في ظل التصعيد الجمركي الذي تقوده إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعيش الشركات الكبرى حول العالم حالة من القلق والارتباك، انعكست بشكل مباشر على قراراتها المالية والاستراتيجية.
فبين تسريحات جماعية، وسحب للتوقعات السنوية، تتكشف ملامح تأثير الحرب التجارية على مجتمع الأعمال العالمي.
"يو.بي.إس" تلغي 20 ألف وظيفة.. و"جنرال موتورز" تتريث
أعلنت شركة UPS، عملاق خدمات الشحن الأميركي، عن خطة لإلغاء 20 ألف وظيفة في محاولة لخفض التكاليف، وسط أجواء من الغموض تكتنف مستقبل التجارة.
في الوقت ذاته، قررت "جنرال موتورز" سحب توقعاتها للعام الجاري وتأجيل مكالمتها الدورية مع المستثمرين حتى الخميس، انتظارًا لمزيد من الوضوح بشأن التعديلات المحتملة على السياسة التجارية.
شركات من مختلف القطاعات تُخفّض أو تسحب توقعاتها
انضمت شركات رائدة مثل كرافت هاينز، إلكترولوكس، فولفو، لوجيتك، وأديداس إلى موجة تقليص التقديرات السنوية، نتيجة للتقلبات التي أحدثتها الحرب التجارية.
في تحليل أجرته "رويترز"، أشار إلى أن حوالي 40 شركة عالمية قامت بسحب أو تخفيض توقعاتها خلال الأسبوعين الأولين من موسم الإعلان عن نتائج الربع الأول، في إشارة إلى مدى انتشار التأثير.
الرؤية غائبة.. ومديرو الشركات يعترفون بالعجز
"سيدهشني من يدّعي أنه يملك رؤية واضحة لمسار الرسوم الجمركية"، هكذا صرح يانيك فيرلين، الرئيس التنفيذي لشركة إلكترولوكس، مؤكداً أن كل التوقعات السابقة ثبت خطؤها.
أما الرئيسة التنفيذية لـ UPS كارول تومي، فوصفت الوضع الراهن بأنه "الأكثر تأثيرًا على التجارة منذ قرن".
خسائر فادحة لعمالقة السيارات
أعلنت بورشه أنها خسرت نحو 100 مليون يورو (114 مليون دولار) بسبب الرسوم الأميركية خلال شهري أبريل ومايو، في حين هوى سهم فولفو بنسبة تسعة بالمئة بعد إعلانها عن خطة لخفض التكاليف بـ1.8 مليار دولار، وإعادة هيكلة عملياتها في الولايات المتحدة.
ويتوقع محللون أن تؤدي الرسوم إلى رفع أسعار السيارات داخل السوق الأميركية، مما قد يقلص الطلب ويضاعف الضغوط على قطاع يعاني أصلًا من تباطؤ الانتقال إلى السيارات الكهربائية.
البيت الأبيض يتراجع جزئيًا.. لكن الغموض مستمر
رغم موجة الغضب في الأسواق، أعلن وزير الخزانة سكوت بيسنت أن ترامب سيخفض بعض الرسوم على قطع غيار السيارات لتجنب الازدواج الضريبي، في محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة.
لكن التأخير المستمر في تحديد توجهات الرسوم يُبقي الشركات في حالة شلل استثماري.
البنوك تحذر من تبعات الاضطراب التجاري
حذّر بنك HSBC من أن تصاعد الحرب التجارية قد يؤثر على جودة الائتمان والطلب على القروض، مما يضيف بعداً جديداً للأزمة ويدفع النظام المصرفي إلى حالة ترقب وحذر شديدين.
استهلاك تحت الضغط: أمازون وأديداس تراقبان السوق
تقرير إخباري أشار إلى أن أمازون قد تفكر في إضافة تكلفة الرسوم الجمركية على بعض المنتجات منخفضة التكلفة، لكن الشركة نفت المعلومة رسميًا.
في المقابل، قال الرئيس التنفيذي لشركة أديداس إنه كان بالإمكان رفع التوقعات لولا عدم وضوح مستقبل التعرفة الجمركية.
شركات كبرى تراجع حساباتها
خفضت شركات مثل كرافت هاينز وهيلتون ونستله ويونيليفر توقعاتها للعام، مشيرة إلى ضعف ثقة المستهلك كعامل رئيسي.
أما دياجيو وتشيبوتلي، فقد عزتا قراراتهما إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد واضطراب سلاسل التوريد.
الحرب التجارية الأميركية لم تعد مجرد مناوشات على الورق، بل تحولت إلى تهديد وجودي يطال خطط الشركات الكبرى حول العالم.
ومع استمرار الغموض في قرارات الرسوم، تبدو بيئة الأعمال العالمية في مواجهة واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية منذ عقود.
أخبار متعلقة :