مفارقات الاقتصاد الأمريكي - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

أندرو موران *

تتدهور ثقة الشركات والمستهلكين، وتزداد احتمالات الركود، كما لم تتعافَ «وول ستريت» تماماً من خسائرها التي بلغت تريليونات الدولارات في الربع الأول. مع ذلك، وبينما يدق خبراء الاقتصاد ناقوس الخطر بشأن رسوم ترامب الجمركية، فإن الاقتصاد الأمريكي لا يزال مستقراً، مع ازدهار الاستثمار الخاص، وحصول الأمريكيين على وظائف أكثر من نظرائهم الأجانب. فهل هذه بداية ما يُسمى بالعصر الذهبي الجديد، أم مجرد خلل عابر؟
في إبريل، أضاف الاقتصاد الأمريكي 177 ألف وظيفة جديدة، بما فاق التوقعات البالغة 134 ألفاً. وعلى الرغم من أن القراءة هذه كانت أقل من 228 ألف وظيفة في الشهر السابق، إلا أنها أعلى من متوسط الأشهر الثلاثة الأخيرة، والبالغ 155 ألف وظيفة. واستقر أيضاً معدل البطالة عند 4.2%. كما ارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة إلى 62.6%، وبلغ متوسط ساعات العمل الأسبوعية 34.3 ساعة، وهو رقم أعلى من المتوقع.
وتصدر قطاع الرعاية الصحية مكاسب التوظيف بإضافة 51 ألف وظيفة جديدة، تلاه قطاع النقل والتخزين (29 ألف وظيفة)، ثم قطاع الأنشطة المالية (14 ألف وظيفة)، فقطاع المساعدة الاجتماعية (8 آلاف وظيفة). في المقابل، انخفضت رواتب الحكومة الفيدرالية بمقدار 9 آلاف وظيفة، وفقد قطاع التصنيع 1000 وظيفة.
واستمرت المراجعات في تقرير مكتب إحصاءات العمل الصادر الشهر الماضي، حيث بلغ إجمالي الوظائف 58 ألف وظيفة في شهري فبراير ومارس. ومع ذلك، عوضت الاتجاهات الإيجابية هذه التعديلات، لا سيما بالمقارنة مع ما حدث في السنوات الأخيرة. فمثلاً، على مدى السنوات القليلة الماضية، أحدثت سياسات الحدود المفتوحة التي انتهجتها الإدارة السابقة فجوة بين العمال المولودين في الولايات المتحدة ونظرائهم المولودين في الخارج. وفي إبريل، زاد عدد العمال الأمريكيين العاملين بنحو 1.04 مليون عامل، مقابل انخفاض أولئك المولودين في الخارج بمقدار 410 آلاف شخص.
وأيضاً، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعملون في وظيفتين أو أكثر بشكل حاد وسط التضخم الهائل الذي أعقب الجائحة. إلا أن هذا الاتجاه توقف الشهر الماضي، حيث انخفض بمقدار 76 ألف عامل. بالإضافة إلى ذلك، زاد عدد العاملين لحسابهم الخاص بنحو 200 ألف عامل وصولاً إلى 9.95 مليون.
في النهاية، كانت هناك بعض الأرقام المثيرة للقلق، مثل انخفاض متوسط الأجر في الساعة عن التوقعات، وزيادة إجمالي موظفي الحكومة بمقدار 10 آلاف شخص، لكن أحدث بيانات التوظيف من شأنها أن تهدئ مخاوف سوق العمل في الوقت الحالي.
في غضون ذلك، انكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.3% في الربع الأول، ما يعني ثلاثة أشهر إضافية من النمو السلبي في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد القابعة أساساً في ركود تقني. وبالطبع، استلهم الرئيس دونالد ترامب نهج سلفه وأعاد تعريف المصطلح. ومع ذلك، فإن التعمق في تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادر عن مكتب التحليل الاقتصادي يشير إلى أنه لم يحن وقت الذعر بعد.
ورغم ارتفاع الواردات بنسبة 41%، إلا أن خصم حساباتها من الناتج المحلي الإجمالي كونها تمثل شراء سلع وخدمات غير مصنوعة في الولايات المتحدة، إضافة إلى انخفاض طفيف في الإنفاق الحكومي، أدى إلى انكماش هذا الناتج بنسبة 0.3%. في الوقت نفسه، قفز الاستثمار الخاص بنسبة 21%، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، وظل الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي إيجابياً، كما نما صافي الصادرات بأكثر من 1%.
هذا بالضبط ما يرغب المحافظون في رؤيته. يأخذ الاستثمار الخاص في الحسبان إنفاق الشركات على المعدات، وتدعيم المخزونات، والبناء. وهذا غالباً ما يعكس التفاؤل المحيط بانخفاض تكاليف الطاقة، وتحرير الاقتصاد، وتخفيضات الضرائب. وعليه، فإن مساهمة الحكومة السلبية في الناتج المحلي الإجمالي تُعدّ بمثابة لمسة نهائية.
يجب ألا تغيب الحقيقة المذكورة أعلاه عن أذهاننا، مع التركيز على الإنفاق الحكومي. فالحكومات التي لا تُنتج شيئاً تكتسب قوتها الشرائية من خلال الوصول الخاضع للضريبة إلى ثروات من يُنتجون. ومع ذلك، فإن الرقم غير المُجدي، وهو الناتج المحلي الإجمالي، يتعزز في الواقع من خلال الإنفاق الحكومي.
بعبارة أخرى، يزداد الرقم الأكثر تداولاً في «الاقتصاد الكلي» كلما زاد إنفاق الحكومات للثروة المستخرجة من الإنتاج. وإذا تجاهلنا أن التخطيط المركزي للموارد المنتجة في القطاع الخاص هو، بطبيعته، غطاء مبلل يوضع على النمو الاقتصادي، فلا يمكننا تجاهل أن احتساب الإنفاق الحكومي بوصفه نمواً اقتصادياً هو ازدواجية في الحساب، كما لو أن النمو قد حدث بالفعل، ومن ثمّ الإنفاق الحكومي!
بالطبع، قد يتغير كل هذا في الأرباع القادمة إذا تُرجمت استطلاعات رأي الشركات والمستهلكين إلى تدهور في البيانات الاقتصادية الفعلية. وقد يكون البيت الأبيض متفائلاً بشأن آفاق الربع الثاني، حيث يُشير تقدير نموذج الناتج المحلي الإجمالي الحالي الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى توسع يزيد عن 2%.

*محرر الاقتصاد في «ليبرتي نايشن»

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق