هل تتآكل استراتيجية ترامب الاقتصادية بعد فشل الرسوم الجمركية؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

مع دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المئة يوم الأولى من ولايته الثانية، يتزايد الجدل بشأن فعالية استراتيجيته الاقتصادية التي تقوم على فرض الرسوم الجمركية كسلاح تفاوضي لإعادة التوازن إلى العلاقات التجارية العالمية، لا سيما مع الصين. وبينما هدفت هذه السياسة إلى دعم الصناعة الأمريكية وتحقيق مكاسب استراتيجية، إلا أن نتائجها تبدو أكثر تعقيدًا في ظل ركود النمو العالمي وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، مما دفع الأسواق إلى إعادة تقييم فرص نجاح ما يسميه ترامب بـ"صفقات كبرى".

ترامب و"فن إبرام الصفقات"

في كتابه الشهير "فن إبرام الصفقات"، قدم دونالد ترامب نفسه كرجل لا يهدأ، يقضي أيامه في مكالمات مع كبار رجال الأعمال، ويبني نجاحاته عبر سلسلة من الصفقات التجارية والعقارية. لكن واقع الحكم في البيت الأبيض مختلف تمامًا، إذ يواجه تحديات لا يمكن حلها باتصال هاتفي أو صفقة سريعة، مما يضعف أسطورة التفاوض السريع التي اعتمد عليها في حملاته الانتخابية.

التراجع عن المواجهة... ترامب يخفف نبرته التجارية

في تحول لافت، خفف ترامب من لهجته التصعيدية تجاه الصين، معلنًا نيته خفض الرسوم الجمركية البالغة 145% على الواردات الصينية. وقال: "لن تكون بهذه الدرجة من الارتفاع... ستنخفض بشكل كبير، لكنها لن تصل إلى الصفر"، في تناقض مع تصريحاته السابقة في أبريل، التي كانت تحمل لهجة أكثر تشددًا، رغم غياب محادثات رسمية بين الطرفين. وقد صرح ترامب سابقًا أنه يسعى لإبرام اتفاقات رسوم جمركية مع كل الدول بما فيها الصين، مما يظهر تحولا ملحوظًا في استراتيجيته.

بكين ترحب بالحوار دون تقديم تنازلات

من جانبها، رحبت الصين بمؤشرات الانفتاح على الحوار، لكنها لم تتراجع عن مواقفها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جوه جيا كون: "لا نرغب في القتال، لكننا لا نخشى منه. وإذا حدث، فسنقاتل حتى النهاية. وإذا أردنا الحوار، فالباب مفتوح". وقد أدى هذا التغير إلى ارتفاع مؤقت في الأسواق، إلا أن التذبذب المستمر في مواقف الإدارة الأمريكية يجعل من الصعب بناء ثقة طويلة الأمد في مسار المفاوضات.

الخزانة الأمريكية: هناك فرصة لصفقة هامة

أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن "الفرصة سانحة لإبرام صفقة هامة مع الصين"، مشيرًا إلى إمكانية إعادة التوازن التجاري من خلال التعاون، وأضاف خلال كلمة ألقاها في معهد التمويل الدولي: "إذا أراد الطرفان إعادة التوازن، فلنعمل معًا"، مما يعزز التوقعات بإمكانية التوصل إلى حلول وسطى بدل التصعيد.

12 ولاية ترفع دعاوى ضد الرسوم الجمركية

على الصعيد الداخلي، تواجه إدارة ترامب معارضة متصاعدة، إذ رفعت 12 ولاية أمريكية دعاوى قضائية تطعن بشرعية فرض الرسوم الجمركية دون تفويض من الكونغرس. وقالت المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيتيا جيمس: "الرئيس لا يملك سلطة فرض الضرائب بدافع النزوة، لكن هذا تمامًا ما يفعله ترامب"، مما يعزز الانقسامات الدستورية حول مدى سلطة الرئيس في قضايا التجارة.

انتصارات شكلية وصراعات دستورية

يراهن ترامب على خلق "انتصارات" سياسية سريعة عبر استخدام أدوات السلطة التنفيذية، مثل الضغط على الجامعات والشركات الكبرى، وهو ما يشبه تكتيكات السوق أكثر مما يعكس إدارة مؤسسات الدولة. تجلى ذلك بوضوح عندما تم استثناء هواتف "آيفون" من الرسوم الجمركية عقب مكالمة مع الرئيس التنفيذي لشركة "آبل"، في مشهد يذكرنا بـ"فن إبرام الصفقات"، لكن بطابع سياسي مثير للجدل.

الصين وأوكرانيا تصمدان أمام ضغوط ترامب

حتى الآن، لم تحقق إدارة ترامب الصفقات الكبرى التي وعدت بها، رغم تعليق بعض الرسوم لمدة 90 يومًا. فقد أشار تقرير لمصرف مورجان ستانلي إلى أن الولايات المتحدة كانت الأكثر تضررًا من تعريفات ترامب الجمركية، مما يضعف موقفه التفاوضي. كما أن الصين رفضت الرضوخ لما تصفه بـ"الضغوط"، بينما لم يقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشروط الأمريكية لإنهاء الحرب، في وقت لم يُمارس فيه ترامب ضغطًا مماثلًا على روسيا.

الاختبار الأكبر لأسطورة ترامب

إذا تمكن ترامب من التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، فقد يُنهي حربًا دموية ويُنقذ آلاف الأرواح. وإذا نجح في تعديل الميزان التجاري مع الصين، فقد يُسهم في استعادة الوظائف الأمريكية ومواجهة آثار العولمة في المناطق الصناعية. لكن حتى الآن، لا شيء من ذلك تحقق، وما يُنتظر من إدارة ترامب هو إثبات أن أسطورة "رجل الصفقات" قابلة للحياة في عالم تتقاطع فيه الجغرافيا السياسية والاقتصاد العالمي.

أخبار ذات صلة

0 تعليق