كيف يقيّم الخبراء والصناعيون الإجراءات الحكومية السورية لدعم الصناعة؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

دمشق- تماشيا مع السياسة الجديدة للحكومة السورية الهادفة إلى خلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارا من خلال تحسين أداء القطاعات الحيوية في البلاد أعلن وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار عن حزمة من الإجراءات التي تستهدف دعم القطاع الصناعي وتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية.

وأوضح الوزير في منشور عبر صفحته على فيسبوك الثلاثاء الماضي أنه سيتم تأمين مخصصات الغاز الصناعي بسعر مدعوم لتلبية احتياجات المنشآت الإنتاجية وضمان استمرارية عملها.

كما أشار إلى أنه سيتم تخفيض سعر الفيول الصناعي، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء التشغيلية الملقاة على كاهل الصناعيين، ودعم قدرة المنتج المحلي على المنافسة في الأسواق.

وأكد الشعار أيضا أن تكلفة الكهرباء المخصصة للاستخدام الصناعي سيتم تخفيضها، مما يسهم في تعزيز الوضع التنافسي للصناعة السورية.

وأوضح أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سياسة اقتصادية تعتمد على دعم الإنتاج الوطني وتحفيز الاستثمار الصناعي، إضافة إلى ضمان انسياب المواد عبر المنافذ البرية والبحرية، مما يعزز استقرار البيئة الاقتصادية.

تقليص تكاليف الإنتاج

بدوره، يرى الصناعي السوري صهيب الرومي أن هذه الإجراءات "ضرورية" لدعم القطاع الصناعي المتضرر في سوريا، مشيرا إلى أن خفض أسعار المشتقات النفطية سينعكس مباشرة على تقليص تكاليف الإنتاج، ولا سيما في الصناعات التي تعتمد على الأفران والحراقات، مثل صناعة صهر الحديد وصناعات الأسمدة والبلاستيك.

وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار
الشعار: تخفيض تكلفة الكهرباء المخصصة للاستخدام الصناعي يسهم في تعزيز تنافسية الصناعة السورية (الصحافة السورية)

ويضيف الخبير في شؤون الصناعة أن استقرار الكهرباء في المصانع سيرفع الإنتاجية، إذ يتيح تشغيل الآلات دون الحاجة إلى المولدات أو إعادة معايرتها بعد تبديل التيارات الكهربائية، وهي عمليات تستهلك الكثير من الوقت والجهد، فضلا عن وجود صناعات لا يمكن تشغيلها بالمولدات أصلا.

إعلان

ويؤكد الرومي في حديثه للجزيرة نت أن هذه الإجراءات جاءت بعد خطوات سابقة اتخذتها الحكومة، ولم يعد الصناعيون بموجبها مضطرين لدفع أسعار مضاعفة لقاء المواد الأولية التي كانوا يحصلون عليها عبر التهريب في عهد "النظام البائد"، كما أن العقوبات على التعاملات المالية التي كانت تعرقل عمليات التصدير والاستيراد لسنوات باتت محلولة أو في طريقها للحل.

جذب الاستثمارات

ويشير الرومي إلى أن خفض تكاليف الإنتاج يفتح الباب أمام جذب الاستثمارات، إذ يشجع تأمين مستلزمات الإنتاج المستثمرين على دخول السوق، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل ودعم تدفق القطع الأجنبي إلى البلاد.

ويتفق معه الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي الذي يرى أن حزمة الإجراءات المعلنة من الوزير الشعار يمكن أن تسهم في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب بالسوق السورية.

وأشار إلى أن العمل جارٍ على تجهيز البنية التحتية ضمن الإمكانيات المتاحة وبوتيرة تسابق الزمن، لكنه يؤكد أن استقطاب المزيد من الاستثمارات يتطلب وقتا.

وأوضح قضيماتي في حديثه للجزيرة نت أن الاستثمارات القريبة المرجح دخولها إلى سوريا ستكون في الأغلب من السوريين نتيجة الضغوط الاقتصادية العالمية، معتبرا أن الاستثمار داخل البلاد في مرحلة إعادة الإعمار يظل خيارا أفضل بالنسبة لهم من مواجهة الاضطرابات في أسواق خارجية.

وأضاف أن الحوافز الحالية -رغم أهميتها- لا تكفي وحدها، لافتا إلى الحاجة لمعالجة ملفات مرتبطة بالأنظمة والقوانين والتعرفة الجمركية والاتفاقيات الدولية التي تتيح دخول البضائع السورية إلى أسواق المنطقة والعالم، إلى جانب ضرورة تحسين معايير الجودة والحصول على جوائز الجودة، وهي خطوات بدأت سوريا مؤخرا بتبنيها بعد سنوات من الغياب.

تعزيز تنافسية المنتجات

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أسعد العشي أن تأمين مخصصات الغاز الصناعي بسعر مدعوم وتخفيض أسعار الفيول سينعكسان إيجابا على استمرارية القطاع الصناعي وعلى تنافسية المنتج السوري من خلال خفض تكاليف الإنتاج.

أحد مصانع السجاد والقماش التي تعمل بالمدينة الصاعية بحلب
خفض تكاليف الإنتاج فرصة لجذب استثمارات جديدة (الجزيرة)

ويضيف العشي في حديثه للجزيرة نت أن أبرز المعوقات أمام المنتج السوري تمثلت في ارتفاع تكاليف الإنتاج، والاعتماد على المولدات بسبب ضعف توفر الكهرباء، وشراء المازوت بأسعار مرتفعة، موضحا أن هذه الإجراءات ستوفر المواد بأسعار أقل، مما يؤدي إلى إنتاج سلع بأسعار منافسة محليا وخارجيا ويعزز فرص التصدير.

ويلخص العشي التحديات التي قد تحد من فعالية هذه الإجراءات في نقطتين أساسيتين:

مدى قدرة الدولة على تأمين الغاز والفيول بشكل مستمر، مما يضمن عدم انقطاع الإنتاج أو تراجع أثر التخفيضات. القدرة على فتح الأسواق أمام المنتجات السورية محليا ودوليا، إذ إن خفض التكاليف دون توفر منافذ تسويق يؤدي إلى تكدس البضائع دون استفادة حقيقية.

ويؤكد العشي أن نجاح هذه الخطوات يتطلب الجمع بين استمرارية التخفيضات وضمان تصريف الإنتاج في الأسواق.

تحديات إضافية

وبشأن العقبات التي تواجه الصناعة السورية، يشير صهيب الرومي إلى استمرار هجرة الكوادر الماهرة، وهو ما تسبب خلال السنوات الماضية في توقف مصانع بأكملها لغياب المشغلين، فضلا عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة الحرب، والتي تتطلب معالجة عاجلة لإعادة تشغيل عجلة الإنتاج.

إعلان

وشهد القطاع الصناعي في سوريا تراجعا حادا منذ عام 2011، إذ تعرضت معظم المناطق الصناعية لدمار واسع، وأغلقت مئات المصانع أبوابها نتيجة العقوبات الاقتصادية وتوقف الاستثمارات وندرة الوقود والمواد الأولية.

كما غادر مئات الآلاف من الصناعيين والحرفيين البلاد باتجاه أوروبا ودول الجوار، وتشير تقديرات أممية إلى نزوح نحو 900 ألف عامل وصناعي إلى خارج البلاد بحثا عن الأمان والفرص خلال 14 عاما من الحرب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق