عاجل

محطات الخط السعودي والخط الأول.. من نقش التاريخ إلى نبض الحاضر - اخبار الكويت

0 تعليق ارسل طباعة
تم النشر في: 

26 مايو 2025, 12:40 مساءً

يُعد الخط العربي من أبرز فنون الحضارة العربية والإسلامية، إذ تتجلى فيه جماليات اللغة وتطورها عبر العصور، وتعود بداياته إلى الحقبة الزمنية ما بين (169 ق.م - 106م)، حيث اشتق من الخط النبطي المتفرع عن الخط الآرامي، وتنعكس جماليّاته في زخارف الحرمين الشريفين، والمساجد، والمباني التراثية، ويتزين به عددٌ من اللوحات الفنية، والأشكال الإبداعية، والنقوش.

وفي ظل ما تمثله المملكة من إرث ثقافي عريق، وكونها موطنًا لأقدم الخطوط والنقوش المتنوعة كالمسند والنبطي والثمودي، جاءت مبادرة وزارة الثقافة لإطلاق خطين طباعيين مستلهمين من الخط العربي، كما تجلى في هويته البصرية الأولى، انطلاقًا من أقدم النقوش الصخرية والمصاحف المبكرة، تحت مسميي "الخط الأول" و"الخط السعودي".

ويهدف المشروع إلى تطوير الخط العربي، وتعزيز المشهد البصري؛ لتشكيل الهوية الثقافية الوطنية، مع الحفاظ على طابعه الأصيل ونشأته في الجزيرة العربية، من خلال الدمج بين الإرث الثقافي والتقنية الحديثة.

ويسعى المشروع إلى تطوير ملامح الهوية البصرية السعودية في المنصات الرقمية والإعلامية، وتعزيز حضور الخطوط العربية بهويتها الأولى في التطبيقات المعاصرة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تركز على العناية باللغة العربية وتنمية الإسهامات السعودية في مجالي الثقافة والفنون.

ويُنتج المشروع خطًا طباعيًا قويًا وواضحًا يعكس روح القيمة العربية والإسلامية التي تتجلّى في النقوش الصخرية، بأعلى دقة ممكنة، مما يعزز ممارسته وتطبيقه على مستوى الأفراد والمؤسسات، من خلال تشجيع استخدامه في المبادرات الثقافية والوطنية؛ ليصبح رمزين عصريين للتعبير عن الثقافة السعودية بأحدث الأساليب التقنية.

وفي هذا السياق، يؤكّد المشرف الرسمي بنادي "فن وفنانين" في منصة "هاوي" الوطنية الدكتور عبدالملك بن محمد العريك،، أن إصدار الخطين يُسهم في بناء شخصية بصرية فريدة تمكّن القارئ من تمييز الطابع السعودي فور رؤية النص، ويُبرز التميّز الثقافي والحضاري للمملكة التي ترتبط بتاريخ عريق مع الخط العربي.

ويُعزز تخصيص خطوط حديثة من استمرارية هذا الإرث العظيم بطريقة عصرية؛ لخدمة مناسبات الوطن؛ ليكون الخط الموحد بمثابة صوت بصري يُعبّر عن الجِدة والانتماء، ورافدًا للصناعات الإبداعية السعودية، بما يجعل المملكة حاضرة عالميًا بقوة بصرية واضحة.

وتقديرًا لما تختزنه المملكة من كنوز تاريخية وأثرية، بدأت وزارة الثقافة رحلة بحث عن هوية بصرية تليق بإرث الخط العربي، تكللت بولادة خطين يستلهمان جذور الحضارة وجماليات الهوية الوطنية. فاختير "الخط الأول" ليروي قصة الحرف حين خط أولى كلماته على الصخور وورق المصاحف، إشارة إلى البدايات التي صاغت ملامح الخط العربي الأصيل في الجزيرة العربية.

وعملت وزارة الثقافة على بناء النموذج الخطي حسب توجه كل خط، ليمثل "الخط الأول"؛ ليحاكي خصائص الخطوط الأولى التي تعود إلى القرن الأول الهجري، مع سمات تصميمية تراعي الليونة وسهولة الاستخدام، محافظةً على المرجعية البصرية للنقوش القديمة والمصاحف، استلهمت حروفه من أدوات النقش القديمة، مع توظيف أدوات حديثة تضمن وضوح الخط وتناسق مقاييسه، والالتزام بالقواعد الفنية، كقانون السطر وأشكال الحروف في مواضعها المختلفة.

أما "الخط السعودي"، فجاء استجابة لزمن متجدد، باسم يعكس الانتماء للمملكة، ويجسد حيوية التطور الذي تشهده، وصُمم ليتواءم مع متطلبات العصر الرقمي ويُستخدم في التطبيقات الحديثة؛ لإبراز الثقافة السعودية بأسلوب عصري وواضح، يعبّر عن الهوية الوطنية، ويُستخدم على نطاق واسع في السياقات الرسمية والوطنية، معتمدًا على قواعد كتابة "الخط الأول"، لكن بأسلوبٍ أكثر مرونة يعكس التنوع الثقافي والإبداعي؛ ليكون رمزًا للتجديد والتطور.

وجرى رقمنة الخطوط من خلال تصميم دقيق، شمل تحديد الأبعاد المثالية وقياسات الحروف، وتنقيحًا معمقًا يضمن تناسق الحروف وسلاسة المخرجات البصرية، رُوعي فيها التوازن البصري والوظيفي لتتوافق مع مختلف المنصات الرقمية، بما يتيح الوصول إلى أكثر من 100 مليون مستخدم حول العالم، في خطوة تنسجم مع رؤية المملكة 2030 لنشر عناصرها الثقافية محليًا وعالميًا.

وعلى الرغم من انطلاق "الخط الأول" و"الخط السعودي" من فكرة واحدة تتمثل في الحفاظ على جوهر الحرف العربي، إلا أن لكل منهما طابعًا متفردًا؛ فـ"الخط الأول" استعاد عبق البدايات، فيما عكس "الخط السعودي" روح التطور، ليشكلا معًا جسرًا يربط أصالة الماضي بتطلعات المستقبل، بما يواكب طموحات المملكة في النهوض بالثقافة العربية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق