مكالمة بوتين وترامب.. هل تمهد لملامح مواجهة كبرى؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

في مشهد يعيد رسم معادلات الحرب والسلام في أوروبا، فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحات مثيرة بشأن مكالمة هاتفية جرت بينه وبين نظيره الروسي فلاديمير بوتين، واضعًا العالم على أعتاب مرحلة أكثر حساسية من الصراع في أوكرانيا.

ترامب، المعروف بتصريحاته المباشرة والمربكة، لمّح إلى أن "الرد الروسي على أوكرانيا قادم"، ما اعتبره كثيرون إشارة إلى تصعيد محتمل، في توقيت بالغ التعقيد.

فقد كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تفاصيل مكالمة هاتفية قال إنه أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دون أن يحدد توقيتها أو السياق الكامل لها. ترامب قال بصيغة توحي بالتحذير: "بوتين كان واضحا.. الرد الروسي على هجوم أوكرانيا قادم، وقد يكون أسرع مما يظن البعض".

هذا التصريح، وإن بدا في ظاهره تعليقا عابرا، حمل في طياته دلالات جيوسياسية كبرى، خاصة أنه جاء بعد أيام من تقارير عن تحركات روسية غير تقليدية على الجبهات الشرقية، وتكثيف الضربات بعيدة المدى داخل العمق الأوكراني.

البيت الأبيض رفض التعليق، فيما تجاهل الكرملين الرد رسميا، إلا أن محللين ربطوا بين حديث ترامب والتغييرات في نمط العمليات الروسية، معتبرين أن الرئيس الأميركي يحاول استباق حدث ميداني كبير أو حتى توظيفه انتخابيا.

وقدّم عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار خلال حديثه إلى "سكاي نيوز عربية" ضمن برنامج "التاسعة"، قراءة معمقة لما كشفه ترامب، محذرا من أن "الرئيس الأميركي السابق يوظف الورقة الروسية لمصالح داخلية، لكنه في الوقت ذاته يكشف توجهًا روسيا قد لا يكون مجرد تهديد لفظي".

وقال أبو الرب: "ما قاله ترامب لا يأتي من فراغ، فهو لا يزال يمتلك قنوات مفتوحة مع الكرملين، وربما وصلته إشارات تنذر بتحول عسكري روسي واسع النطاق"، مضيفا أن مثل هذا التصعيد "سيضع أوكرانيا في موقع دفاعي غير مسبوق، خاصة إذا ترافق مع تغيرات في الموقف الأميركي أو الأوروبي".

وتابع: "لا يجب أن نغفل أن ترامب يحاول توجيه رسائل مزدوجة: للداخل الأميركي بأنه قادر على احتواء بوتين، وللعالم بأن روسيا تتحرك بتنسيق أو تواطؤ مع ضعف الغرب".

أبو الرب شدد على أن توقيت هذا التصريح مقلق للغاية، مشيرا إلى أن الأيام القادمة قد تكشف ما إذا كانت تصريحات ترامب "جاءت عن علم بخطة عسكرية روسية أم أنها مجرد ورقة دعائية ضمن حملته الانتخابية".

أبعاد استراتيجية

القراءة بين سطور مكالمة ترامب بوتين تقود إلى فرضية أكثر تعقيدا، مفادها أن روسيا ربما اختارت إيصال رسائلها الاستراتيجية عبر قناة غير رسمية، لكن فعالة، مثل ترامب، الذي لا يزال يتمتع بثقل سياسي وإعلامي كبير داخل أميركا وخارجها.

وفي هذا السياق، يرى أبو الرب أن بوتين "يعرف أن صوت ترامب يصل بسرعة إلى عواصم القرار، ويثير قلقا لدى خصومه"، ما يجعله –بحسب رأيه– "أداة مثالية لبث الرعب أو لتهيئة الأرضية لصدمات كبرى".

كما أشار إلى أن بوتين "يتقن اللعب في الفجوات السياسية داخل الغرب، ويدرك هشاشة التماسك الأطلسي في ظل الحملات الانتخابية الأميركية والضغوط الاقتصادية الأوروبية".

انقسامات غربية.. بين الحذر والتورط

تصريحات ترامب أثارت ردود فعل متباينة داخل الأوساط الغربية. فبينما التزمت بعض الحكومات الأوروبية الصمت، سُجّلت تحركات داخل الناتو تدعو إلى رفع درجة الجاهزية وتعزيز الدفاعات في دول البلطيق، وسط حديث عن احتمالية شن روسيا عمليات هجومية واسعة على مناطق جديدة من شرق أوكرانيا.

من جانبه، يرى أبو الرب أن "هذا التصعيد الروسي المحتمل لن يكون تقليديا"، بل قد يتضمن "ضربات نوعية أو استخدام أسلحة جديدة لإرباك القيادة الأوكرانية، وربما أيضًا لاستعراض القوة أمام الإدارة الأميركية".

ماذا بعد؟

وسط كل هذه التفاعلات، تجد كييف نفسها في موقع بالغ الخطورة. تصريحات ترامب تضغط على القيادة الأوكرانية من جهة، وتحفز روسيا على خطوات تصعيدية من جهة أخرى.

ومع تراجع زخم الدعم الغربي جزئيًا، تخشى كييف من أن تكون مقدمة لـ"صفقة كبرى" تُعقد خلف الكواليس بين واشنطن وموسكو، أو أن تستغل روسيا اللحظة لفرض شروطها بالقوة.

واختتم أبو الرب مداخلته بتحذير لافت: "روسيا تقرأ اللحظة جيدًا، وتتحرك بناء على نوافذ الفراغ السياسي.. لكن أوكرانيا لن تتنازل، حتى لو تركت وحيدة في الميدان".

على حافة البركان.. والعالم يترقب

مع كل إشارة تصدر من ترامب أو بوتين، يزداد قلق العالم من انزلاق الصراع الأوكراني إلى مرحلة أكثر دموية وتعقيدا. وما بين المكالمات الغامضة والتصريحات النارية، تظل الحقيقة الكبرى أن أوكرانيا لا تزال في عين العاصفة، وأن أي رد روسي محتمل لن يبقى محصورا في جغرافيا المعركة، بل قد يعيد رسم خرائط التوازنات الدولية لعقود قادمة. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق