يعتبر التعامل بالعملات الرقمية أشبه بـ”الميسر والمقامرة” حسب ما كشفته دراسة شرعية شاملة أجراها خبراء في الاقتصاد الإسلامي.
وأشارت حلقة (2025/8/18) من برنامج "حكم وحكمة" إلى أن دراسة أكدت أن 90% من العملات الرقمية الحالية البالغة 9230 عملة لا تحقق الشروط الأساسية للتعامل المالي الشرعي، ولا تقدم منافع حقيقية للاقتصاد العالمي.
وتفتقر العملات الرقمية الحالية للدعم الحكومي والمصرفي الأساسي، حيث لا توجد دولة واحدة تضمن هذه العملات، ولا يوجد بنك مركزي يصدرها أو يتحكم في قيمتها، مما يجعل المتعاملين معرضين لخسائر فادحة دون أي حماية قانونية.
كما تتسم معظم هذه العملات بطبيعة "مضاربية" خالصة، حيث تبلغ القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية حاليا 3 تريليونات و600 مليار دولار، لكن هذه الأموال لم تؤد إلى بناء مصنع واحد أو إنجاز أي مشروع اقتصادي حقيقي.
وشهدت العملات الرقمية -كما توضح الحلقة- انهيارات مدمرة، حيث هبط البيتكوين من 67 ألف دولار إلى 15 ألف دولار، أي أقل من الربع.
وفي منطقة الشرق الأوسط وحدها، اختفى 83 مليار دولار من استثمارات المواطنين عبر 10 منصات تداول، وغاب أصحابها دون أثر.
وحدد الفقهاء 4 شروط أساسية للعملة الشرعية: اعتماد الدولة لها، قبولها كوسيط للتداول بين جميع الأطراف، كونها مخزونا آمنا للثروة، وصلاحيتها كمعيار للمدفوعات الآجلة، وهو ما تفشل العملات الرقمية الحالية في تحقيقه.
ويؤكد المنهج الإسلامي على ضرورة قيام جميع الأنشطة الاقتصادية على أساس الملكية الواضحة، وهو ما تفتقر إليه العملات الرقمية، حيث لا يمكن تحديد ملكيتها الحقيقية أو ضمان استردادها عند الحاجة.
وأوضحت الحلقة أن هذه العملات تساهم في تراكم الثروات في يد فئة محدودة من المضاربين الكبار، بينما يخسر صغار المستثمرين مدخراتهم الحياتية، وهو نمط يخالف مبادئ العدالة التوزيعية في الاقتصاد الإسلامي.
مصالح المضاربين
ويدير كبار المضاربين هذه الأسواق وفق مصالحهم الخاصة، مما يجعل الأسعار عرضة للتلاعب المستمر، حتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استغل منصبه لإطلاق عملته الرقمية "ترامب كوين" التي باعت 6 مليارات دولار في يوم واحد.
إعلان
ويحذر اقتصاديون حائزون على جائزة نوبل من أن العملات الرقمية ستؤدي إلى "فقاعة اقتصادية" مشابهة لأزمة 2008، بسبب عدم ارتباطها بأصول حقيقية أو مشاريع منتجة.
وأوضحوا أن البدائل الشرعية المقترحة متعددة، منها، وهو البديل الأول: إصدار الدول لعملات رقمية مشفرة بضمان البنوك المركزية، مما يحقق الأمان التقني مع الحماية القانونية.
كما يمكن إصدار عملات رقمية مرتبطة بسلع حقيقية مثل النفط أو الغاز أو الذهب، كما فعلت فنزويلا مع "البيترو كوين".
بينما يقوم البديل الثالث على إنشاء محافظ استثمارية تجمع بين الذهب (49%) والمنتجات السلعية (51%)، مما يحقق الاستقرار مع سهولة التداول الرقمي.
ولتحقيق شرعية التعامل أوضحت الحلقة أنه يمكن تحويل أدوات التمويل الإسلامي التقليدية مثل الصكوك إلى صيغة رقمية، مما يجمع بين الأصالة الشرعية والتطور التقني.
إضافة إلى إنشاء شركات عالمية كبرى تصدر عملات رقمية وتضمنها بأصولها وأرباحها، بحيث تصبح العملة الرقمية بمثابة أسهم في هذه الشركات.
وينصح الخبراء المتعاملين حاليا بالعملات الرقمية بتجميد استثماراتهم فور الشك في حرمتها، وانتظار وصول قيمتها لنقطة التعادل على الأقل قبل الخروج منها نهائيا.
كما يجب تطبيق قواعد الزكاة على العملات الرقمية في حالة إمكانية تقييمها بعملة تقليدية معتمدة، وبشرط مرور عام هجري على امتلاكها وإمكانية تحويلها فعليا إلى نقود.
أخبار متعلقة :