كتبت بديعة زيدان:
تحت عنوان "رحلتي في عالم الفن"، استضافت مؤسسة عبد الحميد شومان، في العاصمة الأردنية عمّان، مساء أول من أمس، الممثل الأردني الشهير إياد نصّار، صاحب الأدوار المتنوعة في الدراما والسينما المصرية والأردنية، في حوار موسع ومؤثر وصادق أدارته الإعلامية الأردنية رهف صوالحة.
وسلط الحوار الضوء على مسيرة نصّار الفريدة من طالب للفنون الجميلة، تحول من الرسم إلى المسرح، في جامعة اليرموك الأردنية بمدينة إربد (شمال)، إلى واحد من أبرز الممثلين على الساحة المصرية، محققاً شهرة طاغية في جميع أنحاء الوطن العربي.
وكشف نصّار كيف أصبح التمثيل، فجأة، شغفه الحقيقي، متطوراً من خلفيته في الفنون الجميلة، وكيف أثارت تجربته المسرحية الأولى شغفاً عميقاً لديه، دفعه نحو عالم التمثيل، ناسباً الفضل للعديد من أساتذته في الجامعة، ولعديد الفنانين الأردنيين الملهمين، ومن بينهم الفنان زهير النوباني.
وحول اقتحامه الدراما المصرية، تحدث نصار عن تحديات السوق المصرية التنافسية، مشدداً على أهمية المثابرة على حساب الحظ أو المهارات الاجتماعية، لافتاً إلى أنه انغمس في ثقافة الشارع المصري ليتمكن من تجسيد الشخصيات المصرية بأصالة، متقناً ليس فقط اللهجة العامية المصرية، المتغيرة من منطقة لأخرى، بل أيضاً الديناميكيات الاجتماعية والفروق الدقيقة التي تميزها.
وحول الأدوار رئيسية ونقاط التحول في مسيرته الفنية، أكد نصّار أن مسلسل "الجماعة" كان لحظة فارقة، حيث عمل مع الكاتب الراحل وحيد حامد، الذي شكّل إضافة خاصة في فهمه للتمثيل كوسيلة للتعليق الاجتماعي والسياسي الهادف، بحيث جسد شخصية حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
وأظهر الفنان الأردني أن تجسيده لشخصية تاريخية وأخرى إسلامية، كما كان في حال حسن البنا بمسلسل "الجماعية"، والإمام علي بن أبي طالب في مسلسل "معاوية"، وعرض في الموسم الرمضاني الأخير، تطلب منه إعداداً كبيراً، وشجاعة، واستعداداً لما يمكن أن يترتب على ذلك من ردود الفعل، علاوة على التفاني من تجسيد الشخصيات، وذلك لتحقيق حالة من التوازن من القداسة والعمق الإنساني، كما كان في تجسيده لدور الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب، كاشفاً عن الإضافة المهمة التي تزّود بها، عبر قراءته لكتاب "الفتنة الكبرى" للأديب الراحل طه حسين، وتعمقه فيه، ما أكسب الدور إشادة واسعة النطاق، وصلت حد وصول رسائل إشادة بالفارسية من جمهور إيراني تابع العمل.
وعُرف نصّار بمعالجته للقضايا الاجتماعية الحساسة، كالعنف ضد المرأة وتأجير الأرحام، ببراعة وشجاعة، هو الذي أكد على ألا يحصر الفنانون أنفسهم في "منطقة آمنة"، وأن على الفنان الحقيقي أن يُحفّز الفكر والحوار، دون الاتجاه نحو إثارة الجدل فحسب كهدف من وراء العمل.
وأكد نصّار انحيازه إلى مدرسة "التمثيل المنهجي"، وكان من أبرز مبدعيها الفنان الهوليوودي العالمي آل باتشينو، واصفاً مدى انغماسه العميق في الأدوار لدرجة التأثير على حياته الشخصية، داعياً، هو الذي يلقب بـ"آل باتشينو الدراما المصرية"، إلى التدريب اليومي المستمر للممثل، بما يحفّز الذاكرة العاطفية، والأحاسيس، والتأمل، على غرار نظام الرياضيين، وخاصة لاعبي كرة القدم.
وناقش نصّار الصعوبات التي تواجهها الدراما الأردنية، بما في ذلك نقص الدعم المستمر للصناعة، وتحديات التسويق، والمنافسة من أسواق أكبر مثل مصر والخليج، مؤكداً على الحاجة إلى الشجاعة، والاستثمار الاستراتيجي لبناء صناعة ترفيه أردنية مستدامة.
وتفاعل الجمهور مع نصّار عبر عديد الأسئلة التي تناولت محاور متنوعة، من بينها تأثير اللهجة المصرية على هويته، ليؤكد أن جذوره الأردنية لا تزال راسخة رغم حديثه باللهجة المصرية بسبب عمله وبيئته التي يعيش فيها، وكيف يمكن للممثلين توظيف إتقانهم العاطفي في حياتهم الشخصية، وتعقيدات اختيار الأدوار الصعبة ذات العمق النفسي، علاوة على آرائه حول أزمة الدراما العربية الحالية، ودور الروايات في سرد القصص، وتطور المشهد الإعلامي مع تعدد المنصات وتغير عادات الجمهور في التلقي، وكذلك ما يتعلق بطموحاته للتوسع في الإنتاج ورعاية المواهب الأردنية.
وأعرب نصّار عن فخره وامتنانه العميقين للتقدير الذي حظي به في الأردن، بما في ذلك حصوله على صورة موقعة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وعن ارتباطه العاطفي بوطنه رغم نجاحه في الخارج.
واعترف بطل "ظلم المصطبة"، وأحد نجوم "معاوية"، في السباق الدرامي الرمضاني الأخير، بفكاهة، افتقاره إلى المهارات الاجتماعية، إلا أن إصراره وتركيزه على العمل الفني ساعداه على تجاوز هذه المحنة، وإلى كونه "مزعجاً في المنزل" جرّاء تأدية دور ما يرافقه خلال مراحل التمثيل، هو الذي أشادت محاورته وعدد من يعرفونه بتواضعه، واصفينه بالقدوة التي يمكن تمثلها من عديد الشباب الموهوبين لتحقيق ما يصبون إليه من نجاحات.
0 تعليق