كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورا جديدا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه إن الله تعالى هو الوارث؛ فهو سبحانه يرث الأرض وَمَنْ عليها. والوارث يبقى، وَالْمُوَرِّثُ يفنى.
وهو سبحانه الباقي؛ لا بداية له فلا نهاية له.
قال صاحب الجوهرة:
وَكُلُّ مَا جَـازَ عَلَيْـهِ الْعَـدَمُ .. عَلَيْـهِ قَطْعًـا يَسْتَحِيـلُ الْـقِـدَمُ
فما له بداية فله نهاية، وما لا نهاية له دلّ على أنه لا بداية له.
وتالع: والله سبحانه وتعالى قديم، والقديم لا يفنى، قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}.
قال ﷺ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ ...». أبدًا، متفرد سبحانه وتعالى. فأخرج الكون بكلمة (كن) فكان.
ولفت إلى أن الله واحد باقِ، وهو الآن على ما عليه كان؛ أي لا يحدّه مكان، ولا يحويه زمان سبحانه، ولا يلحقه تغير، ولا يحل في شيء من خلقه، ولا يتحد به، كما يزعم أهل الحلول والاتحاد، فهذه ليست من عقائد المسلمين.
بل هي دعاوى باطلة يذكرها بعض من يتحدث عن "الطاقة الكبرى" أو "الحقيقة العظمى"، والله سبحانه ليس طاقة ولا كائنًا محدودًا، بل هو المتفرد بالجلال والجمال والبهاء والكمال. خلق الكون، وهو الآن على ما عليه كان، يقول للشيء "كن فيكون".
ولفت إلى أن الله جعل في المخلوقات دلائل على الفناء:
فالوردة جميلة في شكلها ورائحتها ولونها. تريد أن تستمر في نضارتها، ولكن سبحان الله، مهما حاولنا أن نحافظ عليها لكي تبقى الوردة نضرة، تذبل وتفنى.
وكذلك سائر الأشياء، قد يطول عمرها كالأهرامات التي مر عليها سبعة آلاف سنة تقريبًا، وقد يقصر كقطعة الأثاث. لكنها في النهاية تزول.
حتى الإنسان الْمُكَرَّم، الذي قال الله فيه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، يولد ضعيفًا ثم يقوى، ويصلح في الأرض، وقد يكون من العابدين، أو العلماء أو النخبة، لكنه في النهاية يموت.
وهذه السنن تظهر في الآفاق:
الشمس تخرج من المشرق ثم تغيب في المغرب.
النهار يعقبه الليل.
القمر يكتمل بدرًا، ثم يتناقص إلى هلال، ثم إلى محاق، ثم يغيب في آخر الشهر.
كلها دلائل على أن هذا العالم فانٍ.
وهذا الفهم له أثر في السلوك؛ فإذا أيقنت أنك ميت، وأن الله باقِ، وأنه الوارث، وأنه سيبعثك ليوم الحساب؛ انتهيت عن المنكر، وفعلت المعروف.
ولولا أن الله هو الوارث، لكان القوي يأكل الضعيف، والغني يستذل الفقير، وذو السلطان يظلم الرعية. لكن لأن الله هو الوارث، ولأن وراثته مستقرة في قلوب المؤمنين، فإننا نعمل الخير ونكف عن الشر.
أخبار متعلقة :