة برامج تدريبية تدعم القطاعات التكنولوجية المتخصصة تواكب التحديث الاقتصادي خبير في التحول الرقمي: من يريد أن يكون جزءًا من الثورة التكنولوجية عليه احتضان أدواتها بيت العمال لـ"رؤيا": قطاع التكنولوجيا وظف نحو 2.1% من الأردنيين خلال 2024 تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي: 85 مليون وظيفة مهددة و97 مليون فرصة جديدة تنتظر من يواكب التحول الرقمي بحلول عام 2030

فادي الحمارنة - تُعدّ البطالة من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، إذ تكشف الإحصاءات الأخيرة عن استمرار معدلاتها المرتفعة، لا سيما بين الشباب والنساء، رغم الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي ودفع عجلة التحول الرقمي. وبينما يواجه العمال تحديات غير مسبوقة بفعل التحولات الرقمية المتسارعة، تلوح في الأفق فرص واعدة لإعادة تشكيل طبيعة العمل، وتوسيع آفاق التشغيل خارج الأطر التقليدية.

ففي الأردن، وبينما يُحتفى بالأول من أيار /مايو تُنذر أرقام البطالة ورسائل المؤشرات الاقتصادية بتحديات تتجاوز الظاهر، فالفجوة المهارية المتسعة، والتفاوت في فرص الوصول إلى سوق العمل الرقمي، يتصاعد النقاش حول التأثير العميق للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على مستقبل سوق العمل.

وفقًا لتقرير دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، بلغ معدل البطالة في الربع الثالث من عام 2024 حوالي 21.5%، بانخفاض طفيف عن الربع الثالث من 2023 بنسبة 0.8%. ورغم هذا الانخفاض، تظل الأرقام مقلقة، حيث سجل معدل البطالة بين الذكور 18.3%، بينما ارتفع لدى الإناث إلى 33.3%، مما يعكس تفاوتًا كبيرًا بين الجنسين. الشباب (15-24 عامًا) يواجهون التحدي الأكبر، إذ بلغ معدل البطالة بينهم 46%، مع نسبة أعلى للإناث تصل إلى 66%.


وتسعى مبادرات مثل رؤية التحديث الاقتصادي (2026-2029) التي بدأ العمل عليها منذ 2023 إلى تعزيز التحول الرقمي وخلق فرص عمل في القطاعات التقنية. ومع ذلك، فإن الفجوة المهارية بين الشباب ومتطلبات هذه الوظائف تظل عائقًا رئيسيًا.

على سبيل المثال، تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الشباب الأردنيين يفتقرون إلى المهارات التقنية اللازمة، مما يزيد من مخاطر البطالة بين هذه الفئة:

وقدم مدير وحدة متابعة الأداء الحكومي والإنجاز في رئاسة الوزراء الدكتور رأفت دعسان إيجازاً أمام مجلس الوزراء استعرَض خلاله أبرز المشاريع التي سيتم العمل عليها خلال هذا العام، موضحّا أنه بنهاية عام 2025، ينتهي البرنامج التنفيذي الأول لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2023 – 2025 والذي أسس للبرامج التنفيذية اللاحقة 2026-2029، و2030-2033.

ويشير التقرير إلى أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي يعملان على استبدال الوظائف الروتينية، مما يثير مخاوف بشأن ارتفاع معدلات البطالة في بعض القطاعات. ومع ذلك، يتوقع التقرير أيضًا ظهور فرص جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات وتطوير البرمجيات والذكاء الاصطناعي، مما يستلزم اكتساب العمال مهارات رقمية متقدمة وأهمية التعليم المستمر وإعادة التأهيل المهني.

التحول الرقمي وإعادة تعريف الأمان الوظيفي

في وقتٍ ترتفع فيه الفجوة في الأجور بين الذكور والإناث في الأردن إلى حدود 16%، بل وتتجاوز 29% في بعض القطاعات كالعاملين في القطاع الخاص، تبرز التكنولوجيا كفرصة واعدة لإعادة هندسة سوق العمل، و تحقيق قدر أعلى من العدالة . في حين تظهر بيانات مجلس المهارات القطاعية لتكنولوجيا المعلومات أن متوسط الرواتب في هذا القطاع يفوق المعدل العام بما لا يقل عن 30%.

منظومة تشغيل عادلة وشاملة

ويطرح رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة تصورًا لإدماج تقنيات التحول الرقمي في السياسات التشغيلية، من خلال تطوير قواعد بيانات إلكترونية لحركة التشغيل، بما يعزز فرص التوظيف ويُسهم في دمج الفئات المهمشة. لكنه يحذر من غياب التغطية القانونية للعاملين بشكل مستقل أو عبر المنصات الرقمية، مشددًا على ضرورة إيجاد أطر حماية اجتماعية جديدة تراعي هذه الفئات.

وأكد، أبو نجمة في حديث لمعد التقرير، أن التحول الرقمي يمكن أن يكون بوابة لتوسيع الشمول الاجتماعي والاقتصادي، خاصة من خلال أدوات التسجيل الذاتي والمحافظ الإلكترونية، التي تتيح للعاملين دفع اشتراكاتهم والاستفادة من خدمات الحماية دون الاضطرار للانخراط في أنظمة العمل التقليدية، خاصة للعاملين في الاقتصاد غير المنظم الذين يمثلون أكثر من نصف العمالة في الأردن، والنساء ومن يعيشون أو يعملون في مناطق نائية.

واعتبر أن استفادة الشباب في بعض المحافظات والأطراف لا تزال محدودة بسبب الفجوة الرقمية في التعليم والتدريب، موضحًا أن أكثر من نصف الشباب الأردني يفتقرون للمهارات الرقمية الأساسية، مستندا الى بيانات البنك الدولي، مؤكدا ضرورة اعتماد سياسات تدريب رقمية موسعة وعادلة من حيث النوع والموقع الجغرافي.

" أدوات لا غنى عنها"

ويستذكر أبو نجمة تجربة جائحة كورونا التي سلطت الضوء على هذه الإمكانيات، حين تحولت منصات العمل الرقمي من خيار جانبي إلى بديل فعلي لأنماط العمل الكلاسيكية.

وأشار أبو نجمة إلى أن التحول الرقمي قد يسهم في تعزيز الأمان الوظيفي رغم تهديده لبعض الوظائف التقليدية مثل الصناعات التحويلية والمحاسبة وخدمات الزبائن، لافتًا إلى أنه يفتح في المقابل فرصًا جديدة للعمل المرن، مثل العمل الحر والعمل عن بعد، وهو ما أثبتته تجربة جائحة كورونا.

استيعاب العمالة الأردنية

وكشف التقرير السنوي صادر عن مركز بيت العمال بعنوان "أوضاع سوق العمل الأردني والحقوق العمالية" اطلع عليه معد التقرير، غيابًا واضحًا لقطاعات التوظيف المستقبلية خلال 2024، حيث لا يزال القطاع الصناعي محدود القدرة على استيعاب العمالة الأردنية، إذ وظف نحو 10% منهم، فيما لم تستقطب قطاعات التكنولوجيا والاتصالات سوى 2.1% فقط، ما يعكس قصورًا في السياسات التشغيلية، وضعفًا في ربط النظام التعليمي باحتياجات السوق.

وأظهر التقرير أن أعلى معدلات البطالة في الأردن تُسجل في المهن التعليمية والهندسية، نتيجة تشبّع السوق وضعف التوافق بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاعين العام والخاص.

كما أشار التقرير إلى ارتفاع البطالة بين الأردنيين في المهن الزراعية والإنشائية بسبب تدني الأجور وصعوبة ظروف العمل، ما يدفعهم للعزوف عنها، لتُشغل غالبًا من قبل العمالة المهاجرة.

أما المهن الخدمية والمبيعات، فرغم توسعها النسبي، إلا أنها ما تزال تعاني من تدني الاستقرار الوظيفي وضعف مستويات الحماية الاجتماعية.

توثق تقارير البنك الدولي إلى أن معدل المشاركة في القوى العاملة في الأردن لا يزال منخفضًا، حيث بلغ 33% في الربع الثاني من 2023، مع مشاركة نسائية لا تتجاوز 13.8%. هذه الأرقام تعكس مشكلة هيكلية طويلة الأمد، إذ لم يتمكن النمو الاقتصادي، الذي بلغ 2.7% في 2023، من خلق فرص عمل كافية لاستيعاب الدخول الجدد إلى سوق العمل.

وفقًا لتقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في السابع من كانون الثاني /يناير 2025، والذي جمع آراء أكثر من الف من كبار أرباب العمل العالميين يمثلون أكثر من 14 مليون عامل في 22 قطاعًا صناعيًا و 55 اقتصادًا حول العالم، من المتوقع أن تُحدث مجموعة من المحركات الرئيسية تحولات كبيرة في سوق العمل العالمي بحلول عام 2030.

تشمل هذه المحركات التغير التكنولوجي، والتفتت الجغرافي الاقتصادي، وعدم اليقين الاقتصادي، والتحولات الديموغرافية، والانتقال الأخضر. يحلل التقرير كيف تؤثر هذه الاتجاهات الكبرى على الوظائف والمهارات، واستراتيجيات تحول القوى العاملة التي يخطط أصحاب العمل لتنفيذها استجابة لذلك خلال الفترة من 2025 إلى 2030.

في ظل ما يشهده سوق العمل من تحولات جذرية تقودها الثورة الرقمية، أكد الناطق باسم وزارة العمل، محمد الزيود، أن التحول الرقمي فتح أمام الأردنيين آفاقًا جديدة وفرصًا مستحدثة، دفعت الوزارة إلى التحرك لتعزيز جاهزية القوى العاملة، من خلال استحداث برامج تدريبية متخصصة.

وأوضح الزيود، في حديثه لـ"رؤيا أخبار"، أن هذه البرامج أُطلقت بالتنسيق مع مؤسسة التدريب المهني وهيئة تنمية المهارات المهنية والتقنية، وتهدف إلى تطوير المهارات القطاعية التي يتطلبها سوق العمل الرقمي.
العمل المرن

وأشار إلى أن نظام العمل المرن، الصادر بموجب قانون العمل، أتاح فرصًا للعمل عن بعد، سواء داخل الأردن أو خارجه، ما يساهم في دمج المزيد من الأردنيين في الاقتصاد الرقمي، دون أن ينفصلوا عن أدوارهم الأساسية في المنشآت.

برامج تدريبية وقروض ميسرة

واعتبر الزيود أن هذه المنظومة تمثل فرصة لدخول الأردنيين إلى مهن العمل المستقل، التي تتزايد أهميتها في سياق التطوير والتحديث، مؤكدًا أن هذا التوجه يتماشى مع نهج التحديث الاقتصادي الوطني.

وكشف أن وزارة العمل تعتزم تأسيس أكاديميات متخصصة لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، لتأهيل الشباب والنساء بالمهارات اللازمة لسوق العمل الجديد.

كما أشار إلى استمرار صندوق التنمية والتشغيل في تقديم قروض ميسّرة لدعم المشاريع الذاتية، بهدف تمكين الشباب والنساء اقتصاديًا وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال.

في هذا السياق، تبرز شركة "ميكانايز" الناشئة التي أطلقها رائد الأعمال الأمريكي وباحث الذكاء الاصطناعي الشهير تاماي بسيروغلو. تطمح "ميكانايز" إلى تحقيق "الأتمتة الكاملة لجميع الأعمال" و "الأتمتة الكاملة للاقتصاد" من خلال تطوير بيئات عمل افتراضية ومعايير وبيانات تدريب متخصصة.

يرى بسيروغلو أن السوق الكامنة لهذه التقنيات هائلة، حيث تقدر الأجور السنوية للعاملين في الولايات المتحدة وحدها بحوالي 18 تريليون دولار، وتتجاوز 60 تريليون دولار على مستوى العالم. وتؤكد الشركة الناشئة على أن الأتمتة الكاملة للعمل يمكن أن تؤدي إلى نمو اقتصادي هائل، ورفع مستويات المعيشة، وظهور سلع وخدمات جديدة غير متوقعة.

في هذا السياق، تبرز شركة "ميكانايز" الناشئة، التي أطلقها الباحث في الذكاء الاصطناعي تاماي بسيروغلو، بطموح لأتمتة جميع الأعمال والاقتصاد بأكمله عبر بيئات عمل افتراضية ومعايير تدريب متقدمة.

ويقدّر بسيروغلو السوق المحتملة لهذه التقنيات بعشرات التريليونات من الدولارات، حيث تبلغ الأجور السنوية للعاملين في الولايات المتحدة وحدها حوالي 18 تريليون دولار، وتجاوز 60 تريليون دولار على مستوى العالم. مؤكدًا أن الأتمتة الكاملة قد تُحدث قفزة اقتصادية كبيرة وتُطلق سلعًا وخدمات غير مسبوقة.

تحولات متسارعة

في مشهد لا يخلو من الضبابية ، يراقب الخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي د. عدي المعايطة التحولات السريعة في عالم التكنولوجيا، لكنه يؤكد بثقة أن الذكاء الاصطناعي بدأ يأخذ مكانه بوضوح على خارطة سوق العمل.

"الطلب على بعض الوظائف التقليدية يتراجع"، اعتبر المعايطة في حديث لـ"رؤيا أخبار" أن الأتمتة باتت وسيلة للمؤسسات لإعادة هيكلة أنماط التشغيل، والاستعاضة عن بعض الموارد البشرية بالتقنيات الذكية، إلا أن أتمتة هذه المهام لا تعني بالضرورة الاستغناء التام عن الأيدي العاملة، بل قد تتيح للمؤسسات إعادة توزيع مواردها وتشغيل عدد أقل من الموظفين بكفاءة أعلى.

ويشير إلى أن أكثر الوظائف المهددة هي تلك التي تقوم على المهام الروتينية، حيث يمكن للأنظمة الذكية إنجازها بدقة وسرعة أعلى، ما يفرض على العاملين البحث عن مهارات لا يمكن محاكاتها آليًا بسهولة.

"من يريد أن يكون جزءًا من هذه الثورة يجب أن يحتضن أدواتها"، يتابع المعايطة، مشددًا على أن اللحاق بركب الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل ضرورة للبقاء في سوق يتغير يومًا بعد آخر.

ويرى أن مؤسسات التعليم تقف على مفترق طرق حاسم، إذ لم يعد بالإمكان الفصل بين المعرفة الأكاديمية والمهارات التقنية الجديدة.

ويبرز من بين الوظائف المستقبلية هندسة التعليمات البرمجية، وهي وظيفة تُعنى بصياغة الأوامر الموجهة لأنظمة الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تخصصات تحليل البيانات وذكاء الأعمال، والتي تشكل مفاتيح للجيل القادم من الفرص.

إلا أن هذا الطموح يتزامن مع مخاوف متزايدة بشأن فقدان الوظائف. تشير الدراسات الحديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي والأتمتة يعملان بالفعل على استبدال الوظائف الروتينية، مما يثير القلق بشأن ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في الاقتصادات النامية التي تعتمد على العمالة اليدوية. ويشير تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى إمكانية فقدان حوالي 85 مليون وظيفة بحلول عام 2030 نتيجة للأتمتة.

في المقابل، يخلق التطور التكنولوجي فرصًا جديدة. يتوقع نفس التقرير ظهور 97 مليون وظيفة جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات، وتطوير البرمجيات، والذكاء الاصطناعي. هذا التحول يتطلب من العمال اكتساب مهارات رقمية متقدمة، مما يشدد على أهمية التعليم المستمر وإعادة التأهيل المهني لمواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة.

يمثل التكيّف مع هذه المتغيرات تحديًا كبيرًا للعمال، خاصة في ظل الفجوة المهارية الموجودة. يجد العديد من العاملين في القطاعات التقليدية صعوبة في تلبية الاحتياجات الجديدة لسوق العمل. وفي الدول العربية، تشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من الشباب يفتقرون إلى المهارات التقنية اللازمة، مما يزيد من خطر البطالة الهيكلية.

بالإضافة إلى ذلك، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي تساؤلات أخلاقية تتعلق باستغلال بيانات العمال والتفاوت في الأجور والأمان الوظيفي المتناقص نتيجة للتحول نحو العمل المؤقت ومنصات العمل الحر.

وفيما تتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي بخطى ثابتة نحو قلب السوق، تتسع خيارات التوظيف لفرص واعدة، شرط أن يُعاد تعريف الاستثمار في الإنسان باعتباره حجر الأساس في معادلة التحول الرقمي.

فبرامج التعليم التقني، وسياسات إعادة التأهيل، وتمكين العمالة رقمياً، لم تعد ترفاً بل ضرورة لمواكبة سوق يتغير بمعدل متسارع.

ويرى خبراء أن العقد القادم يشهد تحولات نوعية في بنية الوظائف نفسها، حيث سيزداد الطلب على مهارات التفكير النقدي، والبرمجة، وتحليل البيانات، في مقابل تراجع الأدوار التقليدية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق