هكذا يكافح النازحون في غزة قسوة الحياة من أجل البقاء - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب خليل الشيخ:


قبل بزوغ الشمس يصحو أفراد أسرة النازح محمد البياع (43 عاماً) ليشرعوا برحلة الكفاح اليومية في البحث عن الغذاء والماء، من أجل البقاء والصمود في ظل سياسة التجويع والتعطيش التي يمارسها الاحتلال في قطاع غزة.
يوزع أفراد الأسرة المقيمون في خيمة بالية ومهترئة على الطريق العام غرب غزة، مهام عملهم بدءاً من ساعات الصباح وانتهاءً بدخول الظلام، فالأب يتجه لفتح بسطته الخشبية المتواضعة لإصلاح الأحذية، وتشرع الأم "اعتماد" بتسخين فرن مصنوع من الطين أقامته ليوفر بعض الشواكل في إعالة الأسرة المكونة من سبعة أفراد.
وفيما يخصص الابن الأكبر "ضياء" في العشرينيات من عمره، يومه كاملاً لجلب المياه اللازمة للأسرة، عبر ملء "جالونات" وتخزينها للاستخدام طوال اليوم، وسط معاناة شديدة بسبب ندرة المياه واشتداد الحرارة، ويقوم الابن الأصغر مهيب (12 عاماً) بجلب أكياس النايلون البالية وبعض الحطب والقش والبلاستيك لتستخدمه والدته في الفرن من جهة، وللاستخدام المنزلي في التعامل مع موقد الحطب وأعمال الطبخ، إن وجد الطعام من جهة أخرى.
أما الفتاة "ملك" التي لم تتعد السابعة عشرة من عمرها، فتخصص غالبية وقتها لغسل ملابس أفراد العائلة، وتنشغل بهذه الأعمال طوال النهار، إلا أنها تقوم بين وقت وآخر بترتيب الخيمة والملابس والأغراض المنزلية، فضلاً عن الاعتناء بشقيقيها الصغيرين (أربعة وخمسة أعوام).
وقال الأب: "هذه حياتنا وهذه تفاصيل يومنا بالكامل ومن دون ذلك لا نستطيع توفير ما يلزم استمرار الحياة والعيش، ومواجهة مصاعب النزوح والحرب".
وأشار إلى أنه بلا أي دخل مادي من أي جهة، وكان يعتمد على استلام معونات غذائية ندرت كثيراً خلال الأسابيع والشهور الماضية، إضافة إلى بعض عوائد البسطة التي لا تتعدى 15 شيكلاً يومياً.
بدت الأم "اعتماد" متعبة بسبب جلوسها نحو ثلاثة أرباع النهار قبالة موقد الفرن وهي تنجز أعمال الخبز للزبائن، معبرة عن سخطها من هذه الأوضاع، لا سيما بسبب حالة الحر الشديد، وأشارت إلى أنها لم تكن تقوم بهذه الأعمال لولا أن زوجها لا يجني إلا القليل من وراء تصليح الأحذية.
وبعد وقت طويل استمر نحو ساعتين عاد الابن "ضياء" يحمل "جالونين" من المياه غير المخصصة للشرب، لكنها مخصصة للاستخدام المنزلي وأعمال التنظيف، مشيراً إلى أنه حمل "الجالونين" لمسافة لا تقل عن كيلو متر وهو يسير في الحر الشديد والرمال.
وقال: "جالونان بكفوش وسأفرغهما في برميل صغير وأعود لملئهما من جديد، وهكذا أواصل طيلة النهار، طالما سنحت الفرصة".
وعن مياه الشرب فهو يخصص "جالونين" لملئهما بمياه شرب تكون ملوثة نسبياً في بعض الأحيان، وبمقابل مادي يتراوح بين ثلاثة أو أربعة شواكل يومياً.
أما الطفل "مهيب" فهو يجتهد كثيراً في جمع قطع النايلون البالية والقش والكرتون والبلاستيك من الشوارع وأمام البسطات، لاستخدامها في أعمال موقد الحطب، سواء للفرن أو للاستخدام المنزلي، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتعبه جسدياً ونفسياً بسبب الحر، حتى هذه الأشياء باتت نادرة وغير متوفرة في الشوارع نظراً لتوجه غالبية المواطنين لجمعها بسبب ارتفاع أسعار الحطب.
وبدت الفتاة "ملك" أقل أفراد عائلتها تعرضاً للشمس والحر نتيجة إشغال وقتها في أعمال التنظيف والغسيل، والاعتناء بشقيقيها الطفلين، لكنها متعبة جداً من الروتين اليومي وشعورها بالجوع، فضلاً عن العيش في خيمة تفتقر لأدنى مقومات الحياة التي تحتاجها فتاة في عمرها، حسب قولها.
ومع انتهاء النهار يتوجه الجميع للنوم وأخذ قسط من الراحة، من أجل تكرار العمل نفسه في اليوم التالي، في حال لم تطلهم شظايا قذيفة مدفعية أو صاروخ يتوقعون سقوطها، في ظل قيام الاحتلال باستهداف الخيام خلال ساعات الليل.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق