كتب محمد الجمل:
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مُترافقاً مع استمرار القصف والمجاز، وتواصل الحصار والجوع، وأزمات أخرى يُعاني منها النازحون.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد يرصد أزمة المُحاصرين في رفح، ومشهد آخر تحت عنوان: "الصيد باستخدام الإطارات"، ومشهد ثالث يرصد معاناة النازحين في المخيمات جراء انتشار القوارض.
أزمة المُحاصرين في رفح
مازال عشرات المحاصرين يتواجدون داخل مدينة رفح المُحتلة والمُحاصرة، والتي جرى فصلها عن محيطها، منذ نحو شهر، ويمنع جيش الاحتلال فرق الإسعاف والإنقاذ من الوصول إليهم.
وأفشل جيش الاحتلال أمس، رابع محاولة لإخراج المحاصرين داخل مدينة رفح، الذين يتواجد غالبيتهم في بلدة خربة العدس، شمال المدينة، رغم حصول المؤسسات الإغاثية والدولية على تنسيق مُسبق للدخول من أجل إنقاذ المحاصرين.
ووفق مصادر محلية، فإن فريقاً طبياً وإغاثياً تقوده مؤسسة دولية، حصل أمس على تنسيق جديد، وخلال محاولة الفريق الدخول إلى مدينة رفح، جرى إطلاق النار على مقربة من المركبات، وإجبارها على السير في طرقات وعرة، جرى تدميرها، ما أرغمها على العودة من جديد، دون الوصول للمُحاصرين.
وأشارت مصادر عائلية إلى أن أوضاع المُحاصرين داخل رفح تفاقمت بصورة كبيرة مؤخراً، مع نفاد الطعام والماء من المنازل التي يتواجدون فيها، وتكرار تعرض تلك المنازل للقصف، كما حدث مؤخراً مع عائلات في بلدة خربة العدس جميعهم ينتمون لعائلة "قشطة"، وهي من كبريات العائلات في رفح.
وأكدت المصادر ذاتها أن هناك مصابين من بين المحاصرين، ولا يتوفر علاج لهم، أو حتى أطباء يقومون برعايتهم، وهذا يُشكّل خطراً كبيراً عليهم، وسط تواصل المناشدات من أجل إنقاذهم.
واضطر محاصرون لدفن شهداء منهم سقطوا جراء الغارات الإسرائيلية في ساحات منازلهم، بعد تعذر الوصول إلى المقابر في رفح.
وبينت المصادر ذاتها أن المحاصرين في رفح انقسموا إلى قسمين، الأول هناك عائلات يمكن التواصل معهم، من خلال هواتف يمتلكونها، يتم شحنها عبر خلايا شمسية في بعض المنازل، والثاني عائلات مُحاصرة في الحي السعودي، وحي التنور، وقد انقطع الاتصال معهم تماماً، ولا يُعرف شيء عن مصيرهم.
ولم تستطع الكثير من العائلات مغادرة منازلها، إما بسبب عدم وجود وسيلة مواصلات، أو لاعتقاد بعض العائلات أن العملية العسكرية الحالية لن تصل إلى مناطق شمال رفح، كما حدث مع العملية التي نفذت خلال الأشهر الماضية، وأن الطريق ستظل مفتوحة، وفي حال شعروا بالخطر يمكنهم مغادرة رفح، لكن ما حدث كان عكس توقعاتهم، إذ وصلت الدبابات إلى كافة المناطق في رفح، وحاصرت المدينة من جميع الجهات، وأقامت محور فصل جديداً، عزل رفح عن محيطها.
الصيد باستخدام الإطارات
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عمل الاحتلال على تدمير مراكب وقوارب الصيادين بشكل ممنهج، عبر القصف من الزوارق والمُسيّرات، وحتى حرق القوارب من خلال إسقاط شُعلات نارية عليها من طائرات صغيرة.
لكن رغبة الصيادين في ممارسة حرفتهم، ولو بالحد الأدنى، جعلتهم يبحثون عن بدائل أخرى للصيد، فجلبوا إطارات المركبات الداخلية، المصنوعة من المطاط، حيث يتم نفخها حتى تصبح ممتلئة بالهواء، ومن ثم توضع تحتها قطعة خشبية كبيرة، يتم ربطها بالحبال لتصبح ملتصقة بالإطار من تحته، وتوضع الشباك فيها، والإبحار بطريقة تُشبه القوارب البدائية.
ويُشاهد كل يوم صيادون يضعون الشباك داخل إطارات مُنتفخة، ويحركوها باتجاه البحر، ثم يسبحون وهم يدفعونها غرباً، حتى يصلوا إلى المكان المحدد، ويشرعون بإخراج الشباك من قلب الإطارات، ثم فردها في البحر، على أن يعود الصياد لجمع الشباك بنفس الطريقة في اليوم التالي.
وتعتمد تلك الطريقة على مهارة الصياد في السباحة، لدفع الإطار المُنتفخ، وإخراج الشبكة منه ووضعها بالطريقة الصحيحة، ثم العودة إلى الشاطئ.
وقال الصياد إبراهيم زعرب، إن الصيد باستخدام الإطارات طريقة قديمة، وبدائية، جرى الاستغناء عنها منذ عقود، لكن الصيادين عادوا لاستخدامها في ظل شح القوارب، ونقصها جراء تدميرها.
ولفت إلى أن العديد من الصيادين جلبوا إطارات، وقاموا بإصلاحها، واستخدموها في الصيد، رغم الخطر الكبير الذي يتعرضون له، جراء إطلاق النار عليهم من بحرية الاحتلال.
وبيّن أنه كلما مر الوقت زاد عدد القوارب والمراكب المُدمرة، وبالتالي زادت الحاجة للاعتماد على طرق بدائية وقديمة، منها الإطارات، أو قوارب بالية يجري صيانتها حسب ما هو متوفر.
بينما أكد المختص في شأن الصيادين زكريا بكر، أن استخدام الإطارات في الصيد، هو أسلوب وطريقة عمل بدائية، لجأ إليها الصيادون بشكل اضطراري لعدم توفر مراكب، بعد تدمير الاحتلال غالبية قوارب الصيادين، موضحاً أن قطاع الصيد بشكل عام، تعرض للاستهداف المُتعمد من قبل الاحتلال منذ بداية العدوان في السابع من تشرين الأول 2023.
وتعتبر عمليات الصيد التي تجري حالياً محدودة جداً، ولا تتجاوز 10% مما كان يحدث قبل العدوان على قطاع غزة، وكميات الأسماك التي يتم صيدها محدودة وقليلة، وأسعارها عالية جداً، إذ يتجاوز ثمن الكيلو غرام من السمك 100 شيكل.
القوارض تؤرق النازحين
بات انتشار القوارض بشكل كبير من أهم وأخطر المشاكل التي تواجه مئات الآلاف من النازحين، المقيمين في منطقة مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وأشار نازحون إلى أن القوارض خاصة الصغيرة "فئران"، تغزو خيامهم بأعداد كبيرة، وتسطو على طعامهم، خاصة البقوليات، والطحين، وتقوم بقرض الأكياس.
وذكر النازح عبد الرحمن سالم، الذي يُقيم في منطقة مواصي خان يونس، أنه أقام وعائلته خيمة، وبجانبها خيمة أخرى استخدموها كمخزن صغير لوضع حاجياتهم، لكنه فوجئ بانتشار كبير للقوارض، التي تنشط في الليل، وتؤرق النازحين.
وأوضح أنهم غير قادرين على التعامل مع هذه القوارض، في ظل عددها الكبير، ومحدودية وسائل المكافحة المتوفرة، والتي لا تزيد على الفخاخ التي تصيد فأراً واحداً فقط في كل مرة، والمشكلة أن القوارص تتخذ من الأرض بيوتاً لها، إذ حفرت مئات الجحور على شكل سراديب تُشبه المتاهات، التي يصعب تتبعها في حال تم الحفر عليها.
بينما قال المواطن يوسف عمر، إن الفئران حوّلت حياتهم إلى جحيم، فكل الطعام الذي يضعونه في الخيمة يتم قرضه وأكله، وتلويثه، وهذا أمر كارثي، خاصة في ظل شح الطعام وارتفاع الأسعار.
وبيّن أنهم باتوا يضطرون لتعليق الطعام بطريقة تُصعب على القوارض الوصول إليه، أو وضعه في أوعية بلاستيكية مُحكمة الغلق، "جراكل"، موضحاً أنه اشترى ثلاثة فخاخ، ويصيد في كل يوم بين 3 و5 فئران، لكن عددها لم ينقص، وكأنه منبع للقوارض.
وأعرب عمر عن خشيته من التداعيات الصحية الكارثية التي قد تنجم عن انتشار القوارض، خاصة أنها تعتبر ناقلاً خطيراً للأمراض.
من جهته، أكد الناشط في مجال العمل الإنساني رسمي أبو العنين، أنهم تلقوا مئات الشكاوى من نازحين، ومناشدات من أجل مساعدتهم في مواجهة القوارض والحشرات، مبيناً أن عددها الكبير جداً يحتاج إلى مكافحة شاملة، ضمن برنامج، ولا تصلح مكافحة فردية في هذه الخيمة أو تلك.
وأوضح أبو العنين أنهم ناشدوا بدورهم بلدية رفح، ووكالة الغوث، ويأملون بأن يتم مساعدة النازحين، ومواجهة هذه الآفة الخطيرة، لاسيما أن استمرار انتشار القوارض على هذا النحو، وعبثها بطعام النازحين، يمكن أن ينتج عنه أمور خطيرة، كانتشار الأوبئة والأمراض، لذلك يجب التحرك قبل فوات الأوان.
ونوّه أبو العنين إلى أنهم باشروا بمبادرات محلية بمكافحة الحشرات، خاصة البراغيث التي تنتشر في محيط خيام النازحين.
أخبار متعلقة :