أعلن الفاتيكان ترقية «كنيسة سيدة الجزيرة العربية» في مدينة الأحمدي إلى مرتبة بازيليك صغرى، لتصبح الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي تحصل على هذا اللقب، بموجب مرسوم أصدرته «دائرة العبادة وتنظيم الأسرار»بالفاتيكان في 28 يونيو الماضي.
وفي اتصال مع «الجريدة»، قال النائب الرسولي في الكويت المطران يوجين مارتن نوجينت، أن «الجالية الكاثوليكية في الكويت تستعد للاحتفال بهذا الحدث التاريخي المهم»، لافتاً إلى أن «هذا القرار يعكس الروابط العميقة وطويلة الأمد بين دولة الكويت والكرسي الرسولي، فقد كانت الكويت على مدى عقود أرض ترحيب للناس من مختلف الجنسيات والأديان، وقد ازدهرت الجالية الكاثوليكية هنا تحت حماية الدولة وكرم ضيافتها، وترقية كنيسة سيدة الجزيرة العربية إلى بازيليك صغرى تُعد ليس فقط تكريمًا للكنيسة، بل أيضًا شهادة على انفتاح الكويت ودورها كجسر للحوار في المنطقة».
وأوضح المطران نوجينت، أن «البابا ليو الرابع عشر أشار عند منحه هذا التميّز إلى رعايته الخاصة للكنيسة في الكويت وشعبها من المواطنين والمقيمين، مؤكدًا أهمية هذه الرعية كبيت روحي لآلاف الكاثوليك في البلاد، والذين يجد كثير منهم، لا سيما العمال الوافدون، القوة والعزاء في إيمانهم».
ونقل نوجينت عن المطران ألدو براردي قوله:«هذا اللقب هو هدية لنا جميعًا. يذكرنا بأن الكنيسة في الكويت ليست معزولة، بل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالكنيسة الجامعة، كما أنه اعتراف بسخاء وانفتاح الكويت، البلد الذي أتاح مساحة للناس من جميع الأديان للعيش وممارسة شعائرهم بسلام».
ونقل المطران نوجينت عن «أحد الأصدقاء الكويتيين» قوله تعليقًا على الخبر، أن «مريم شخصية محبوبة لدى المسلمين والمسيحيين، ونحن سعداء بأن هذا التكريم يجلب الفرح ليس فقط للجالية الكاثوليكية في الكويت، بل ويعكس روح التعايش التي تميز وطننا».
ومع اقتراب موعد الاحتفال الرسمي بالإعلان عن ترقية الكنيسة، قال نوجينت:«هذه اللحظة التاريخية هي هدية ليس للكويت فقط، بل للمنطقة بأسرها، وتبرز بازيليك سيدة الجزيرة العربية كمنارة للإيمان والوحدة، وبيت صلاة مفتوح للجميع، ومركز لتنشئة الشباب، وعلامة على الانسجام مع الإخوة والأخوات المسلمين الذين يقدّرون أيضًا مريم العذراء المباركة».
وختم:«نسأل أن تستمر سيدة الجزيرة العربية في حماية الكويت والخليج وكل شعوب المنطقة، وأن يعزز هذا الفصل الجديد الروابط بين الكويت والفاتيكان، مؤكدًا قرب الحبر الأعظم من المؤمنين في هذه الأرض».
من ناحيته، أعرب النائب الرسولي لشمال الجزيرة العربية، المطران ألدو براردي، في اتصال مع موقع «فاتيكان نيوز» الإلكتروني، عن سعادته الكبيرة بهذا الاعتراف، مؤكداً أن «الكنيسة التي أسسها الكرمليون عام 1948، وبنتها لاحقاً شركة نفط الكويت لعمال القطاع النفطي، تحتفظ بمكانة تاريخية وروحية خاصة، حيث احتفلت قبل عامين بمرور 75 عاماً على تأسيسها».
ووصف المطران براردي الكنيسة بأنها «ملاذ روحي للمهاجرين والمقيمين الذين وجدوا فيها على مدى عقود فضاءً لممارسة إيمانهم تحت»، مشيراً إلى أن الكنيسة تحتضن تمثال «سيدة الجزيرة العربية»، الذي باركه البابا بيوس الثاني عشر في روما عام 1949، وتوّجه الكاردينال أنطونيو كانيزاريس لوفيرا عام 2011 نيابة عن البابا بنديكتوس السادس عشر.
وأضاف: «وبذلك، تصبح»كنيسة سيدة الجزيرة العربية«أول بازيليك صغرى في منطقة الخليج».
وقال براردي: «نوجّه شكرنا لكل من ساهم في الوصول إلى هذا الاعتراف، من السلطات المحلية، إلى من شاركوا في بناء الكنيسة والمجتمع قبل عقود، والرهبنات التي حافظت على هذا الإرث الروحي، وصولاً إلى الكرسي الرسولي (الفاتيكان)».
وتابع: «هذه الكنيسة كانت زهرة المنطقة، حتى في زمن الغزو العراقي للكويت، إذ بقي تمثال العذراء حارساً للكنيسة الصغيرة وملاذاً لمن لم يتمكن من الفرار، واليوم أصبحت العذراء شفيعة الخليج، شماله وجنوبه، ويُحتفل بعيدها في الأحد الثاني من زمن السنة العادي».
وأوضح بيان للنائب الرسولي أن المرسوم رقم (18/25) جاء ثمرة جهد رعوي وإداري متواصل من كهنة الرعية ومجلسها، لافتاً إلى أن لقب «بازيليك صغرى» يُمنح من الحبر الأعظم للكنائس ذات القيمة التاريخية والروحية والمعمارية المتميزة.
وختم المطران براردي مؤكداً أن «هذا الاعتراف ليس شرفاً كبيراً لكنيستنا فحسب، بل هو أيضاً تأكيد عميق على إيمان حيّ يعيشه المؤمنون في شبه الجزيرة العربية».
0 تعليق