في تسجيلات مسربة حديثا، قال الرئيس السابق لمخابرات الجيش الإسرائيلي أهارون هاليفا إن تمكُّن حماس من تنفيذ عملية طوفان الأقصى لا يعود لفشل مخابراتي ولا إلى ضعف في الاستجابة، وإنما لشيء أعمق من ذلك يعود لسنوات عديدة ويتطلب تصحيحا أعمق.
تفكيك النظام بأكمله
وخلال التسجيلات المسربة، سرد هاليفا الأحداث التي سبقت صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأوضح سبب قراره الاستقالة من منصبه.
وتناول الحديث -الذي يعود لأشهر سابقة- أيضا القرارات السياسية والعسكرية التي قال إنها قادت لعملية طوفان الأقصى.
ونفى هاليفا أن يكون "الفشل الاستخباراتي" أو خطأ أشخاص بعينهم وراء تنفيذ العملية، وقال "إنه شيء أعمق من ذلك بكثير يعود لسنوات ويتطلب تصحيحا أكثر عمقا".
وشدد على أن الأمر لا يتعلق بخطأ يمكن تصحيحه، مبينا أن "النظام بأكمله يتطلب تفكيكا وإعادة بناء".
وقال إنه سُئل خلال فعاليات إحياء الذكرى الـ50 لحرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، عما إذا كان يعتقد أن ذلك قد يحدث مرة أخرى، وأجاب: "نعم، قد يحدث مرة أخرى". وأضاف "أكرر: هذا اليوم قد يحدث مرة أخرى".
مكالمة في وقت متأخر
في جزء من التسجيلات، سرد رئيس الاستخبارات العسكرية السابق أحداثا وقعت خلال الساعات التي سبقت تنفيذ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية طوفان الأقصى.
وقال "تم تفعيل بطاقات تحديد هوية المشترك (إس آي إم SIM) في وقت مبكر من الساعة التاسعة مساء يوم الجمعة"، في إشارة إلى شرائح الهواتف الخلوية الإسرائيلية التي فعّلتها عناصر من حماس قبل الهجوم.
وأضاف "لكن أول وآخر مكالمة هاتفية تلقيتها ليلا كانت الساعة 03:20 صباحا من مساعِدتي"، أي قبل اقتحام حماس الحدود بنحو 3 ساعات، ولم تكن تلك المكالمة متعلقة بالبطاقات.
وقال إن مساعدته أخبرته بأن هناك حادثا، وأنه يتم التعامل معه من طرف القادة العسكريين المعنيين، وأبلغته بأنها ستوقظه مرة أخرى إذا حدث شيء استثنائي.
وأعاد التأكيد أنه لم يتصل به أي شخص بعد تفعيل حماس البطاقات، وكشف عن أنه تم الاتصال بقائد الجيش في الجنوب الذي اتصل بدوره برئيس الشاباك.
إعلان
وتحدث عن وثيقة للشاباك في الساعة الثالثة فجرا تقول: "حسب تقديرنا، سيبقى الهدوء قائما، لا شيء يحدث، كل شيء تحت السيطرة".
وألقى هاليفا باللوم على النسق -أو المسار- العملياتي والاستخباري القائم منذ سنوات.
وقال إنه خلال الساعات التي سبقت الهجوم لم يحدث أي شيء آخر، وإن أي شخص يقول غير ذلك كاذب.
وأضاف هاليفا أنه بعدما أجرى تحقيقا في الهجوم خلص إلى أن الإخفاق في صده لا يتعلق بإهمال أو خطأ فردي، بل بسبب حالة فشل أوسع نطاقا.
ولكنه ألقى باللوم على جهاز الشاباك لعدم اكتشاف الهجوم وإحباطه قبل وقوعه، وقال مخاطبا الجهاز: "أين كنتم وأين المليارات التي تصرف عليكم؟".
المسؤولية والخوف
وبخصوص استقالته، قال هاليفا إنه قرر تحمل المسؤولية، "ففي مثل هذا الحادث المأسوي وأمام هذه الكارثة، يجب على الجميع تحمل المسؤولية والعودة لمنازلهم".
ووصف الذين قرروا البقاء في مناصبهم بأنهم خائفون. وأضاف "أعتقد أن هؤلاء الناس لا يستطيعون النظر في المرآة، ولا يستطيعون النظر إلى أطفالهم، إنه أمر صعب".
وعندما سُئل عما يُقلقه بشأن مستقبل إسرائيل، قال هاليفا: "أمور كثيرة تُقلقني… لستُ قلقا بشأن ما سيحدث بعد عام أو عامين، بل أتساءل: أي نوع من البلدان سنكون بعد 50 عاما؟! هناك أماكن لا أشعر فيها بالتفاؤل".
وبالتطرق إلى الحرب المستعرة في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحديدا ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، قال هاليفا إن "50 ألف قتيل في غزة أمر ضروري ومطلوب للأجيال القادمة".
وقال إنه ينبغي قتل 50 فلسطينيا مقابل كل إسرائيلي قتلته حماس في عملية طوفان الأقصى.
واعتبر أن الفلسطينيين "بحاجة إلى نكبة بين الحين والآخر ليشعروا بالثمن".
وذهب هاليفا إلى أن إسرائيل تستثمر في الصراع الفلسطيني الداخلي، وأن نتنياهو وراء الخلاف بين الضفة وغزة، لأنه لا يريد العمل مع السلطة الفلسطينية، لأن لديها اعترافا من المجتمع الدولي.
أما حماس فيمكن الاستمرار في قتالها بشدة، لأنه ليست لها شرعية دولية، حسب تعبيره.
بيد نتنياهو
وأكد أن القيادة العسكرية والسياسية بحاجة إلى "توفير الحماية لمواطنيها"، وفشلها في هذه المهمة يحتم على من تولوا المناصب "العودة إلى منازلهم، وتطهير الساحة".
وعن رفض نتنياهو تحمل المسؤولية والاستقالة، قال إنه قرر تعزيز مركز حماس "لأسبابه الخاصة".
ووفق هاليفا، فإن نتنياهو ترك قوة حماس تتعاظم، وترك حزب الله يعزز قدراته، "وكان يعلم أن مشكلة الأسرى تتفاقم ورأى الحرم القدسي يحترق ورأى موجات الإرهاب تتصاعد، وكان كل شيء معروفا".
وبعد تسريب التسجيلات، أصدر المسؤول العسكري السابق بيانا قال فيه: "كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول وفعت في أثناء وجودي في السلطة، وأتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث".
وأبدى أسفه على تسريب حديثه الذي "كان في منتدى مغلق"، وقال إن ما تم تسريبه جزء فقط، ولا يعكس الصورة الكاملة، "خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا معقدة ومفصلة، ومعظمها سري للغاية".
ودعا هاليفا لتشكيل لجنة تحقيق حكومية في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، "لاستخلاص الاستنتاجات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الكارثة".
إعلان
وكان أهارون هاليفا استقال من منصبه العام الماضي على خلفية أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما تم تسريب حديثه ليل الجمعة حيث بُث على القناة الـ12 الإسرائيلية.
وشنت كتائب عز الدين القسام عملية طوفان الأقصى ردا على جرائم الاحتلال بحق المدنيين والأسرى والمقدسات الفلسطينية.
ووفق أرقام إسرائيلية متداولة، فإن عملية طوفان الأقصى أسفرت عن مقتل أكثر من ألف إسرائيلي.
يذكر أن الحكومة الإسرائيلية رفضت إنشاء لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتذرعت في البداية بأن تشكيل هذه اللجنة سيصرف انتباه الجيش ويثير الانقسام.
ولاحقا، تذرعت بأن اللجنة ستكون منحازة ضد الحكومة، إذ سيتم تعيين أعضائها من قبل رئيس المحكمة العليا.
أخبار متعلقة :