عاجل

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المُستمر على القطاع - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:

 

لا يزال سكان القطاع يواجهون المجازر والتهجير والجوع بشكل يومي، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على جميع المناطق دون توقف، بينما يُحاول مواطنون التأقلم مع الأوضاع القاهرة التي يعيشونها.
"الأيام"، تواصل رصد مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد بعنوان "افتداء العائلة"، ومشهد آخر جاء تحت عنوان "العودة للمقايضة"، ومشهد ثالث يُوثق تفاقم أزمة المواصلات في القطاع.

 

افتداء العائلة
لا تزال قصص ومآسي الحرب تتواصل بشكل يومي، وبعض هذه القصص يكاد لا يتخيلها عقل، بعد أن وصلت جرائم الاحتلال حداً غير مسبوق.
ومن أبرز القصص وأكثرها قسوة، ما حدث أمس، مع المواطن محمد طباسي، وهو من سكان مدينة رفح، ويعيش نازحاً في "مخيم الرحمة" بمواصي خان يونس، حيث جرى تخييره من قبل ضابط إسرائيلي تحدث إليه عبر الهاتف، ما بين الخروج من خيمته إلى منطقة خالية ليموت وحيداً، أو أن يتم قصف خيمته وخيام النازحين في المخيم، وقتله برفقة أفراد عائلته وجيرانه، وبينهم أطفال.
ووفق مصادر محلية وعائلية، فقد اتصل ضابط على الشاب طباسي وطلب منه أن يقف خلف تلة رمل بمنطقة مواصي خان يونس بجوار مخيم الرحمة للنازحين، حتى يتم استهدافه وقتله وحده، وإذا رفض سيتم استهداف عائلات المخيم.
الشاب طباسي كان شجاعاً، وقرر افتداء عائلته وعائلات المخيم بنفسه، وودع أهله وقال لهم كلماته الأخيرة: "خلي الناس تدعيلي وتسامحني"، وخرج وألقى بهاتفه النقال بعيداً ثم سار بخطى ثابتة، متجهاً إلى تلة رملية، وطلب من الجميع البقاء في خيامهم، بينما الطائرات تحوم فوقه وتتابعه.
ووفق شهود عيان، فإن طباسي ابتعد عشرات الأمتار عن المخيم، حيث استهدفته طائرة مُسيرة بصاروخ، أدى إلى استشهاده على الفور.
ووصلت فرق الإسعاف والإنقاذ إلى المخيم، وجرى انتشال جثمان الشهيد، ونقله إلى مجمع ناصر الطبي، بينما تهافت المواطنون على المستشفى لوداعه، وتوجه آخرون إلى خيمة عائلته لتعزيتهم، ومواساتهم، فما فعله كان مثالاً للتضحية وحدثاً يُخلده التاريخ.
وأفاد سكان "مخيم الرحمة"، بأن الشاب طباسي كان من خيرة شباب المخيم، وكان ملتزماً، يُساعد الجميع، وقد شعر جيرانه بحزن عميق على استشهاده، خاصة الطريقة التي قضى فيها.
ولم تكن قصة طباسي الوحيدة، التي يتم تخيير شبان بين الموت وحيدين، أو قتلهم برفقة عائلاتهم، إذ جرى في السابق قتل شبان بطريقة مُشابهة في مناطق وسط وشمال القطاع، وطُلب من أحدهم التوجه لشاطئ البحر ليتم قتله.
وتشهد مخيمات النازحين في مواصي خان يونس غارات شبه يومية، ينتج عنها شهداء وجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال

 

العودة للمقايضة
في ظل المجاعة المُستشرية في قطاع غزة، فقدت الأموال قيمتها الفعلية، وبات مواطنون يلجؤون للمقايضة، للحصول على سلع أساسية يحتاجونها.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعرض سلع للمقايضة، منها على سبيل المثل عرض "باكيج"، من القهوة، والشكولاتة، والمكسرات، وغيرها، مقابل شوال طحين 25 شيكلاً، وآخر عرض مقايضة نصف شوال طحين بعدة كيلوغرامات من السكر، وثالت عرض الرز مقابل الطحين، ورابع عرض سكر وعدس ومعكرونة مقابل كمية متفق عليها من الطحين، وكان من أكثر الإعلانات اللافتة عرض خاتم من الذهب يزن 6 غرامات، مقابل طحين، وزيت طعام، وسكر، وحليب، وحفاضات للمسنين.
ووفق مواطنين فإن التحدي ليس في تلبية الاحتياجات فقط، بل أيضاً في العثور على من يملك ما تحتاجه ويحتاج إلى ما تملكه، ما يجعل عمليات التبادل أحياناً مُعقدة، وتستغرق وقتاً طويلاً.
بينما انتشرت المقايضة على نطاق أوسع داخل المخيمات غرب خان يونس، إذ عمد مواطنون إلى استبدال سلع غذائية متوفرة لديهم، بأخرى يفتقدونها.
وقال المواطن أحمد عمر، إنه يمتلك فائضاً في السكر، ولا يرغب في بيعه في السوق، فحتى لو باعه وحصل على المال، إلا أن الأخير لن يوفر له ما يحتاج، لذلك فضل المقايضة من أجل الحصول على زيت الطعام المفقود من منزله.
وأكد أنه وجد جاراً له يتوفر لديه الزيت، ويريد الحصول على السكر، وبالفعل استبدل 2 كلغم سكر، بعبوتي زيت سعة الواحدة منهما 1 لتر، موضحاً أن جاره كان سعيداً بالمقايضة، وهو كذلك.
وأوضح أن الأزمة الحالية أعادتهم آلاف السنوات للوراء، حيث نظام المقايضة الذي كان سائداً قبل اختراع الأموال، لكن الفرق أن المال متوفر اليوم، والناس لم تعد تأبه به، لفقده قيمته في ظل عدم توفر السلع في السوق.
وأكد عمر أن الأمر لا يقتصر على المواد الغذائية فقط، بل يشمل أيضاً الخدمات، فقد يعرض أحدهم مساعدته في أعمال يدوية أو زراعية مقابل خدمات أخرى.
وأوضح أن المقايضة أصبحت في غزة نموذجاً ليس فقط للتكيف مع الأوضاع، بل أيضاً للتكافل الاجتماعي والعمل الجماعي لمواجهة أزمة قد تطول.

 

غزة بلا مواصلات
شهدت أزمة المواصلات في قطاع غزة تفاقماً كبيراً في الأيام والأسابيع الماضية، وبات القطاع خالياً من وسائط النقل والمواصلات تقريباً، عدا عدد قليل من المركبات التي استطاع ملاكها توفير كميات محدودة من الوقود.
وأكد سائقون أن أزمة المواصلات في القطاع تعود إلى عدة أسباب، أهملها تعرض عدد كبير من المركبات للتدمير أو العطل خلال الفترة الماضية، إضافة لمشكلة نقص الوقود، التي ما زالت مستمرة، بسبب الحصار ومنع وصول الوقود.
وقال السائق إبراهيم عبد الهادي، إن عدد المركبات العمومية التي تعمل في مناطق وسط وجنوب القطاع، محدود مقارنة بحاجة المواطنين للمواصلات، وغالبية المركبات إن لم يكن جميعها، تضع عربات خلفها، لتزيد من حمولتها من الركاب، ورغم ذلك الأزمة مستمرة.
وأكد عبد الهادي أنه وجراء الأزمة ارتفعت تعريفة المواصلات ما بين 100 - 300%، وباتت عربات الكارو التي تجرها حيوانات، من وسائل المواصلات الدارجة والأساسية في القطاع.
بينما أكد المواطن محمد قاسم، أنه يواجه مشكلة في تنقلاته بين وسط القطاع، وخان يونس، حيث يقيم حالياً في الأخيرة، بينما يتوجه لمدينة دير البلح للعمل، لافتاً إلى أن عدد المركبات التي تعمل على خط وسط القطاع خان يونس قليل، ومعظم المركبات العمومية توقفت، وأخرى تعرضت للعطل بسبب استخدام زيت الطعام كوقود منذ مدة.
وأكد أنه يقف أحياناً نصف ساعة أو أكثر حتى تصل مركبة تقله، متمنياً لو عادت خطوط المواصلات كما كانت قبل الحرب.
وأجمع سائقون على أن تعافي قطاع المواصلات في غزة بحاجة إلى 3 أمور، الأول وهو الأهم يتمثل في إدخال قطع غيار لصيانة المركبات المتعطلة، وإعادتها للخدمة، والثاني السماح بوصول الوقود بمختلف أنواعه، حتى تتحرك المركبات، وتنخفض أسعاره، وبالتالي انخفاض تعريفة المواصلات، والثالث إدخال أعداد جديدة من المركبات العمومية، والحافلات الصغيرة، لتعويض النقص في عدد وسائل النقل المتاحة، مع ضرورة العمل على إصلاح شبكات الطرق المُدمرة، بسبب العدوان.
أما المواطن خالد ماضي، فأكد أنه يعتمد منذ مدة على دراجته الهوائية في تنقلاته، لكنها تعطلت أكثر من مرة، حتى تلفت عجلاتها، وبحث مطولاً ولم يجد قطع غيار، وبات يضطر للمشي على قدميه حتى يصل إلى حيث يريد، فحتى الدرجات الهوائية بات سكان القطاع محرومين منها.
وأكد ماضي أنه وبسبب المشي مسافات طويلة، وقلة الطعام، فقد غالبية الناس الكثير من أوزانهم.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق