26 أبريل 2025, 12:25 مساءً
تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإهمال والإساءة اللفظية للطفل هي الأكثر انتشاراً بين صور الإساءة للأطفال في العالم، وتمثل نسبة 54% من الحالات المؤكدة من العنف ضد الأطفال، وذلك مقارنة بنسبة 22% من العنف الجسدي، و4% من سوء المعاملة العاطفية، و12% أشكال أخرى من سوء المعاملة.
وبحسب تقرير على موقع مجلة "سيدتي"، كشفت دراسة عن العنف اللفظي، أجريت في جامعة فلوريدا الأمريكية، أن الأشخاص الذين تعرضوا إلى نوع من أنواع السباب خلال طفولتهم لديهم أعراض الاكتئاب والقلق أكثر من 1.6 ضعف من أولئك الذين لم يتعرضوا للسباب، كما يتضاعف احتمال معاناتهم من اضطرابات القلق أو المزاج أكثر في حياتهم.
في ضوء هذه الدراسات والأرقام تؤكد الدكتورة منال الشرباصي أستاذة التربية وتعديل السلوك أن كثيراً من الآباء والأمهات يمارسون- فعلياً- عنفاً لفظياً على أطفالهم من دون وعي أو إدراك بعواقبه السلبية، نظراً لصعوبة تحديد مظاهر أو علامات للعنف على وجه الدقة، ومن هنا يجب التعرف على العنف اللفظي وتاثيره وعلامات والعمل على تجنبها.
تعريفات للعنف اللفظي
العنف اللفظي عنف نفسي وعاطفي و هو الأصعب والأكثر إيلاماً للطفل، ويعد من أشد وأسوأ أنواع الإساءات التي يمكن أن يتعرض لها في حياته، مقارنة بالعنف البدني الذي قد يزول بمرور الوقت، فالآباء يسيؤون للطفل معنوياً، فتتكوّن لديه النزعة العدوانية، ولأنه لا يستطيع أن يؤذي أياً من الكبار، فهو سيؤذي أطفاله عندما يكبر؛ نظراً لسوء الصحة النفسية.
الطفل الأكثر عرضة للإساءة اللفظية
الطفل الأكثر عرضة للإساءة اللفظية، هو شخص لديه تاريخ للعنف اللفظي في أسرته، مما يتسبب بحصوله المتكرر على نتائج ضعيفة في المدرسة، أو أن يصبح الطفل معزولاً اجتماعياً، أو أن يظهر على الطفل سلوك معادٍ للمجتمع.
العنف الموجه للطفل يتضمن السب والسخرية والإهانة والاستهزاء، والتعذيب أو القتل لحيوان أليف يخص الطفل، والإساءة اللفظية تتمثل في الإفراط في الانتقاد والمطالب غير الملائمة لسن الطفل وإمكاناته، والمنع عن الاتصال مع الآخرين أو النبذ الدائم.
كما يتمثل في تحطيم أو تكسير للعب ودمى الطفل، التي تستحوذ مساحة كبيرة من اهتماماته وولعه، وهذا بلا شك يحفز الطفل على تكوين وتوجيه مشاعر عدوانية تجاه كل من يعارضه من الصغار.
تأثير الإساءة اللفظية على الطفل
تتكّون بداخل معظم الأطفال الذين يتعرضون لأعمال العنف عقد نفسية، وردات فعل عكسية، مُولدة في أنفسهم حب الجريمة وارتكابها.
بعض المجرمين من تجاوز عمر الطفولة قد أقدم على ارتكاب جرائم مختلفة بدوافع غالباً ما تكون دفينة، نتيجة لما تعرضوا له في طفولتهم.
وفقاً للدراسات التربوية؛ أن 80 % من الصغار الذين يتعرضون للإساءة وسوء المعاملة، فإنهم قد يواجهون صعوبة عندما يصبحون أولياء أمور.
الطفل الذي عاش الإهانة والفشل، سوف يقتص ويصبح حاقداً لا يحب الخير لأحد، لشعوره بالنقص، ولبحثه عن التعويض بالسلطة، أو الانتقام.
الطفل لا يســتوعب معاني الكلمات التي تقال له إلا بعد سن الخامسة، وإن استمر الحال سيصاب بالاكتئاب وكراهية الآخرين، وتتدهور حالته النفسية.
في سن المراهقة يزداد الأمر سوءاً، كونه سيلجأ إلى الانتقام بحيل وسلوكيات سلبية عديدة، ويجنح إلى التمرد والمعارضة والاحتجاج، مما يسبب له الكثير من المشاكل.
8 علامات على التربية السيئة للأطفال
ويرصد التقرير ثماني علامات تدل على التربية السيئة للأطفال:
ضغط وسيطرة الآباء تصيب الطفل بالخوف
أول علامات التربية السيئة هو محاولة الوالدين السيطرة على كل ما يخص الأطفال، بقصد متابعتهم في كل ما يفعلون ثم الاعتراض عليه، وهنا ينبغي على الآباء منح الأطفال بعض الاستقلالية في اتخاذ بعض القرارات، وتحمل جزء من المسؤوليات، ما قد يُعزز ثقة الطفل بذاته وعدم الاعتمادية.
كثرة الصُّراخ يؤثر على نفسية الطفل
والعلامة الثانية للتربية السيئة هو كثرة الصُّراخ في الطفل وهو ما يؤثر على نفسيته وفي هذا الشأن أُجريت دراسة في جامعة بيتسبرغ، وجدت أن التأديب واستخدام أسلوب الإهانة والصراخ اللفظي القاسي، قد يضر بنفسية الطفل على المدى البعيد، وأن المواظبة على استخدام التوبيخ اللفظي القاسي، كانت مَدخلاً رئيسياً لاكتئاب الطفل، وتدفعه إلى تكرار السلوكيات نفسها من دون توقف، رغم أن الصراخ لا يؤدب، إنما يوقف تصرف يقوم به الطفل- الآن- ويُعرضه للخطر.
تدخل الآباء الزائد.. يسبب قلق الطفل
والعلامة الثالثة هي تدخل الآباء الزائد ما يسبب قلق الطفل، ورغم أنه من المفيد حضور الأهل في حياة أطفالهم، ولكن الإفراط في التدخل في تفاصيلهم، يمكن أن يكون سبباً للقلق والاكتئاب، هنا ينصح علماء التربية بالتدخل ومعرفة كل ما يحيط بطفلك، ولكن بشكل غير مباشر، ولهذا حاولي الاقتراب منه وفهمه بدلاً من ملاصقتك لكل خطوة يخطوها.
عدم وجود قرار حاسم بشأن ميعاد النوم
أما العلامة الرابعة للتربية السيئة فهي عدم وجود قرار حاسم بشأن ميعاد نوم الأطفال، حيث وجد الباحثون أن هناك صلة بين عدم انتظام وقت نوم الطفل، والعشرات من سوء السلوك مثل: فرط النشاط، صعوبات عاطفية، وعدم الاندماج مع الأقران، وعلمياً اضطراب أوقات النوم في مرحلة النمو المُبكر للطفل، له تأثيرات على الصحة والدماغ؛ حيث إن نمو الطفل في المرحلة المُبكرة يترتب عليه تأثيرات على مدى الحياة.
السماح بمشاهدة التلفاز في عمر صغير جداً
والعلامة الخامسة هي السماح للطفل بمشاهدة التلفاز في عمر صغير جداً، حيث أكدت عدة دراسات أن تعريض الأطفال قبل سن الثالثة لشاشة التلفاز قد يكون سبباً رئيسياً للكثير من المُشكلات؛ منها: التأثير اللغوي، تأثير في المهارات الاجتماعية، ما يجعلهم أكثر تنمراً على زملائهم لحظة دخولهم الحضانة.
هناك ارتباط واضح ووثيق بين الإكثار من الجلوس أمام الشاشات ومشاكل التركيز، وضعف القراءة وإتقان الرياضيات، بينما البرامج التعليمية مفيدة للأطفال من سنتين ونصف إلى خمس سنوات فقط.
الآباء المُستبدّون
والعلامة السادسة للتربية السيئة فهي الآباء المُستبدّون، وبحسب الدراسات، فهناك ثلاثة أنماط أساسية من الأبوة والأمومة: المتساهلة، المستبدة، والسلطوية، ولكن الأسلوب الأمثل للتربية، فهو الذي يستند إلى الثقة والاحترام؛ حيث يكون الآباء والأمهات منفتحين وعقلانيين في توجيهاتهم لأطفالهم.
أما الأسوأ، فهو الأسلوب المستبد الذي يتمثل في الآباء والأمهات الذين يأمرون ويطلبون طاعة الأمر مهما كان، وهم يرفضون أي حوار أو نقاش مع أبنائهم؛ فقط هم يطالبون أبناءهم بأداء عظيم وتحقيق نجاحات مدرسية فقط.
مشاعر الآباء بعيدة عن أطفالهم
والعلامة السابعة هي حينما تكون مشاعر الآباء بعيدة عن أطفالهم، ورغم أنه من الصعب فرض مُعادلة دقيقة تضمن نتائج تربوية سليمة 100%، ولكن هُناك علاقة واضحة تربط بين دفء الوالدين ولطف توجيهاتهم وعقلانيتها، وانعكاس ذلك على سلوك أطفالهم.
حيث إن انخفاض مستوى الدفء وبرود العلاقة بين الآباء والأبناء، تُسهم في بناء مشاكل سلوكية، إلى جانب عدم الإحساس بالأمان والميل إلى العُزلة.
الإساءة اللفظية والعقاب الجسدي
أما العلامة الأخيرة والأصعب فهي لجوء بعض الآباء للإساءة اللفظية والعقاب الجسدي، ويعتقد البعض أن الإساءة اللفظية والتوبيخ واللوم، أو حتى الضرب غير الشديد هو العقاب الألطف والأقل ضرراً، إلا أن استمرار استخدام هذا النوع من العقاب مع الطفل قد ارتبط بمشاكل مختلفة مثل فرط النشاط والعدوانية والتنمر تجاه الأطفال الآخرين.
كما وجد أن الأطفال الذين يعاقبهم آباؤهم بالضرب؛ كانوا أكثر عُرضة لافتعال المشكلات مع زملائهم؛ حيث إن الضرب يرتبط ارتباطاً واضحاً بمشكلات الصحة العقلية، والصعوبات المعرفية لدى الطفل.
0 تعليق