يبدو أن الحرب الدائرة منذ نحو أسبوع بين إسرائيل وإيران أصبحت قريبة جدا من التحول إلى حرب إقليمية علنية بعدما تزايدت التهديدات الإيرانية بضرب مصالح الولايات المتحدة في المنطقة في حال تدخل الأخيرة بشكل مباشر في المواجهة.
ففي حين واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأربعاء التلويح بالتدخل المباشر في الحرب لمساندة إسرائيل، زاعما رغبة الإيرانيين في التفاوض والذهاب إلى البيت الأبيض، أكدت طهران أنها لن تتفاوض كمهزوم وأنها ستضرب المصالح الأميركية ردا على أي تدخل صريح في المواجهة التي شنتها عليها إسرائيل فجر الجمعة الماضي.
لكن مسؤولا رفيعا في الخارجية الإيرانية نفى لمدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز مشاركة بلاده بأي مفاوضات خارجية، ولا طلبها الذهاب للبيت الأبيض لعقد مناقشات.
ولم ينف المسؤول الإيراني وجود اتصالات دولية وإقليمية مع طهران لتحقيق اختراق على طاولة السياسة، لكنه أكد أن طهران أبلغت كل من تواصل معها أنها غير معنية بوقف إطلاق النار ما لم توقف إسرائيل هجماتها على المدن الإيرانية.
وقال المصدر لمدير مكتب الجزيرة أيضا إن إيران لن تجلس على طاولة المفاوضات لتوقيع استسلام أو إعلان هزيمة، وإنما لتحقيق مصالحها العليا، وإنها مستعدة لأن تكون جزءا من أي مفاوضات عقلانية وتراعي مصالحها العليا.
كما نفى وزير الخارجية عباس عراقجي في اتصال مباشر مع فايز أن يكون قد سافر لأي بلد للمشاركة في أي تفاوض.
نعم واحدة وكثير من اللاءات
ويعني هذا الكلام -حسب فايز- أن المفاوضات لا تزال جزءا من خيارات كافة الأطراف وإن كان الشق العسكري في هذه الأزمة يحتل مساحة كبرى من تلك التي يحتلها الشق السياسي.
وتشي هذه المعلومات -وفق مدير مكتب الجزيرة بطهران- بأن الإيرانيين يصوغون الموقف من خلال قول نعم واحدة مع كثير من اللاءات الكبيرة، بمعني أنهم يقولون "نعم للدبلوماسية والتفاوض العقلاني المقبول، ولا للإذعان والاستسلام والراية البيضاء التي يريدها ترامب".
إعلان
ليس هذا فحسب، فقد أكد مسؤول إيراني رفيع للجزيرة أن بلاده ستتحرك بحريا ضد الأهداف الأميركية، وأن مواجهة تموضع من أسماهم الأعداء بالمنطقة "سيكون خيارا"، وإن حزب الله سيدخل إذا دخلت واشنطن على خط الحرب.
حرب إقليمية
ويعني هذا الكلام -حسب فايز- أن الحرب ستنتقل من الضربات الثنائية إلى صراع إقليمي مباشر، لاسيما أن المسؤول الإيراني الرفيع أكد للجزيرة أن حزب الله لديه قدرة التحرك على الأرض رغم ما تلقاه من ضربات، وأنه قد يذهب باتجاه هذا الخيار.
وسيعني تدخل حزب الله -في حال حدوثه- أن دائرة النار الأولى التي كانت تواجه إسرائيل من المسافة صفر والتي يفترض أنها أُوقفت، قد تنتعش مجددا وقد يصبح لبنان واحدة من جبهات الحرب، كما يقول فايز.
وإضافة إلى ذلك، فإن كلام المسؤول الإيراني يعني -وفق فايز- أن القواعد وحاملات الطائرات والقطع البحرية الأميركية الموجودة في الخليج وبحر عمان وباب المندب وصولا للمحيط الهندي، ستكون في دائرة التهديد، وأن إيران دولة وشعبا ليست معنية بتهديدات ترامب التي لن تخيف الإيرانيين، كما قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في وقت سابق اليوم الأربعاء.
في غضون ذلك، نقلت وكالة رويترز عن سفير إيران بالأمم المتحدة أن طهران أبلغت واشنطن أنها سترد بحزم إذا تدخلت بشكل مباشر في الحملة الإسرائيلية عليها.
ومع تزايد حالة عدم اليقين التي تسيطر على مستقبل هذه المواجهة، أكد مسؤول أميركي للجزيرة أن طهران ستضرب مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بقوة، وأنها سترد بطريقة غير مسبوقة، وأن حزب الله سينخرط في القتال.
وقال المسؤول الأميركي أيضا إن خيار توجيه ضربة عسكرية لمنشأة فوردو الإيرانية يتطلب دراسة التداعيات وردود فعل إيران، وأكد أن "لدى إيران ووكلائها بالمنطقة القدرات لمهاجمة قواتنا إذا دخلنا الحرب".
وترجح التقديرات في واشنطن -حسب المسؤول- أن "إيران ووكلاءها سيهاجمون القوات الأميركية في حال توجيه الولايات المتحدة ضربة لإيران". في حين لا أحد يعرف ما سيفعله ترامب بشأن إيران.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، قال ترامب إن الإيرانيين يريدون إبرام صفقة مع الولايات المتحدة، وإنهم اقترحوا القدوم إلى البيت الأبيض لأجل ذلك الغرض، مضيفا "لا يزال هناك وقت لوقف الحرب".
وكان ترامب أحجم في حديثه اليوم عن الإدلاء بإجابة حاسمة عن انضمام الولايات المتحدة إلى الضربات التي توجهها إسرائيل إلى إيران، مؤكدا أنه أعطى طهران مهلة نهائية وأن الأسبوع المقبل سيكون حاسما في هذا السياق.
وقال للصحفيين في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض "قد أفعل ذلك وقد لا أفعل، لا أحد يعلم ما سأقوم به"، في إشارة إلى احتمال انخراط الولايات المتحدة في المواجهة.
0 تعليق