في منطقة تعجّ بالتحولات الجيوسياسية والاقتصادية، تبرز الإمارات نمــوذجاً استثــنائياً لا يكتفـــي بمواكبـــة التغييرات، بل يُسهم في صناعتها، والحدث الوطني «اصنع في الإمارات»، الذي انطلق أمس (الاثنين)، يؤكد أن الصناعة فــي الإمارات، هي مشروع سيادي، يستند إلى رؤية استشرافية، تُعلي من مكانة الدولة في منظومة الاقتصاد العالمي.
التوجه الصناعي الإماراتي، ليس قراراً تكتيكياً أو استجابة ظرفية، بل هو جزء من استراتيجية وطنية شاملة، تستند إلى فلسفة «ما بعد النفط»، وتستهدف تعزيز الاستقلال الاقتصادي، وبناء اقتصاد معرفي متنوع ومستدام.
إذا أردت الوصول إلى ثلاثة مليارات شخص، فعليك التواجد في الإمارات.. وإذا أردت امتلاك مفتاح هذه الأسواق، فإن التصنيع في الإمارات خيارك الأمثل، و«من يصنع في الإمارات يمتلك الحاضر والمستقبل».
هذه العـــنــاوين، ليـــست مجــرد شعارات، وإنما أفــعال نعيـــش حالتها الآن، عَرَضَها بالأرقام والوقائع وزيرُ الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة سلطان الجابر، الذي يرأس فــي الوقت نفسه «أدنوك»، إحدى كبرى الشركـــات الإنتــــاجية والصناعية في الإمارات، وهو يقدم حدثاً اقتصادياً عنوانه «اصنع في الإمارات»، المقام حالياً في العاصمة أبوظبي.
«اصنع في الإمارات»، حدث مضت على إطلاقه سنوات قليلة، وهدف القيادة من إبرازه وتوسيعه، هو إعطاءُ أولويةٍ للصناعة الإماراتية، والبحث عن مكامن ضعفها لتقويتها، والاطلاع على الإمكانات التي بلغتها على صعيد السعر والجودة والمنافسة، والأسواق التي وصلت إليها في القارات المختلفة.
الصنـاعة الإمــاراتية، باتت واقعاً نعيشه يومياً، دون أن ندرك أن ما نستخدمه هو صناعة إماراتية بالكامل، سواء في القطاعات الأساسية والغذائية والاستهلاكية والكمالية، أو في مجالات كانت «محتكرة» على النخبة فقط، في أجهزة التقنية والمعـــدات العسكرية والأمنية والطيران بمخـــتلف فروعه، وفي الأقــــمار الاصطنــاعية والفـــضاء وغــيرها.
الصناعة، وبما أنجزته حتى الآن، باتت العمود الفقري للاقتصاد الوطني، حيث تُسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتحسين القدرة التنافسية على المستوى العالمي، حيث عملت على تنويع الاقتصاد وتعزيز تنافسيته، ودعمت الصادرات وحسّنت ميزان المدفوعات، للحفاظ على سلاسل الإمداد، وأسهمت في تحفيز الابتكار والتكنولوجيا.
وإذا كانت قيمة الصادرات الصناعية، عام 2024، بلغت 197 مليار درهم، بزيادة 68%، مقارنة بعام 2020، فإن هذه الأرقام مرشحة للمضاعفة عام 2030، بحيث تصل إلى 400 مليار درهم، وهذا يمكن تحقيقه بسهولة، إذا تضافرت الجهود الاتحادية والمحلية، وارتفعت معها أرقام برنامج المحتوى الوطني للصناعة، وأطلقت برامج وطنية مماثلة.
في عالم لا ينتظر المتأخرين، تبرز الصناعة الإماراتية خط الدفاع الأول، وقاطرة النمو المستدام، لتجسد مبادرة «اصنع في الإمارات» فلسفة وطنية ترى في التصنيع أداة للتمكين ، ومنصة للتأثير في الساحة الدولية.
أخبار متعلقة :