النصيرات - أ ف ب: في قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهراً، أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك العائلات الكميات القليلة المتوافرة منه للاستمرار، فيما الجوع يتربص بها.
تجلس مواطنات على الأرض ويخلطن بتأنٍ كميات الطحين القليلة.
وقالت "أم محمد" عيسى، وهي متطوعة تساعد في صنع الخبز بما توافر من موارد "لأن المعابر مغلقة، لم يعد هناك غاز، ولا طحين، ولا حتى حطب يدخل إلى القطاع".
منذ الثاني من آذار الماضي، تمنع إسرائيل بشكل تام إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المنكوب، وقد استأنفت في منتصف آذار الماضي عملياتها العسكرية في القطاع.
وتحذر الأمم المتحدة من أزمة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة جراء توقف المساعدات لسكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة. وتفتقر المنظمات الإنسانية العاملة في غزة إلى السلع الأساسية من غذاء ودواء.
وأشارت "أم محمد" عيسى إلى أن المتطوعين لجؤوا إلى حرق قطع الكرتون لإعداد خبز الصاج. وقالت: "ستحل المجاعة. سنصل إلى مرحلة لا نستطيع فيها إطعام أطفالنا".
وسبق لمنظمات إغاثة دولية أن حذرت من مجاعة وشيكة خلال الحرب المتواصلة منذ 18 شهراً.
حتى نهاية آذار الماضي، كان سكان قطاع غزة يقفون في طوابير كل صباح أمام مخابز قليلة كانت لا تزال تعمل، على أمل الحصول على بعض الخبز. لكن، بدأت الأفران الواحدة تلو الأخرى توقف عملها مع نفاد مكونات الخبز الأساسية من طحين وماء وملح وخميرة.
حتى المخابز الصناعية الكبيرة الأساسية لعمليات برنامج الأغذية العالمي، أغلقت أبوابها بسبب نقص الطحين والوقود اللازم لتشغيل المولدات.
وذكرت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية أن الأزمة الإنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم. وكتبت عبر منصة "إكس": "الخبز ثمين جداً، وغالباً ما يحل محل وجبات الطعام العادية حيث توقف الطهي".
ومخبز هذه المنظمة الخيرية هو الوحيد الذي لا يزال يعمل في قطاع غزة وينتج 87 ألف رغيف في اليوم.
وقال رب العائلة بكر ديب (35 عاماً) من بيت لاهيا شمال قطاع غزة "بنيت فرناً من الطين لأخبز فيه الخبز وأبيعه".
وعلى غرار معظم سكان القطاع نزح ديب بسبب الحرب، وهو الآن في مدينة غزة. لكنه قال "هناك نقص حاد في الطحين الآن" مضيفاً: "هذا فاقم أزمة الخبز أكثر".
توقف بيع الطعام في بسطات على جوانب الطرق، فيما الأسعار في ارتفاع مستمر يجعل غالبية السكان غير قادرين على شراء السلع.
ظنت فداء أبو عميرة أنها عقدت صفقة رابحة عندما اشترت كيساً كبيراً من الطحين مقابل مئة دولار في مخيم الشاطئ للاجئين شمال القطاع.
لكنها قالت بحسرة: "ليتني لم أشتره. كان مليئاً بالعفن والديدان. وكان طعم الخبز مقززاً".
قبل الحرب، كان الكيس نفسه، زنة 25 كيلوغراماً، يُباع بأقل من 11 دولاراً.
وأكدت تسنيم أبو مطر من مدينة غزة "نحن نموت حرفياً من الجوع". وأضافت، وهي تبلغ من العمر 50 عاماً "نحسب ونقيس كل ما يأكله أطفالنا، ونقسم الخبز ليكفي لأيام" مؤكدة "يكفي! فقد وصلت القلوب الحناجر".
ويبحث أشخاص بين الأنقاض عمّا يسدّ جوعهم، بينما يسير آخرون مسافة كيلومترات إلى نقاط توزيع المساعدات أملاً في الحصول على القوت لعائلاتهم.
وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أكثر من 250 مركز إيواء في غزة افتقر الشهر الماضي إلى الطعام الكافي، أو لم يتوافر لديه أي طعام على الإطلاق.
وطوّر سكان غزة قدرتهم على الصمود خلال هذه الحرب وعلى مر مواجهات سابقة مع إسرائيل، لكنهم يقولون إنهم غالباً ما يشعرون بأن هذه الطرق المبتكرة للتكيّف تعيدهم قروناً إلى الوراء.
أخبار متعلقة :