الكويت الاخباري

هيئة الكتاب تصدر "الأعمال الشعرية" للشاعر محمد الههياوي - الكويت الاخباري

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتابًا توثيقيًا هامًا بعنوان "محمد الههياوي: الأعمال الشعرية"، وهو عمل يجمع ويحقق تراث الشاعر الكبير محمد الههياوي، قام على جمعه ودراسته وتحقيقه الدكتور نبيل بهجت، وقدّمه الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح. يقع الكتاب في نحو 600 صفحة، ويضم ما كتبه الههياوي من قصائد، خاصة ما نُشر منها في مجلة "الكشكول" ما بين عامي 1928 و1939، في باب الشعر السياسي الساخر، بالإضافة إلى نماذج شعرية في موضوعات متنوعة، وردود بعض الشعراء عليه.

يكشف الكتاب عن صفحة مجهولة من تاريخ الأدب والسياسة في مصر، في زمن اشتدّ فيه الصراع الحزبي، وانقسمت فيه الساحة ما بين الليبرالية المبكرة ونزعات الاحتلال والتبعية. وقد اتّسم شعر الههياوي بالسخرية اللاذعة والفكاهة المقاومة، وكرّس إبداعه للدفاع عن قيم الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية، ما جعله عرضة للملاحقة، وكاد يُنفذ بحقه حكم بالسجن لولا العفو.

وُلد محمد مصطفى محمد سيد أحمد الههياوي في مركز ههيا بمحافظة الشرقية عام 1883، وتوفي في القاهرة عام 1943. كان والده من علماء الأزهر، وقد احترف الههياوي الصحافة، فعمل في جريدة "وادي النيل"، وأسس صحيفة "المنبر" عام 1906، ورأس تحرير عدة صحف، وشارك في تحرير عدد من الجرائد الكبرى مثل "الأهرام"، و"مصر الفتاة"، و"البلاغ"، و"السياسة"، و"الكشكول".

تميّزت كتاباته بالتنوّع، من السياسة إلى الأدب والفكاهة، وكان له حضور بارز في المجلات الساخرة، وكتب باسم مستعار "الشاعر إياه"، متخذًا من الغموض حجابًا للحماية من الملاحقة. ومن أبرز ابتكاراته الرمزية، شخصية "إياه"، التي أصبحت لسانًا للنقد والسخرية، ومن خلالها أبدع في انتقاد مظاهر التواطؤ والفساد مستخدمًا الترميز والمراوغة الفنية والراوي الشارح.

تناولت قصائده قضايا ساخنة مثل الاحتلال، السيادة، الجلاء، الانتخابات، وأزمات الشعب، مسجلاً بكلماته مواقفًا وطنية كانت بمثابة تعليق مباشر على الواقع. كما قدّم نظرية في الشعر من خلال كتابه "الطبع والصنعة"، رافعًا شعار تحرير الشعر من الانعزال ليكون أداة لتحريك الجماهير. وقسّم الشعر إلى "شعر الفطرة"، و"شعر الصنعة"، و"الشعر الساقط من الحساب"، معتبرًا أن الشعر الصادق ينبع من الذات الحرة لا من التكلف والتصنّع.

وتجلّت الفكاهة في أدبه كأداة إصلاح ومقاومة، ووسيلة لإيقاظ الوعي الجمعي. لقد شكّل الههياوي بنصوصه الساخرة مدرسة كاملة في الإبداع النقدي، ومثّل نموذجًا فريدًا للشاعر المسؤول، الذي تجاوز الزمان والمكان، ليظل صوتًا حيًا في مواجهة الظلم والاستعمار، ودعوة مفتوحة نحو الحرية والاستقلال، وبناء العقل النقدي في كل عصر. 

أخبار متعلقة :