تحولت منشأة فوردو النووية، الواقعة في عمق جبال إيران قرب مدينة قُم، إلى واحدة من أبرز رموز التوتر المتصاعد بين طهران وتل أبيب، وأصبحت اليوم في صلب القرارات المصيرية التي تواجهها الولايات المتحدة وسط الحرب المتفجرة بين الجانبين.
تأسست المنشأة في أواخر العقد الأول من القرن الحالي، على بعد 30 كيلو مترا شمال شرقي مدينة قم، وتم بناؤها داخل جبل بهدف حمايتها من أي ضربة عسكرية محتملة.
وبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تضم فوردو أكثر من ألف جهاز طرد مركزي متطور، وتُستخدم لتخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من تلك المطلوبة لصناعة سلاح نووي.
التهديد الذي لا يمكن تجاوزه
العمق الجيولوجي والتحصينات الخرسانية التي تغلف المنشأة جعلتها هدفاً بالغ الصعوبة لأي هجوم عسكري تقليدي.
إسرائيل، التي شنت في الأيام الأخيرة سلسلة غارات على منشآت نووية إيرانية أخرى، لا تملك القدرة العسكرية لضرب فوردو نظراً لافتقارها إلى نوع السلاح اللازم لاختراق هذا الموقع المحصّن.
ولهذا، أصبحت قنابل "GBU-57" الأميركية الخارقة للتحصينات – والتي تزن نحو 30 ألف رطل ولا يمكن حملها إلا بواسطة قاذفات "B-2" – هي الخيار الوحيد الممكن لتدمير المنشأة بشكل فعّال. إسرائيل لا تمتلك هذه القاذفات ولا هذه القنابل، مما يضع القرار النهائي في يد واشنطن.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لطالما عارض التدخلات العسكرية الطويلة في الشرق الأوسط، يجد نفسه الآن أمام مفترق طرق. فمن جهة، يضغط عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للانضمام إلى الهجوم وضرب فوردو، معتبراً أن بقاء المنشأة يعني بقاء الخطر النووي الإيراني.
ومن جهة أخرى، يسعى ترامب لاستثمار ورقة الضغط هذه في مسار دبلوماسي قد يؤدي إلى اتفاق جديد مع طهران.
وبينما عبّر ترامب عن قناعته بأن إيران "باتت على طاولة التفاوض" بحسب تصريحاته الأخيرة، فإنه لم يستبعد الخيار العسكري تماماً، مؤكداً أن بلاده لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وأن جميع الخيارات لا تزال مطروحة.
ويطالب ترامب إيران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، ويبدو أن رفض إيران لذلك قد يفتح الباب أمام مشاركة الولايات المتحدة في شن هجوم مباشر لتدمير منشآت فوردو النووية وغيرها.
0 تعليق