الكويت الاخباري

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والحصار على غزة - الكويت الاخباري

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة ومتنوعة من قلب العدوان وتداعيات الحصار على قطاع غزة، منها مشهد يرصد تصاعد استهداف مراكز الإيواء في القطاع، ومشهد آخر تحت عنوان: "حكايات على باب الخيمة"، ومشهد آخر يرصد تداعيات الجوع على صحة الأطفال في القطاع.

 

تصاعد استهداف مراكز الإيواء
شهد اليومان الماضيان تصاعداً كبيراً في استهداف مراكز الإيواء التي لجأ إليها نازحون في قطاع غزة، خاصة المدارس، ما تسبب بوقوع مجازر كبيرة، جل ضحاياها من المدنيين.
وخلال أقل من 20 ساعة، شنت طائرات الاحتلال 4 غارات، منها اثنتان استهدفتا مدرسة "أبو همسة"، في مخيم البريج، وسط القطاع، بينما استهدفت غارتان مدرسة "الكرامة"، في حي التفاح شرق مدينة غزة، وراح ضحية الغارات أكثر من 70 شهيداً، وما يزيد على 150 مصاباً.
ووفق مصادر مطلعة، فإن الغارات استهدفت مراكز إيواء شديدة الاكتظاظ، ونفذتها طائرات حربية إسرائيلية، باستخدام قنابل كبيرة.
وأكد أطباء في مستشفيي العودة وسط القطاع، و"المعمداني"، في مدينة غزة، أنهم استقبلوا جثامين متفحمة ومقطعة وصلت من المركزين، وأن الكثير من الإصابات كانت خطيرة، جراء قوة الصواريخ والقنابل التي أُسقطت على المدرستين، وهذا خلق حالة ضغط كبيرة على المستشفيين.
بينما أشار نازحون إلى أن الاحتلال عاد إلى تكثيف استهداف المدارس، سواء الحكومية أو التابعة لوكالة الغوث "الأونروا"، مؤكدين أن استهداف مراكز الإيواء في القطاع أمر مقصود، خاصة في المناطق التي يهدف الاحتلال إلى السيطرة عليها مستقبلاً، والهدف تسريع طرد السكان منها، وهو أسلوب مشابه تماماً للغارات التي تعرضت لها المدارس شمال القطاع، إبان العدوان الإسرائيلي نهاية العام الماضي.
من جهته، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إن الاحتلال يواصل "استهداف مراكز الإيواء والنزوح بشكل متعمّد وممنهج، وقد بلغ عدد هذه المراكز التي تعرضت للقصف 234 مركزاً حتى الآن، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية، وفي محاولة مكشوفة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين".
وذكر المكتب الإعلامي أن هذه المجازر "جاءت في ظل إسقاط الاحتلال المنظومة الصحية، وتدمير المستشفيات، وإخراجها عن الخدمة، ومعاناة الطواقم الطبية من ضغط هائل، ونقص حاد في المستلزمات الصحية، وإغلاق المعابر أمام الجرحى، ومنع إدخال الوقود، ما يفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة".

 

حكايات على باب الخيمة
لم تعد الخيمة مجرد مكان للنزوح والإقامة للعائلات النازحة، فمع مرور الوقت تحولت الخيمة إلى رمز للمعاناة والنزوح والصمود معاً، وعلى باب الخيام تُنسج الحكايات، ويتبادل النازحون أطراف الحديث.
وأدى تلاصق الخيام، وتكدّس مخيمات النازحين في مناطق جنوب قطاع غزة إلى إقامة علاقات وصداقات بين النازحين، وباتت هناك جلسات شبه يومية، بعضها تخص النساء، وأخرى يجتمع فيها الرجال، ويتم خلالها تبادل الأحاديث ووجهات النظر فيما هو قادم، وسماع كلمات تشد الأزر، وتعين المواطنين على الصبر في ظل الأزمات واشتداد العدوان.
وبيّن المواطن إبراهيم عبيد، أنه ولولا الصحبة والعلاقات الجيدة مع الجيران لما استطاع احتمال النزوح ومرارته، فقد رزقه الله بجيران رائعين، يتعاونون في كل شيء، ويجلسون في المساء أمام الخيام، يتبادلون أطراف الحديث، ويسردون حكايات مر عليها الزمن، عن الصبر الذي قاد إلى الفرج، مع التركيز على معاناة الآباء والأجداد في الخيام إبان نكبة العام 1948.
وأوضح عبيد أن أحد جيرانهم سرد لهم حكايات نقلها عن جده، حول تعاون المُهجرين على مواجهة الصعاب في العام 1948، وكيف بفضل التآزر نجحوا في تخطي الأزمة، وآخر سرد لهم حكايات عن صبر النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام على حصار "شعب أبي طالب"، وكيف تُوج هذا الصبر بالفرج، وكشف الله عنهم الغمة ورفع البلاء.
ولفت إلى أن كل هذه الحكايات، وما يصاحبها من حديث إيجابي، يقوي المعنويات، ويمنع اليأس من التسلل للنفوس.
وفي الجانب الآخر تجتمع النساء في خيمة إحداهن بشكل مُستمر، ويتبادلن أيضاً الحكايات وأطراف الحديث، وإن كان مضمون الحديث يختلف.
وأكدت المواطنة "أم خالد"، أن اجتماع النساء يخفف عليهن مرارة النزوح، ويعطيهن فسحة للحديث والترفيه، وتنفيس الضغوط ولو بشكل مؤقت.
وأوضحت "أم خالد"، أن أهم شيء في هذه الجلسات تبادل ابتكارات النساء لمواجهة الحصار ونقص السلع، فبعض السيدات يعرضن تجاربهن في تحويل المعكرونة إلى خبز جيد، وأخريات يعرضن بدائل لاختفاء بعض السلع، وبعض السيدات يتحدثن عن تجاربهن الناجحة في إشعال النار والطهي بأقل كمية من الحطب، وهذا كله يؤدي إلى تعميم الفائدة على الجميع.

 

الجوع يفتك بأطفال القطاع
تعمّق الجوع في قطاع غزة، وتزايدت تداعياته على نحو كبير، خاصة في صفوف الأطفال، الذين باتوا يعانون آثاره، التي تتعمق يوماً بعد يوم مع استمرار إغلاق المعابر.
وبدا واضحاً حدوث اعتلال كبير على أجساد وصحة الأطفال، تمثل في هُزال، وضعف عام، واصفرار الوجوه، ونقصان الأوزان، وإصابتهم بأمراض بشكل متكرر.
وقال المواطن هشام صبحي إن الوضع في خيمته تردى بشكل كبير خلال الأيام الماضية، وبات أطفاله ينامون جائعين بسبب عدم توفر الخبز والأرز والمواد الغذائية الأخرى.
وبيّن صبحي أن أبناءه باتوا يعانون من هزال، وشكوى دائمة من دوار، ووجوههم أصبحت شاحبة، ويبحث كل يوم عن الطعام في السوق، ويتجول على "التكايا"، وفي غالبية الأيام يعود دون شيء.
وأوضح أن الحال لا يقتصر على أبنائه، فغالبية الأطفال في قطاع غزة يعانون الأمر ذاته، حتى أصبح الهُزال سمة عامة، وهناك خشية من قبله وباقي أولياء الأمور، من حدوث وفيات في صفوف الأطفال، جراء المجاعة.
ووفق الخبير الزراعي المهندس نزار الوحيدي، فإن عدم تناول الأطفال الفواكه والخضار التي تحتوي على فيتامينات A-B-C، وسكر اللاكتوز المتوفر في الفواكه، يعتبر أمراً كارثياً، فهذه العناصر الغذائية شديدة الأهمية للأطفال من أجل بناء أجسامهم، ومنحهم سُبل الحياة، ونقصها يؤدي إلى عواقب كارثية عليهم، قد تصل إلى حد عدم القدرة على إصلاحها مُستقبلاً.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من احتمالية وقوع وفيات نتيجة سوء التغذية الحاد في صفوف المدنيين، خاصة مع تدهور الأوضاع الإنسانية وعرقلة وصول المساعدات.
واتهم المقرر الأممي المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إسرائيل بارتكاب جرائم جسيمة في قطاع غزة، مشيراً إلى أن ما يجري هناك يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، مع استخدام ممنهج للتجويع كسلاح ضد المدنيين.
وقال فخري إن "إسرائيل تستخدم حياة الأطفال الفلسطينيين كورقة تفاوض"، مؤكداً أن الأمم المتحدة لجأت إلى كل المصطلحات القانونية والإنسانية المتاحة لوصف حجم الفظائع التي تُرتكب في قطاع غزة.
في السياق ذاته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة "أوتشا"، إن عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية في غزة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر، ارتفع بنسبة 80% مقارنة بشهر آذار الماضي.
وأشار مكتب الأمم المتحدة إلى أن 92% من الرضع بين 6 أشهر وسنتين، لا يحصلون مع أمهاتهم على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، ما يعرّضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم مدى حياتهم، مبيناً أن 65% من سكان قطاع غزة لا يحصلون على مياه نظيفة للشرب.

 

أخبار متعلقة :