داخل أروقة مجمع ناصر الطبي في خان يونس، آخر مستشفى رئيسي قيد الخدمة بجنوب قطاع غزة، تقف الممرضة الأميركية-فلسطينية الأصل أماندا ناصر وسط تدفق القتلى والجرحى، تروي جانبا من الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع تحت حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ قرابة عامين.
وتصف ناصر (39 عاما)، التي وصلت غزة قبل أسبوع في مهمة إنسانية، تجربتها لوكالة الأناضول بأنها "مؤثرة للغاية"، مشيرة إلى أن النظام الصحي "يوشك على الانهيار التام". وقالت: "الإمكانيات الطبية محدودة للغاية، والفرق الطبية تعيش تحت ضغط هائل وخوف دائم من الغارات الإسرائيلية المتواصلة".
وتضيف أن غالبية المصابين التي تصل إلى المستشفى "خطِرة ومروعة"، تشمل طلقات نارية في الرأس والصدر والبطن، إلى جانب كسور وبتر أطراف. كما أن غالبية المصابين من الشباب والمراهقين الذين "نادرا ما ينجون بسبب خطورة إصاباتهم".
وبسبب نقص الكوادر والإمدادات، يضطر الأطباء إلى اتخاذ قرارات "حاسمة وصعبة للغاية"، كاختيار من يستحق الحصول على جهاز تنفس صناعي.
المجاعة تطال الأطباء والممرضين
وما يفاقم المشهد، وفق ناصر، أن التجويع الممنهج لم يعد محصورا في المرضى وحدهم، بل أصاب الطواقم الطبية نفسها، إذ أوضحت أن "سوء التغذية ظاهر على الجميع، حتى الأطباء والممرضين. إنهم نحيفون للغاية، يعانون من الجفاف ويعملون ساعات عدة بلا راحة".
وسجّلت وزارة الصحة في غزة منذ مطلع 2025 نحو 28 ألف حالة سوء تغذية، توفي منها 251 شخصا، منهم 108 أطفال. وتقول ناصر إنها شاهدت أطفالا رضعا يفقدون حياتهم بسبب نقص الغذاء.
وتؤكد ناصر أنها فخورة بكونها فلسطينية الأصل وتمكنت من خدمة أهلها في غزة، مضيفة: "وجدت نفسي بين شعب كريم رغم الجراح والنزوح، شعرت بالأمان معهم سواء داخل أسوار المستشفى أم خارجه".
وتوجهت برسالة إلى العالم تطالب فيها بوقف فوري لإطلاق النار وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مؤكدة أن الفلسطينيين "لا يريدون سوى حياة طبيعية، لكنهم يُعامَلون بأبشع الطرق".
إعلان
كما دعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى زيارة غزة "ليشهد المأساة بنفسه"، وحثّت الصحفيين على "مواصلة نقل الحقيقة" والشعوب على "مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والغربية التي تموّل الإبادة".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة 61 ألفا و897 شهيدا و155 ألفا و660 جريحا، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين.
وحتى الاثنين الماضي، قتلت إسرائيل نحو 18 ألفا و430 طفلا و9 آلاف و300 سيدة، منهن 8 آلاف و505 من الأمهات، وفق معطيات وزارة الصحة في غزة.
0 تعليق