ليست كل الزيارات الرئاسية متشابهة، بعضها يحمل الطابع البروتوكولي، وبعضها الآخر يكون حدثاً في ذاته. زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دولة الإمارات قبل أيام، تنتمي إلى النوع الثاني: زيارة تؤرخ للحظة مفصلية وتؤكد أن الإمارات لم تعد تتابع المشهد العالمي من مقاعد المتفرجين، بل تسهم في صياغته.
بدا ترامب مُندهشاً من حجم التحول الذي شهدته الإمارات في وقت قصير، وهو ما عبّر عنه صراحة خلال لقاءاته: «صنعت هذه الدولة معجزة جيوسياسية... الإمارات باتت تُلهم العالم، وتُدهش الأصدقاء، وترعب الأعداء».
ترامب، المعروف بصراحته، لم يُخفِ إعجابه بالقيادة الإماراتية، وقال عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله: «هذا رجل لا يبني دولاً فقط، بل يصنع رؤى ويجعلها قابلة للتنفيذ... قائد يُفكر بمئة سنة للأمام».
الزيارة لم تكن استعراضية، بل مثقلة بالنتائج، إذ أعلنت الإمارات عن استثمارات ضخمة في السوق الأمريكية تتجاوز 1.4 تريليون دولار خلال عشر سنوات، توزعت على الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة، وأشباه الموصلات. كما تم التوقيع على اتفاقية استراتيجية لإنشاء أحد أكبر مراكز البيانات للذكاء الاصطناعي في العالم، في العاصمة أبوظبي بالتعاون مع شركة G42 الإماراتية.
الزيارة ختمت برسالة سياسية واضحة: الإمارات لم تعد تبحث عن أدوار، بل تصنعها. وواشنطن، عبر هذه الشراكة الجديدة، تعترف بأن لأبوظبي كلمة في صياغة المشهد العالمي، ليس فقط اقتصادياً، بل استراتيجياً وتقنياً.
لم يكن ترامب، الذي عرف بقدرته على التقاط اللحظات ذات الدلالات، بحاجة إلى كثير من الشرح حين سمع من سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي العبارة التي لخصت المشهد:
«We punch above our weight».
تلك العبارة، التي تبدو بسيطة في ظاهرها، تحمل في طياتها سردية وطن بأكمله، وسعياً دؤوباً لأن تكون دولة بحجم الإمارات الجغرافي والديموغرافي، في قلب معادلات السياسة والاقتصاد والتقنية على مستوى العالم.
الحوار بين الرئيس ترامب والشيخ خالد بن محمد لم يكن مجاملة سياسية، بل مواجهة شفافة بين من يقرأ الواقع بعين القائد ومن يخطط له بعقل الاستراتيجي. حين قال سمو الشيخ خالد بن محمد: «نحن نَلْكُم فوق وزننا»، كان يؤكد أن الحضور في ساحة الكبار لا يتطلب الحجم بل الفعل.
الإمارات، ليست مجرد دولة تسعى للحاق بالعالم، بل دولة تصوغ نماذج جديدة للعالم.. إنها تمزج بين الطموح والرؤية، بين الأصالة والانفتاح، وتبني من خلالها مكانتها.
حين تنطق الثقة... تصمت المقارنات - الكويت الاخباري

حين تنطق الثقة... تصمت المقارنات - الكويت الاخباري
0 تعليق