يوصي الأطباء في مختلف أنحاء العالم الأمهات بالاعتماد على الرضاعة الطبيعية لدورها المحوري في تعزيز جهاز المناعة لدى الأطفال وحمايتهم من الأمراض. وهي توصية أكدتها أبحاث العلماء والخبراء مرارا بعدما اتضح ما يقدمه لبن الأم من فوائد صحية لا تضاهيها الألبان المصنعة. وقد دفع ذلك كثيرا من الأمهات إلى العودة للرضاعة الطبيعية بعد أن انتشرت لمدة ألبان الأطفال الاصطناعية.
وللتذكير بهذه الأهمية، يحتفل العالم سنويا بـ"الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية" خلال الفترة من الأول إلى 7 أغسطس/آب بهدف الترويج لها بوصفها الغذاء الأفضل للرضع.
قلق الأمهات الجدد
مع ذلك، يساور كثيرا من الأمهات، ولا سيما الجديدات منهن، القلق من احتمال أن لا يحصل أطفالهن على كفايتهم من اللبن الطبيعي. ومن أبرز المشكلات التي تواجههن في بداية التجربة كيفية تحديد الكمية التي يحتاجها الرضيع فعلا.
صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أشارت إلى أن فريقا من الباحثين في جامعة نورثويسترن بولاية إلينوي -من بينهم أم مرضعة- توصّل إلى وسيلة مبتكرة قد تبدد هذا القلق.
جهاز جديد لتحديد كمية اللبن
الباحثون من أطباء أطفال ومهندسين ابتكروا جهازا صغيرا يعتمد على موصلات كهربائية لاسلكية توضع على صدر الأم لقياس كمية اللبن المتدفقة أثناء الرضاعة. ورغم أن الجهاز لا يزال في طور التطوير ولم يُطرح للاستخدام العام بعد، فإن جوليا سيتشيك، وهي أم عانت سابقا مع مولودها الأول، جربته مع طفلها الثالث ووصفته بأنه "مغير لقواعد اللعبة".
وقالت سيتشيك "لم تكن لدينا وسيلة لمعرفة كمية اللبن التي يحصل عليها الرضيع أو حتى ما إذا كان يتدفق من الأساس، خاصة لدى الأمهات المبتدئات"، موضحة أنها كانت تضطر للاستعانة باستشارية رضاعة لوزن طفلها قبل وبعد كل رضعة، في عملية شاقة تطلبت امتلاك ميزان خاص في المنزل.
وأضافت "قلقي كان شديدا لدرجة أن زوجي فكّر في التحول إلى اللبن الاصطناعي".
العراقيل النفسية
توضح الدكتورة جينيفر ويكس، طبيبة وحدة الرعاية المركزة لحديثي الولادة في مستشفى لوري للأطفال بشيكاغو وأستاذة بكلية فاينبرج للطب، أن هذه هي اللحظة الحرجة التي قد تتعثر فيها الرضاعة الطبيعية.
إعلان
وتضيف "كثير من الأمهات يشعرن بالذعر لأنهن يعتقدن أن أطفالهن لا يحصلون على التغذية الكافية أو أن أجسامهن لا تنتج اللبن المطلوب. وغالبا ما يكون الأمر مجهولا لهن تماما".
وأشارت إلى أن القلق نفسه قد يعيق تدفق اللبن، مما يدفع بعض الأمهات لاستخدام مضخات الحليب أو الاعتماد على اللبن الاصطناعي، مما قد يقلل لاحقا من إنتاج اللبن الطبيعي ويؤدي إلى التخلي عن الرضاعة الطبيعية تماما.
إحصاءات وتحديات
في الولايات المتحدة، يعتمد نحو 27% فقط من الأطفال على الرضاعة الطبيعية الكاملة حتى سن 6 أشهر. وقد وضعت مبادرة "الأشخاص الأصحاء 2030" -التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية- هدفا لرفع النسبة إلى 42%، مع الاعتراف بأن الرضاعة الطبيعية قد تكون صعبة، وأن بعض النساء غير قادرات عليها لأسباب صحية أو عملية.
وترى ويكس أنه "إذا استطعنا تقريب الأمهات من هذا الهدف، حتى ولو بدرجة بسيطة، فسيعد ذلك نجاحا جزئيا مهما".
ولادة الفكرة
العمل على ابتكار الجهاز كان بدأ قبل أربعة أعوام خلال جولة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة قام بها فريق من مهندسي كلية ماك كورميك للهندسة بجامعة نورثويسترن. وكان الهدف الاستجابة لطلب أطباء الأطفال الذين سعوا إلى وسيلة عملية لمعرفة كمية اللبن التي يتناولها الرضع، خاصة أولئك الأكثر مرضا الذين يتطلب علاجهم حسابا دقيقا.
ويقول رئيس فريق المهندسين جون روجرز "سألونا إن كان بإمكاننا ابتكار حل يلبّي هذا الاحتياج، ومن هنا وُلدت الفكرة".
آلية العمل والاختبارات
يتكون الجهاز من مجموعة صغيرة من الموصلات الكهربائية اللاسلكية توضع على صدر الأم لتسجل التغيرات في التيارات الكهربائية داخل أنسجة الثدي، مما يسمح بتحديد كمية اللبن المتدفقة. وتُنقل البيانات إلى الهاتف عبر تقنية البلوتوث، حيث يمكن للأبوين متابعة ما يتناوله الرضيع من لبن خلال فترة الرضاعة.
وقد أُجريت اختبارات أولية على 12 أمّا أثناء ضخ اللبن أو الإرضاع، ونُشرت النتائج في مجلة الهندسة الطبيعية للطب الحيوي. وبيّنت النتائج أن تدفق اللبن قد يبدأ ببطء ثم يتزايد أو العكس، مما يجعل متابعة هذه البيانات عبر الهاتف وسيلة لطمأنة الأمهات وتقديم إرشادات دقيقة لهن حول مدة الرضاعة ووضعية الطفل.
ويضيف روجرز "هذه البيانات لا تفيد الأمهات فقط، بل تساعد الآباء والأطباء أيضا في تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لتغيير الروتين اليومي للرضاعة".
أخبار متعلقة :