الكويت الاخباري

تعزيز الصمود المالي في فلسطين - الكويت الاخباري

ملخص سياساتي لمعهد "ماس"*

يتعرض القطاع المالي الفلسطيني لضغوط متزايدة من الاحتلال الإسرائيلي، كان آخرها تهديد وزير المالية الإسرائيلي بوقف ترتيبات المراسلة المصرفية بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية، في مخالفة للتعهدات الإسرائيلية التي قدمت العام 2024 لمجموعة السبع، خاصة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في حينه.
ورغم أن هذا القرار لم يُعرض بعد على مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي للمصادقة، إلا أن مجرد التهديد كان كافياً لإحداث صدمة كبيرة في الاقتصاد الفلسطيني، ودفع البنوك الفلسطينية إلى الحد من قبول الودائع بالشيكل، نظراً لتراكم السيولة وتوقع حدوث اضطرابات قادمة. ونتيجة لذلك، يتكبد المواطنون تبعات هذه الإجراءات التعسفية.
لا تزال المؤسسات المصرفية الفلسطينية، كحال المجتمع الذي تخدمه، شديدة الهشاشة أمام الصدمات السياسية والإجراءات الإسرائيلية القسرية والقيود البنيوية العميقة، ويظل الشمول المالي الهادف عملية غير مكتملة في فلسطين. ورغم أن الحل الجذري يكمن في إنهاء الاحتلال وتحقيق السيادة الفلسطينية، إلا أن هناك إجراءات فورية يمكن اتخاذها لتعزيز الصمود المؤسسي، وتقليل التبعية، وبناء الأسس المطلوبة لتحقيق الاستقلال النقدي طويل الأجل. ويتطلب ذلك تحولات جريئة في السياسات، ودعماً دولياً، والتزاماً جديداً ببناء نظام مالي شامل يتمحور على تعزيز الصمود وحماية حقوق المواطنين.
في كانون الأول 2024، نظّم معهد "ماس" ندوة أكاديمية دولية حول أولويات الاقتصاد الفلسطيني في ظل الحرب. وناقشت إحدى الأوراق، بعنوان "إدارة المال والمصارف تحت الاحتلال" (حن وهاركر، 2024)، مجموعة من التوصيات السياسية لتعزيز صمود النظام المصرفي بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني. ويستند هذا الملخص إلى تلك الورقة بالإضافة إلى ملاحظات لاحقة قدّمها البروفيسور هاينر فلاسبيك خلال الندوة، بهدف تطوير استراتيجيات فلسطينية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية العقابية المتزايدة.

الأهداف الاستراتيجية:
• تقليص الاعتماد على الشيكل من خلال تعزيز استخدام العملات البديلة.
• تعزيز استقرار العمليات المصرفية والتحول الرقمي للخدمات المالية.
• دعم الإنتاج المحلي والتعافي الاقتصادي.
• بناء مؤسسات مالية شمولية.
• دعم الصمود والسيادة النقدية المستقبلية وتسخير الحماية الدولية.

أبرز التوصيات السياساتية:
1. تقليص الاعتماد على الشيكل.
• على الأفراد والشركات والحكومة الفلسطينية تقليل الاعتماد على الشيكل تدريجياً عبر تعزيز استخدام العملات البديلة المتداولة (الدولار الأميركي، الدينار الأردني، اليورو).
• دراسة إمكانية البدء بصرف رواتب القطاع العام بعملات أجنبية بديلة، مع إلزام المتاجر بتسعير السلع المعمرة وفقاً لتلك العملات. يتم توسيع هذا الإجراء تدريجياً ليشمل قطاعات إضافية، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المتعلقة بتوفير العملات الأجنبية، خاصة الفئات النقدية الصغيرة.
• إدراك المخاطر المصاحبة لتقلب سعر الصرف وطرح أدوات تحوط مالي وبرامج تثقيف مالي موجهة لغاية تعزيز القدرة على التعامل مع مخاطر صرف العملات. تقليل التبعية الاقتصادية للاحتلال تعتبر أمرا محوريا بهذا الجانب.

2. إنشاء علاقات مراسلة مصرفية أكثر استقراراً:
• تسخير الضغط الدولي لاستئناف المفاوضات مع بنك إسرائيل لإرساء إطار دائم للمراسلة المصرفية وزيادة سقف تحويلات الشيكل مقابل العملات البديلة المتداولة محلياً.
• التعاون مع المجتمع الدولي لحث إسرائيل على سن التشريعات اللازمة لإمكانية تأسيس جهة مستقلة للمتابعة على أمور المراسلة المصرفية، أو توفير ضمان دولي بديل.

3. دعم الخدمات المالية الرقمية:
• توسيع البنية التحتية والحوافز لاستخدام المحافظ الإلكترونية ونقاط البيع، خصوصاً في المناطق المهمشة والريفية.
• البناء على مبادرات سلطة النقد مثل "IBURAQ" و"E-SADAD"، وتوسيعها لتعزيز الترابط المالي المحلي، مع العمل على تطوير أنظمة مماثلة للتكامل المالي العابر للحدود مع الأردن وأسواق إقليمية أخرى.

4. تشجيع الإقراض للقطاعات الإنتاجية:
• تشجيع البنوك على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والقطاعات الإنتاجية (الزراعة، الصناعة، سلاسل التوريد المحلية).
• توسيع مبادرات سلطة النقد مثل "بادر"، "استدامة 2"، و"ابدأ الآن"، من خلال زيادة التمويل وتوفير ضمانات ائتمانية مدعومة من الجهات المانحة.

5. تعزيز رأس مال المصارف:
• تكرار تجارب ضخ رأس المال من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) في بنك فلسطين لتشمل بنوكاً أخرى، بهدف تعزيز ثقة السوق وبناء هوامش سيولة إضافية.
• الحصول على دعم من مؤسسات التمويل الدولية لتعزيز قاعدة رأس مال سلطة النقد وتطوير الأدوات المتاحة لديها للاستجابة للأزمات.

6. إضفاء الطابع الرسمي على نماذج التمويل المجتمعية:
• الاعتراف القانوني ودعم الاتحادات الائتمانية، وأنماط الإقراض بدون فوائد، والبنوك المجتمعية ضمن مراجعة لقانون المصارف.
• ترخيص بنوك البريد، البنوك العامة، ومؤسسات مالية متخصصة بالإقراض للقطاعات الإنتاجية لتحسين الوصول وتخفيض تكاليف الاقتراض.

7. الإقراض العادل وإعفاءات الديون:
• وقف مصادرة الممتلكات، خاصة السكن، نتيجة تعثر سداد القروض بالتنسيق مع الجهات القضائية.
• إلغاء الرسوم ومعالجة الأثر على التقييم الائتماني ونظام تصنيف الشيكات الناتج عن حالات التعثر بسبب رفض البنوك قبول إيداعات بالشيكل.
• وضع أطر منظمة لإعفاء الأسر المتضررة من الحرب من الديون، وخاصة في غزة، مع جعل الحماية الاجتماعية أولوية.
• اعتماد برنامج وطني لتأجيل سداد القروض، يتيح للمقترضين تأجيل دفعاتهم لفترة تصل إلى ستة أشهر، تُوزع على مرحلتين أو ثلاث، دون تحميلهم أي فوائد أو رسوم إضافية.

8. الضمانات الدولية والسيادة النقدية:
• السعي للحصول على ضمانات دولية من المؤسسات المالية متعددة الأطراف لضمان استمرارية عمل القطاع المصرفي وقدرة الحكومة على الاقتراض.
• الشروع في التخطيط طويل الأمد لإنشاء منطقة نقدية فلسطينية مستقلة، مدعومة بضامن اقتصادي كبير (مثل الاتحاد الأوروبي أو دول الخليج)، بالتوازي مع المطالبة بالاعتراف بفلسطين كإقليم جمركي مستقل ضمن منظمة التجارة العالمية. العمل على تثبيت سعر صرف حقيقي مستقر من خلال آليات خفض تدريجي مدروسة للعملة تأخذ في الحسبان فروقات التضخم، بهدف الحد من المضاربات.
__________________
* هذا الملخص يستند إلى نقاشات طاولة مستديرة عقدها معهد أبحاث السياسات الفلسطيني "ماس" في كانون الأول 2024.

أخبار متعلقة :