استراتيجيات للتعامل مع سوق العمل غير المستقرة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة، يواجه الأفراد تحديات متزايدة تتطلب منهم التكيف مع الأوضاع المتغيرة بشكل مستمر. هذه التحديات لا تقتصر على الجوانب المهنية فقط، بل تمتد لتشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية، مما يزيد من الحاجة إلى استراتيجيات مبتكرة ومؤثرة للتعامل مع هذه الظروف.

في هذا السياق، يتعين على كل فرد أن يطور من أدواته للتعامل مع الضغوط اليومية، وأن يتبنى نهجاً مرناً يمكنه من مواكبة المتغيرات بشكل إيجابي وفعّال، حسب خبراء.

ويشير تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية إلى تزايد مشاعر القلق والشكوك لدى الأفراد بشأن الاقتصاد وسوق العمل، حيث تظهر البيانات أن ثقة الموظفين قد تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة، في وقت يتزايد فيه الحديث عن تصاعد حالة "عدم اليقين".

ونقل التقرير عن الكاتبة أليسون غرين، التي تدير عمود "اسأل مديراً" منذ العام 2007، قولها إن هذا الشعور العام يعود إلى حقيقة أن الوضع الوظيفي بات "سيئًا جداً"،  وتقول غرين: "البريد الإلكتروني الذي أتلقاه اليوم لا يختلف كثيرًا عن الوضع الذي كان سائدًا في 2020، الذي كان أكثر إحباطًا من أزمة 2008 المالية".

غرين، التي يتابعها ملايين القراء للحصول على نصائح في التعامل مع مشاكل العمل، أكدت أن الرسائل التي تتلقاها أصبحت أكثر إلحاحاً، حيث يعبر الكثيرون عن قلقهم الشديد بشأن مستقبل وظائفهم. وتضيف: "الناس يواجهون هواجس حقيقية بشأن إمكانية تسريحهم من أعمالهم أو ما إذا كان عليهم البحث عن وظيفة جديدة في ظل استمرار الاضطرابات الاقتصادية".

نصائح لسوق عمل غير مستقر

على الرغم من هذا التوقع المتشائم، تحاول غرين تقديم نصائح إيجابية. وتؤكد أن الأفراد لا يجب أن يربطوا مصيرهم الوظيفي بهويتهم الشخصية، وتقول: "ما يحدث في حياتك المهنية لا يعكس قيمتك كفرد، بل هو نتيجة لعوامل خارجية".  كما تشير إلى أن الأوضاع قد تتغير بسرعة، فلا يجب على الأفراد الاستسلام للتفكير الكارثي الذي يعتقد بأن مسيرتهم المهنية قد انتهت.

وتنصح أولئك الذين يجدون أنفسهم في أزمة مالية أو مهنية بضرورة التفكير بشكل أكثر مرونة. وتقول: "يجب أن تكون لديك رؤية أوسع لكيفية انتقال مهاراتك إلى صناعات أخرى". كما تشدد على أهمية عدم التمسك بالأفكار المحدودة حول ما يمكن أن يقدمه الشخص في سوق العمل.

وأخيرًا، تؤكد غرين أن الوقت الحالي يعد فرصة مثالية لبناء صندوق طوارئ مناسب. ويوصي الخبراء عادة بتمويل يعادل من ثلاثة إلى ستة أشهر من النفقات الحياتية، لتكون خطوة استباقية تحسبًا لأي طارئ قد يحدث في المستقبل القريب.

نصائح أساسية

وفي زمن تتزايد فيه الضغوط المهنية وتتسارع وتيرة المهام اليومية، يصبح الحفاظ على السلام النفسي داخل بيئة العمل أمرًا بالغ الأهمية.. ولمواجهة هذه المعضلة، تقدم  خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، لدى حديثها مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" مجموعة من النصائح للتعامل مع الضغوط دون أن يفقد الموظف توازنه أو طاقته الإيجابية.

تؤكد رمسيس في البداية على أن مواجهة التوتر في بيئة العمل تبدأ من التركيز على الأهداف الشخصية والمهنية، وخلق بيئة عمل صحية حتى في ظل وجود عناصر سلبية أو مثيرة للجدل. وتدعو إلى ضرورة الابتعاد عن ناقلي أو مُصدري المشكلات والأزمات، الذين يستنزفون الطاقة ويعكرون صفو يوم العمل، مع التشديد على أهمية تنمية المهارات الذاتية.

وتلفت إلى إمكانية استثمار الوقت خلال فترات العمل بالاستماع إلى برامج بودكاست متخصصة في المجال المهني، ما يسهم في تطوير المعارف وتعزيز الكفاءة، في أوقات الفراغ إن وجدت. كما تشير إلى أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة خلال أوقات الراحة يساعد على تهدئة الأعصاب والاحتفاظ باتزان المزاج، مضيفة: "التركيز على الذات والانفصال عن مشكلات الآخرين، يجعل وقت العمل يمر بهدوء وسلام، بل وقد يدفع من يراك ناجحًا إلى تقليد هذا الأسلوب الإيجابي."

وفيما يتعلق بمن يشغلون مواقع قيادية، تشدد رمسيس على أهمية معالجة التحديات بروح التفاهم لا عبر الفرض أو التوتر، وتقترح إدخال بعض العناصر الترفيهية الخفيفة في أجواء العمل، لخلق بيئة أكثر تعاوناً وإبداعاً، وهو ما ينعكس بدوره على زيادة الإنتاجية ورفع مستوى الرضا الوظيفي.

القلق المتزايد

تقرير لكلية بايلور للطب في ولاية تكساس الأميركية، ينقل عن أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في مستشفى ميننجر، الدكتور عاصم شاه، قوله:

"من الطبيعي أن يشعر الجميع بنوع من القلق في بيئة العمل، لكن لا ينبغي أن يصبح هذا القلق مشكلة تؤثر على الأداء الوظيفي". "قد يكون القلق في مكان العمل ناتجاً عن بيئتك، التي تشمل زملاء العمل، المشرفين، المهام الصغيرة أو المشاريع الكبرى". في حالة القلق في العمل، قد تلاحظ بعض الأعراض مثل الشعور بالقلق أو التوتر المفرط، التغيرات الجسدية مثل التعرق الزائد أو الرجفان، التفكير المفرط في المهمة الموكلة إليك، أو حتى قلة الاهتمام في العمل. "يصبح القلق ساحقًا لدرجة أنك لا تستطيع التركيز أو الانتباه، وهذه المشاعر قد تؤثر على أدائك اليومي".

إذا استمرت هذه المشاعر لأكثر من ستة أشهر، يرى الدكتور شاه أن الوقت قد حان لطلب المساعدة المهنية، مردفاً: "بعض أصحاب العمل قد يقدمون برامج دعم الموظفين التي يمكنك من خلالها الحصول على المساعدة.. كما يمكنك التحدث مع معالج نفسي أو البحث عن إدارة الأدوية لعلاج القلق في مكان العمل."

ويضيف: "من المهم أن تعرف أن الحصول على وظيفة جديدة ليس دائمًا الحل لقلقك في العمل". ولإدارة هذا القلق وتقليل التوتر، يوصي الدكتور شاه بعدة استراتيجيات مثل تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة لتجنب الشعور بالإرهاق:

تحديد أهداف صغيرة طوال أسبوع العمل ومكافأة نفسك عند تحقيقها. التعبير عن مشاعرك من خلال الكتابة أو التحدث مع شخص تثق به. تبني عادات صحية. العمل ضمن حدودك بتحديد حدود لأعباء العمل.

تغييرات بسيطة

وفي خضم الضغوط المتزايدة في بيئات العمل الحديثة، يشعر كثيرون بالملل أو الضيق خلال أداء المهام اليومية، ما يؤثر سلباً على إنتاجيتهم ونظرتهم لمسيرتهم المهنية.. وفي هذا السياق، يطرح الخبير الاقتصادي ياسين أحمد  لدى حديثه مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" مجموعة من النصائح العملية للتغلب على هذا الشعور، من خلال تغييرات بسيطة لكنها مؤثرة في الروتين المهني.

"لكي تتغلب على الضيق أو الملل في عملك، لا بد من اتخاذ خطوات مدروسة، تبدأ أولاً بتغيير طريقة تنفيذ المهام اليومية، فكسر الروتين يساعد على تجديد الحماس." "من الضروري أيضًا تطوير المهارات بشكل مستمر، فتعلم مهارة جديدة يومياً، ولو بسيطة، يمنح شعورًا بالتقدم والإنجاز."

ويشدد الخبير الاقتصادي على أهمية تنظيم المهام حسب الأولوية، إلى جانب التواصل المستمر مع المدير المباشر للحصول على تقييمات دورية تعزز الثقة بالنفس وتحفز الموظف على الإتقان.

كما ينصح باختيار نمط العمل الأنسب لكل شخص، سواء عبر توزيع المهام على مدار اليوم أو التركيز المكثف لفترات محددة، مع ضرورة أخذ فترات راحة قصيرة لتجديد النشاط الذهني. ويختم حديثه قائلاً: "إذا كانت بيئة العمل نفسها مصدرًا للضيق، فلا بد من التفكير بجدية في تغييرها إلى بيئة أكثر إيجابية وتحفيزًا على التطوير الذاتي."

أخبار ذات صلة

0 تعليق