في ظل السيناريو الدولي المعقد والتحديات العالمية التي نواجهها، يعد تعزيز التعاون الثنائي أمرا بالغ الأهمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة المشتركة.
وعند تفكيري في العلاقة المتطورة بين بيرو والكويت، أشعر بتفاؤل كبير بشأن المستقبل الذي يمكننا بناؤه معا. على الرغم من المسافة الجغرافية، فإن بيرو والكويت يشتركان في رؤية مشتركة تقوم على التعاون الاقتصادي. فبلداننا موحدة ليس فقط من خلال تاريخيهما العريق، بل أيضا من خلال التزامهما المشترك بالاندماج العالمي ومبادئ التنمية المستدامة.
تقع بيرو بشكل استراتيجي على الساحل الهادئ لأميركا الجنوبية، وتعد بمنزلة بوابة للأسواق الإقليمية والعالمية. مع أكثر من 34 مليون نسمة ومساحة تقدر بـ1.28 مليون كيلومتر مربع، تبرز بيرو كنموذج للاستقرار الاقتصادي الكلي وقيادة إقليمية في مجال التجارة والاستثمار. في عام 2024، سجلت البلاد نموا في الناتج المحلي الإجمالي بلغ%3.3، وحافظت على التضخم عند%1.9، وحققت صادرات قياسية بلغ إجماليها 74.664 مليار دولار. ويعتمد هذا النمو المدفوع بالتجارة على 22 اتفاقية تجارة حرة، و32 معاهدة استثمار ثنائية. تجعل مرونة بيرو وانفتاحها منها وجهة جذابة للمستثمرين الكويتيين.
علاوة على ذلك، فإن البنية التحتية البحرية القوية في بيرو تجعلها مركزا رئيسيا لوجستيا في أميركا اللاتينية، حيث تحتل المرتبة الثالثة في المنطقة حسب مؤشر الاتصال بالنقل البحري.
يتماشى هذا التكامل اللوجستي المتزايد مع سياسة بيرو الخارجية التي تتميز بالتزامها بالقانون الدولي والاندماج الاقتصادي والانفتاح على العالم.
وكعضو مؤسس في كل من المجتمع الأنديني وتحالف المحيط الهادئ، وكدولة مضيفة لمنتدى «أبيك 2024»، وضعت بيرو نفسها كلاعب رئيسي في التعاون الاقتصادي الدولي. وتوفر هذه الخصائص منصة قوية للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك الشركات الكويتية، لتوسيع وجودهم الاقتصادي والتجاري في أميركا الجنوبية.
بدأت العلاقة الثنائية بين بيرو والكويت في عام 1975، مع تأسيس العلاقات الدبلوماسية. ومن المعالم البارزة في تعزيز هذه الروابط كان إعادة افتتاح سفارة بيرو بالكويت في 2011، مما يمثل التزاما متجددا بالتعاون الثنائي. ومنذ ذلك الحين، تقدم التعاون الاقتصادي والسياسي، مدعوما بآلية التشاور السياسي التي تسهل الحوار والتفاوض على اتفاقيات جديدة. تشمل التطورات الملحوظة مشروع اتفاقية خدمات النقل الجوي، ومشروع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، ومشروع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي.
أثناء تحضيري لزيارة الكويت، أفعل ذلك بتوقع حقيقي وإحساس عميق بالهدف. إنه لشرف لي أن أمثل بيرو في بلد معروف بقيادته ورؤيته واهتمامه المستمر بالتقدم.
تتناغم «رؤية 2035» الكويتية بشكل قوي مع أهدافنا الوطنية للتنمية. نحن لا نشارك الكويت المصالح الاقتصادية فقط في مجالات البنية التحتية والطاقة والتعدين والأعمال الزراعية، ولكن أيضا الرغبة المشتركة في تعزيز النمو المستدام والأمن الغذائي لشعوبنا. أعتقد أن هذا التوافق يخلق أساسا قويا لشراكة طويلة الأمد.
أنا متحمس بشكل خاص للإمكانات التي تكمن في المستقبل.
تقدم خبرة الكويت وامتداد المؤسسات العالمية، مثل الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، إمكانيات هائلة للتعاون. وأنا مقتنع بأنه من خلال العمل معا، يمكننا إحداث تأثير حقيقي - فرص تتحول إلى وظائف وابتكار وظروف معيشية أفضل في كلا البلدين.
تقدم بيرو مجموعة واسعة من فرص الاستثمار، خاصة في تطوير البنية التحتية وتحديث الطاقة. تشمل المشاريع الرئيسية نظام النقل المتكامل للغاز في جنوب بيرو، والمجموعات 2 و3 من خطة النقل 2025–2034 في قطاع الطاقة، ومشاريع التعدين «لوس تشانكاس» و«لا إنماكولادا»، والشبكة الوطنية للألياف الضوئية في قطاع الاتصالات، وفي البنية التحتية، ميناء بيوكابلا ومستشفى هيبوليتو أوناني الوطني. بالنسبة للمستثمرين الكويتيين، تمثل هذه المبادرات الكبرى فرصا فريدة للمشاركة في الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP)، مما يساهم في التحول الاقتصادي في بيرو مع ضمان عوائد مستقرة ومربحة.
تعمل بيرو والكويت على بناء علاقة طويلة الأمد تتجاوز التعاون الدبلوماسي التقليدي. وبينما أرى هذه الشراكة المتنامية، أشعر بحماس كبير تجاه الإمكانات التي تحملها لكلا البلدين. هذه العلاقة الثنائية المتطورة تعتمد على التكامل الاقتصادي، والأهداف التنموية المشتركة، والالتزام القوي بالتعاون الدولي.
ترحب بيرو بصدق بالشركات الكويتية والمستثمرين وصناع السياسات لاستكشاف الفرص العديدة التي تقدمها هذه الشراكة الديناميكية.
معا، يمكن للبلدين فتح آفاق اقتصادية جديدة وبناء إطار مستدام للنمو والازدهار المشترك.
0 تعليق