كتبت بديعة زيدان:
دشّنت فرقة "عُبور" حضورها الأول، بأمسية موسيقية، احتضنتها قاعة الشارقة بمقر معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، مساء أول من أمس، ضمن فعاليات مهرجان "الياسمين" 2025.
والفرقة التي تضم كلا من الفنانين: تامر الساحوري، وعز الدين سعيد، وأيهم جلال، وإيليني مستكلم، ووسيم قسيس، وحسين الريماوي، تمثل انطلاقة جديدة للموسيقى الفلسطينية المعاصرة.
وفي عرضها الافتتاحي، قدمت الفرقة، التي تعيد للأذهان، تجربة فرقة المعهد للموسيقى الشرقية التي نشأت قبل عشرين عاماً، مقطوعات خاصة في مجملها، تضيف على التجربة السابقة روحاً جديدة، تتناسب وتطورات المشهد الموسيقي الفلسطيني، اليوم.
وتشكل انطلاقة فرقة "عُبور" ولادة لمشروع موسيقي جديد يحمل رؤية فنية، تركز على تقديم الموسيقى الفلسطينية، وإعادة إحياء التراث المتكئ عليها بأسلوب معاصر، في رحلة "عُبور" فنيّة للزمن، بما قد يتضمن استشرافاً لما هو قادم أيضا.
وقدمت الفرقة سبع مقطوعات جديدة، ألفها الفنان تامر الساحوري وقام بتوزيعها موسيقيّاً الفنان عز الدين سعيد، بما يعبّر عن توجه الفرقة الفني في صياغة صوت فلسطيني معاصر يستند إلى الجذور، مع مَنحِه آفاقاً للتجريب والتجديد، فيما أعدّ الأول ووزّع الثاني ثلاث مقطوعات تراثية أخرى، لتشكل بمجموعها المقطوعات الموسيقية العشر للألبوم الأول للفرقة، المزمع إطلاقه في النصف الثاني من حزيران المقبل.
وكانت البداية مع "رقصة تحت المطر"، وهي المقطوعة الأولى التي ألفها الساحوري، قبل قرابة الخمسة عشر عاماً، لافتاً إلى أن ذاكرته لا تسعفه بدقة حول سبب تسميتها، لكنه جزم أن لها علاقة بفصل الشتاء بشكل أو بآخر.
أما مقطوعة "روح"، فكانت قادرة على اختراق أي جدار ما بين المتلقي والعازفين، محدثة مفاعيلها في دواخلهم، حتى أنه تمت إعادتها مرّة أخرى بعد إتمام جدول العرض، بناء على طلب الحاضرين.
وما كان في تأثيرات "روح" و"رقصة تحت المطر"، انسحب على بقية مقطوعات "عُبور"، كمقطوعة "غربة"، التي لحنّها الساحوري على مقام الحجاز المفضل لديه.
وبعدها كان جمهور مهرجان "الياسمين" 2025 على موعد مع مقطوعة "تحت الحَجِر"، التي تم تأليفها إبّان الحصار الذي فرضته جائحة "كورونا" وتداعياتها، وشكل مبادرة شارك فيها عديد العازفين على آلات مختلفة ومن جغرافيات فلسطينية متعددة، فانتشرت المقطوعة بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع توثيقها بالفيديو.
أما مقطوعة "في القدس"، فيشعر المستمع إليها، خاصة إذا ما أغمض عينه، أنه حلق فوق كل الحواجز العسكرية، وحطّ في أزقة وحارات المدينة المقدسة، دون تصريح من الاحتلال، فكأن الموسيقى استحالت بساط ريح مضادا للرصاص، وغير قابل للرصد!
وفي المقطوعات الخاصة، وما بعد "لونغا نهاوند"، كان الختام مع مقطوعة "رغم الفراق"، التي انفتحت على كافة التأويلات، تبعاً لعنوانها وتكوينها الموسيقي.
وقدّمت الفرقة مقطوعة "ذاكرة من فلسطين"، ولكن بتوزيع جديد، وكانت قدمتها الأوركسترا العربية التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، وجوقة المعهد في افتتاح المهرجان، الشهر الماضي، وتشتمل على عدّة أغنيات تراثية، من بينها: "والله لزرعك بالدار يا عود اللوز الأخضر" لفرقة العاشقين عن كلمات الشاعر الراحل أحمد دحبور ومن ألحان الموسيقار الراحل حسين نازك، وأغنية "يا يمة في دقة ع بابنا" للفنان القدير الراحل "أبو عرب" الذي كتب كلماتها ولحنها نازك أيضاً، علاوة على أغنية "فلسطينيين وبدنا نحمي هالبلاد"، وغيرها.
وتفاعل الجمهور مع مجموعة المعزوفات التي جُبلت على طريقة "عُبور" في "حجازيات" ذات القالب الموسيقي التركي بالأساس، دامجة بين ألحان أغنيات فلكلورية فلسطينية، وأخرى وطنية وثورية، بطابع جديد لم يخدش فيها أصالتها، وهو التفاعل الذي لم يخفت، ولو قليلاً، مع التكوين الموسيقي الخاص بالفرقة للمقطوعة التراثية الشهيرة "ع المايا".
أخبار متعلقة :