"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والحصار على غزة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:

 

ما زالت الأوضاع الإنسانية والمعيشية في قطاع غزة تتردى يوماً بعد يوم، في ظل القصف، والحصار، واستمرار المجاعة، وتفشي الفوضى.
"الأيام" تواصل نقل مشاهد من قلب العدوان الإسرائيلي على القطاع، منها مشهد تحت عنوان "مأساة الطبيبة آلاء النجار"، ومشهد آخر يرصد عودة نشاط لصوص الشاحنات مع بدء إدخال كميات محدودة من المساعدات للقطاع، ومشهد ثالث يُوثق الأزمة الإنسانية الكبيرة غرب مدينة غزة، جراء تزايد أعداد النازحين هناك.

 

مأساة الطبيبة آلاء النجار

تقف الطبيبة آلاء النجار على بوابة قسم العناية الفائقة بمستشفى ناصر في محافظة خان يوس، جنوب قطاع غزة، وتدعو الله أن يشفي طفلها وزوجها وهما الناجيان الوحيدان من مجزرة مُروّعة استهدفت منزلها في منطقة قيزان النجار، جنوب مدينة خان يونس.
الطبيبة النجار التي كانت تؤدي عملها وواجبها الإنساني في المستشفى فُجعت، مساء أول من أمس، بوصول جثامين أطفالها التسعة، وطفل عاشر مصاب بجروح خطيرة "آدم"، إضافة إلى زوجها المصاب بجروح بالغة، إلى المستشفى، وهي أول من استقبلهم بقسم الطوارئ في المستشفى.
صدمة النجار كانت كبيرة أدت إلى انهيارها، بينما كافح زملاؤها الأطباء من أجل إنقاذ ابنها وزوجها، وما زالا يتواجدان بقسم العناية الفائقة في المستشفى.
ووفق جهاز الدفاع المدني، فإن القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير منزل العائلة بالكامل واندلاع حريق هائل، في حين تمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشال جثامين 9 شهداء، بينهم 8 أطفال متفحمين بالكامل، بينما أصيب زوجها الطبيب حمدي النجار بجروح خطيرة.
وأكد المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، أن الدكتورة آلاء اختصاصية أطفال في مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي، لديها 10 أبناء، أكبرهم لم يتجاوز 12 عاماً، خرجت مع زوجها الدكتور حمدي النجار ليوصلها إلى عملها، وبعد دقائق فقط على عودته، سقط صاروخ إسرائيلي على منزلهم.
وأشار البرش إلى أن 9 من أطفالهما ارتقوا جرّاء الغارة، وهم: يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، لقمان، وسيدرا، في حين أُصيب آدم، وهو الطفل الوحيد المتبقي، وزوجها الدكتور حمدي الذي يرقد الآن في العناية المركزة.
ويُحاول زملاء آلاء في المستشفى مواساتها، في محاولة لمساعدتها على تجاوز الصدمة التي تلقتها بشكل مفاجئ.

 

اللصوص يعودون لمهاجمة المُساعدات

يبدو أن الاحتلال ما زال يهيئ كل الظروف لنشر الفوضى في قطاع غزة، من خلال تسهيل مهمة مجموعات من اللصوص، الذين يقومون بمهاجمة شاحنات المساعدات، وسرقتها.
ولم يرق للاحتلال تسهيل دخول الدفعة الأولى من المساعدات، وغالبيتها من الطحين، حيث وصلت إلى المخابز بفضل لجان تأمين محلية، إذ عمل الاحتلال خلال دخول الدفعة الثانية من المساعدات على تهيئة الظروف لسرقتها، من خلال تعمّد استهداف لجان التأمين، خاصة على مدخل مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وشهدت مناطق وسط القطاع اشتباكاً مباشراً بين قوة مُكلفة بحماية المساعدات ولصوص مسلحين، تدخل على إثرها الطيران الإسرائيلي وقصف بشكل مباشر لجان تأمين المساعدات، ما تسبب بسقوط 7 شهداء، وعدد من الجرحى، وسهّل مهمة اللصوص في سرقة المساعدات.
وبالتزامن مع سرقة الشاحنات على مدخل دير البلح، حدثت سرقات مماثلة في مناطق معن، وقرب "دوار التحلية"، وعلى "دوار بني سهيلا"، جنوب محافظة خان يونس، ولم يعترض الاحتلال اللصوص، رغم أنهم تواجدوا في قلب المناطق الحمراء، التي سبق أن أخلاها الاحتلال من سكانها، وتعتبر مناطق شديدة الخطورة.
وأمس، تكرر المشهد على نحو أكبر، إذ جرت سرقة حمولة أكثر من 30 شاحنة محمّلة بالطحين والمعونات الإنسانية في مواصي رفح، وهاجم لصوص ومواطنون الشاحنات، وأفرغوا حمولتها بالكامل، رغم أنها كانت ما زالت تتواجد داخل المناطق الحمراء، التي يُسيطر عليها الاحتلال، ولم تصل أي من المساعدات إلى وجهتها.
وأسفرت عمليات السطو والسرقة المذكورة عن نهب كميات كبيرة من المساعدات التي كانت مخصصة للوصول إلى المخابز، أو توزيعها على المواطنين لاحقاً، ما حال دون تخفيف معاناة المواطنين، وأعاد إلى الواجهة صورة سرقة المساعدات والفوضى الناجمة عنها، رغم أن هذه الظاهرة كانت اختفت خلال فترة التهدئة الأخيرة، حيث كانت تمرّ الشاحنات دون أن يعترضها أحد.
بينما أكد شهود عيان أن اللصوص الذين سطوا على شاحنات الدقيق على دوار بني سهيلا، شرق خان يونس، معظمهم كانوا يستقلون دراجات نارية، ويحملون عليها الدقيق، ويفرغون حمولتها ويعودون مرات أخرى، واستمر السطو على الشاحنات حتى جرى تفريغ معظمها.
ويسود الاعتقاد بأن لصوص المساعدات مدعومون من الاحتلال الذي يوجّه تحركاتهم، وهم كانوا سبباً رئيساً في تفاقم المجاعة بقطاع غزة منذ بداية العدوان، حيث عملوا على منع وصول المساعدات إلى وجهتها، من خلال سرقتها، وحرمان المواطنين الأكثر حاجة لها.
وقبل التهدئة الأخيرة، اتهمت منظمات إنسانية وإغاثية تعمل في غزة جيش الاحتلال بالتورط في توفير غطاء لعصابات مسلحة لسرقة المساعدات التي تدخل إلى غزة، في الوقت الذي يدعي فيه الجيش أن "حماس" هي من تسرق المساعدات.

 

أزمة إنسانية كبيرة غرب غزة

باتت مناطق غرب مدينة غزة تُصنف على أنها ثاني أكبر تجمع للنازحين في قطاع غزة، بعد مواصي خان يونس، حيث شهدت تلك المناطق تدفق عدد كبير من النازحين من مختلف الفئات.
وخلال الأيام الماضية، تضاعف عدد النازحين الذين غادروا منازلهم وأحياءهم في مناطق شمال القطاع، وشرق وجنوب مدينة غزة، واتجهوا إلى غرب المدينة، خاصة في محيط "ساحة الكتيبة"، ومنطقة الجامعات، حتى دفع الزحام الشديد النازحين للإقامة داخل ميناء غزة، عبر وضع خيام على الأرصفة وفي الشوارع المحيطة، وعلى شاطئ البحر.
وأكد مواطنون أن التكدس الكبير للمواطنين والنازحين في منطقة صغيرة خلق أزمات إنسانية غير مسبوقة، أبرزها وأخطرها شح مياه الشرب، خاصة في ظل تدمير آبار المياه، ونقص الوقود، وتناقص محطات التحلية، ما جعل مصادر المياه المتوفرة في تلك المناطق قليلة للغاية.
أما الأزمة الأخرى، وهي أزمة الجوع، فهناك نقص حاد جداً في إمدادات الطعام بمناطق شمال القطاع، لا سيما مع توقف العشرات من المطابخ الخيرية "التكايا" عن العمل، وشح المواد الغذائية في الأسواق، وتوقف تسليم المساعدات الغذائية للمواطنين.
وأشار مواطنون نزحوا من شمال قطاع غزة إلى أنهم فروا من القصف والدمار وهم لا يحملون معهم أي شيء، ووصلوا إلى غرب مدينة غزة، ليواجهوا الجوع والعطش.
من جهتها، حذرت بلدية غزة من حدوث أزمة مياه كبيرة بسبب استمرار تقليص كميات الوقود التي تصل للبلدية، والتي لا تكفي لتشغيل آبار المياه التابعة للبلدية لساعات كافية، لتوفير الحد الأدنى من المياه، إضافة إلى عدم توفر وقود لتوزيعه على أصحاب الآبار الخاصة في المناطق التي لا تصلها المياه.
وأفادت البلدية بأنه مع استمرار نزوح المواطنين من داخل المدينة ومن خارجها من المحافظة الشمالية لمناطق وسط وغرب المدينة، وارتفاع درجات الحرارة، وتزايد الحاجة للمياه، وتقلص كميات الوقود، قد تؤدي هذه العوامل كلها إلى أزمة مياه، وحدوث حالة عطش، إذا لم يتم تدارك الأوضاع، وتوفير كميات وقود كافية لتشغيل الآبار.
وبينت عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة أن مدينة غزة تشهد تدفقاً متزايداً للنازحين، وهو ما يزيد الضغط على المطابخ المجتمعية التي تعمل بموارد محدودة ونقص حاد في الإمدادات.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق