كشف تقرير يمني حديث صادر عن مركز PTOC للأبحاث والدراسات المتخصصة، تفاصيل غير مسبوقة عن جهاز الزينبيات الحوثي، وهو التشكيل النسائي السري الذي يعتبر أخطر أذرع مليشيا الحوثي الأمنية والاستخباراتية، حيث يدير أنشطة قمعية واسعة بحق النساء، ويشرف على شبكات تجسس وتهريب وتجنيد، تحت غطاء أيديولوجي.
نشأة الزينبيات: نسخة حوثية من حزب الله
ظهر تشكيل الزينبيات عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، على غرار التنظيمات النسائية التابعة لـ "حزب الله" في لبنان. ويصف التقرير هذا الجهاز بأنه ذراع "ناعم" شكلًا، لكنه شديد القسوة في مهامه الميدانية، إذ لا يقتصر دوره على الدعم اللوجستي بل يتعداه إلى المداهمات والاعتقالات والتحقيقات المباشرة.
ويُقدر التقرير عدد عناصر الزينبيات بنحو 4 آلاف امرأة، يرتدين العباءات السوداء والنقاب أو اللثام للتخفي، ويعملن خارج إطار الشرطة النسائية الرسمية.
أقسام الزينبيات الأربعة
حسب التقرير، ينقسم التشكيل إلى أربعة أقسام رئيسية:
القسم العسكري: متخصص في الاقتحامات والاعتقالات. القسم الإلكتروني: مسؤول عن الدعاية والمراقبة عبر الإنترنت. قسم الاعتقالات: يختص بخطف النساء والتحقيق معهن. قسم التجسس الوقائي: يجمع المعلومات عن المجتمع ومؤسساته.ويكشف التقرير أن الزينبيات تلقين تدريبات داخل اليمن وخارجه، في لبنان وإيران، بإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، شملت القتال، التجسس، التحقيق، والتعبئة الفكرية.
أبرز القيادات النسائية
التقرير حدد أسماء قيادات بارزة تشرف على هذا الجهاز، من بينها:
فاطمة حسين بدر الدين الحوثي، ابنة مؤسس الجماعة، وتشغل منصب نائبة جهاز الأمن والاستخبارات لقطاع المرأة والمنظمات. ابتسام المتوكل، مشرفة على التعبئة في الجامعات. هدى العماد، تلعب دورًا محوريًا في عمليات التجنيد داخل الوسط الأكاديمي.مؤخرًا، تم تعيين أسماء حسين المؤيد وزهراء أبو طالب لقيادة الجهاز، بعد خضوع عناصره لتأهيل مكثف في اليمن وخارجه.
الجرائم والانتهاكات
وثق التقرير ارتكاب الزينبيات أكثر من 1444 انتهاكًا بين 2017 و2022، من أبرزها 571 حالة اعتقال وخطف لنساء.
290 مداهمة لمنازل و118 حالة تعذيب بدني ونفسي في السجون و86 إصابة مباشرة جراء اعتداءات و48 حالة تحرش أو اغتصاب و20 حالة تجنيد قسري وأكثر من 300 حالة ابتزاز وتهديد ومراقبة.
ومن أبرز الحوادث اقتحام مدرسة خاصة في صنعاء عام 2022 والاعتداء على مديرتها بالأسلحة الكهربائية وتمزيق ملابس طبيبة في إب والاعتداء الوحشي عليها واقتحام مدارس بنات في همدان لمنع الاحتفال بثورة 26 سبتمبر وهدم منزل المواطن فايز المخلافي في يونيو 2025 وطرد النساء والأطفال منه.
أدوار في التجنيد والتهريب
لم يتوقف نشاط الزينبيات عند القمع، بل توسع ليشمل أنشطة إجرامية منظمة، منها تجنيد نساء من أصول أفريقية (صوماليات وإثيوبيات) للتجسس على منظمات دولية ومحلية واختراق الأسر التجارية والقبلية عبر العمل كخادمات أو مربيات أطفال وتهريب المخدرات والحشيش إلى المحافظات المحررة والاتجار بالأعضاء البشرية والإيقاع بمعارضين سياسيين ودينيين في مواقف محرجة للابتزاز.
معسكرات وتدريبات سرية
يتلقى عناصر الزينبيات تدريبات عسكرية وأمنية في مواقع عدة داخل صنعاء، أبرزها نادي بلقيس، إضافة إلى معسكرات سرية داخل مدارس ونوادٍ رياضية وثقافية. كما خضع بعضهن لدورات متقدمة في لبنان وإيران.
ويلفت التقرير إلى أن الحوثيين استغلوا برامج "تمكين المرأة" التي تديرها منظمات دولية في صنعاء لتدريب عناصر الزينبيات تحت غطاء العمل المدني.
رفض اجتماعي واسع
يعتبر المجتمع اليمني استغلال المرأة في أعمال القمع "عارًا أسود"، باعتباره سلوكًا دخيلًا على الثقافة اليمنية ومتأثرًا بالنموذج الإيراني. ومع ذلك، اضطرت بعض النساء للانضمام نتيجة الفقر أو فقدان المعيل بعد مقتل أبنائهن في جبهات الحوثيين.
توصيات التقرير
دعا التقرير إلى تصنيف الزينبيات كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات على قياداتها وفتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم والانتهاكات ومراجعة برامج تمكين المرأة في مناطق الحوثيين، لضمان عدم استغلالها أمنيًا وتوفير آليات حماية للضحايا ودعوة الحكومة اليمنية لتوثيق الانتهاكات بشكل دوري وتوعية المجتمع بخطر هذا الجهاز.
إن الزينبيات ليس مجرد تشكيل نسائي، بل جهاز قمعي واستخباراتي خطير أسسته مليشيات الحوثي ليكون أداة مباشرة لفرض سيطرتها الأمنية والفكرية على المجتمع اليمني. وبينما تدّعي الجماعة أنها تدعم "تمكين المرأة"، فإنها في الحقيقة تستخدم النساء كسلاح لقمع بنات جنسهن، ونشر الخوف والرعب داخل اليمن.
وتظل هذه الظاهرة واحدة من أبرز الدلائل على تأثير إيران وأذرعها العسكرية في اليمن، وعلى حجم المعاناة التي تعيشها النساء اليمنيات بين مطرقة الحرب وسندان أجهزة القمع الحوثية.
0 تعليق