أجمع اقتصاديون وخبراء على أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة مثّلت نقطة تحول استثنائية في العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الرياض وواشنطن، وأسست لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية العميقة التي ستنعكس على مستقبل الاقتصاد السعودي والمنطقة بأكملها.

وأكد الخبراء أن المكاسب التي حققتها المملكة خلال هذه الزيارة، وعلى رأسها رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بوساطة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان "يحفظه الله"، تعزز مكانتها كقائدة للعالم العربي والإسلامي، وتفتح آفاقاً لإعادة الإعمار وتحفيز النمو الاقتصادي الإقليمي.

وأشاروا إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية الضخمة تمهد لاستثمارات سعودية تقترب من تريليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات القادمة، وتسهم في تطوير القطاعات غير النفطية، ونقل المعرفة والتقنية، وتوفير فرص نوعية للقطاع الخاص السعودي، لاسيما في مجالات الاتصالات والتقنية والذكاء الاصطناعي.

عمرو خاشقجي

فمن جانبه يرى الخبير الاقتصادي عمرو خاشقجي أن ما تحقق خلال هذه القمة، وبخاصة من نتائجها المتعلقة برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بعد شفاعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، يمثل لحظة تحول محورية.

ويقول: "السعودية عززت من مكانتها كقائدة وزعيمة للعالم العربي والإسلامي، ليس من خلال شعارات سياسية، بل عبر فعل دبلوماسي حقيقي انعكس بشكل مباشر على مستقبل دولة عربية عانت طويلاً من العزلة الاقتصادية. رفع العقوبات عن سوريا، بدعم سعودي، يعني فتح الباب أمام إعادة إعمار الاقتصاد السوري، وعودة رؤوس الأموال الخليجية للاستثمار في البنية التحتية والصناعة والزراعة، وكل هذا يرسخ دور المملكة كداعم رئيس للتعافي الاقتصادي في المنطقة".

ويضيف: "هذا التحرك يحمل بُعدًا استراتيجيًا، إذ يعيد رسم التوازنات الجيوسياسية، ويمنح السعودية اليد العليا في قيادة مشاريع التنمية في المشرق العربي"، ويشدد على أن زيارة الرئيس ترامب والقمة الخليجية الأمريكية تمثل شهادة ثقة من المجتمع الدولي في مكانة المملكة العربية السعودية ودورها المحوري في الاقتصاد العالمي، ويختتم: "أن هذه الثقة ستعزز من جاذبية المملكة كوجهة للاستثمارات الأجنبية، وتساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030".

الدكتور عبد الله كريشان

ويؤكد رائد الأعمال الدكتور عبد الله كريشان أن الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها المملكة مع الولايات المتحدة تمثل "شراكة استراتيجية بعيدة المدى ستنعكس على الاقتصاد السعودي بشكل تدريجي ولكن عميق"، ويوضح أن هذه الشراكة لم تُبْنَ فقط على الجانب الاستثماري، بل شملت نقل الخبرات التقنية، والتدريب، وتبادل المعرفة، وفتح آفاق جديدة أمام القطاعات غير النفطية مثل السياحة، الصحة، التعليم، والخدمات اللوجستية.

ويقول: "ما يميز هذه الشراكة أنها لا تنظر إلى السعودية كسوق استهلاكي، بل كمركز إنتاجي متطور في المستقبل، هناك التزام أمريكي بدعم تحول المملكة إلى اقتصاد معرفي عبر برامج استشارية وتقنية مخصصة، وهو ما يتوافق بدقة مع مستهدفات رؤية 2030".

ويضيف: "هذه الاتفاقيات ستمكّن المملكة من تأسيس بيئة أعمال أكثر مرونة، وستخلق آلاف الفرص الوظيفية للسعوديين في المجالات المتخصصة".

ويشدد على أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض جاءت حافلة بالنتائج غير المسبوقة، حيث أظهرت المملكة حنكة دبلوماسية ورؤية اقتصادية تنموية بعيدة المدى، تؤسس لمستقبل يكون فيه الاقتصاد السعودي أكثر تنوعًا، والقطاع الخاص أكثر حيوية، والدور السعودي في العالم العربي أكثر محورية.

المهندس محمد عادل عقيل

من جانبه، يوضح المهندس محمد عادل عقيل رجل الأعمال والاقتصادي أن القطاع الخاص السعودي هو الرابح الأكبر من نتائج القمة، لا سيما في مجالات التقنية، والاتصالات، والذكاء الاصطناعي، ويقول: "التفاهمات الموقعة مع شركات أمريكية كبرى من عمالقة التقنية، ستفتح الباب أمام مشاريع ضخمة في التحول الرقمي، وبناء المدن الذكية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الإنتاجية والخدمية".

ويتابع: "هذه ليست مجرد استثمارات مالية، بل شراكات معرفية ستمكّن الشركات السعودية الناشئة والمتوسطة من الوصول إلى حلول متقدمة لم تكن متاحة سابقًا، كما أنها ستعزز من تنافسية السعودية في مجالات مثل الأمن السيبراني، وتكنولوجيا المعلومات المالية، والتعليم الرقمي".

ويختم بقوله: "نتحدث اليوم عن بداية عصر جديد يتجاوز النفط، تقوده المملكة بثقة، وتنطلق فيه من موقع القيادة لا التبعية، ما تحقق ليس نهاية مسار، بل بداية لمرحلة جديدة من الشراكات الفاعلة والمؤثرة".