الكويت الاخباري

هل إيران منتصرة أم مهزومة؟ - الكويت الاخباري

انتهت الحرب التي استمرّت 12 يومًا، والتي بدأت بهجمات إسرائيلية على إيران في 13 يونيو/ حزيران، بوقف لإطلاق النار تم التوصل إليه صباح يوم 24 يونيو/ حزيران.

أطلقت إسرائيل على عمليتها ضد إيران اسم "الأسد الصاعد"، بينما أطلقت إيران على حركتها الانتقامية ضد إسرائيل اسم " الوعد الصادق-3″.

شنت إسرائيل هجمات عنيفة ومتعددة الجوانب على البنية التحتية النووية والصاروخية لإيران، ومقراتها العسكرية، وراداراتها، وأنظمة دفاعها الجوي، وبعض المناطق الاقتصادية والمناطق المدنية، وذلك باستخدام عملاء جندهم الموساد من داخل إيران وطائراتها الحربية.

في اليوم الأول من الهجمات، استهدفت إسرائيل قادة عسكريين رفيعي المستوى مثل القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان العامة محمد باقري، وقائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده، بالإضافة إلى علماء نوويين.

أما إيران، التي استثمرت بشكل كبير في برنامج تطوير الصواريخ منذ عام 1979، فقد كان ردها الانتقامي على إسرائيل باستخدام صواريخ بعيدة المدى. استهدفت إيران بصواريخها أماكن ذات أهمية إستراتيجية عسكرية، أبرزها مقر الموساد في هرتسليا، ومقر وحدة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وميناء حيفا.

الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تشارك في الهجمات على إيران في بداية الحرب لكنها قدمت دعمًا دفاعيًا لإسرائيل، تدخلت في اليوم العاشر من الحرب وضربت منشآت إيران النووية في نطنز وأصفهان وفوردو باستخدام قاذفات B-2.

في اليوم الثاني عشر من الحرب، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين بتدخل من الرئيس الأميركي ترامب ودعم من قطر. بعد وقف إطلاق النار، أعلن كل من إيران وإسرائيل "انتصاره" في الحرب.

هل حققت إسرائيل أهدافها؟

صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الدفاع كاتس ومسؤولون إسرائيليون آخرون في العديد من التصريحات خلال الحرب برغبتهم في إسقاط النظام في إيران.

إعلان

كان هدف إسرائيل، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية النووية والصاروخية لإيران، هو إسقاط النظام في نهاية المطاف وإقامة إدارة جديدة متوافقة مع إسرائيل وأميركا.

بينما كانت إسرائيل تستهدف القواعد والمنشآت العسكرية الأخرى، والمنشآت النووية في جميع مدن إيران تقريبًا، وجه كل من رئيس الوزراء نتنياهو والمسؤولين الآخرين، وكذلك الحسابات الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، رسائل إلى الشعب الإيراني مفادها: "الشعب الإيراني والشعب اليهودي شعبان صديقان منذ القدم. نحن لسنا أعداء للشعب الإيراني، بل للنظام في إيران. هجماتنا موجهة ضد النظام".

ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في تصريحاته الشعب الإيراني قائلًا: "لقد فتحنا لكم طريقًا باستهداف النظام، وأنتم بدوركم قوموا بإسقاطه بالتمرد".

ساهم في جهود إسرائيل "لإسقاط النظام" شخصيات مثل رضا بهلوي، ابن الشاه المخلوع الذي يعيش في أميركا، وزعيمة منظمة مجاهدي خلق مريم رجوي، بالإضافة إلى منظمات مسلحة مثل "بيجاك" و"باك".

لم تحقق إسرائيل هدفها النهائي المتمثل في "إسقاط النظام" في الحرب التي استمرت 12 يومًا، لكنها نجحت في إلحاق ضرر معين بأهدافها الأخرى المتمثلة في البنية التحتية النووية والصاروخية.

شنت إسرائيل هجمات متعددة على منشآت نطنز وأصفهان وفوردو النووية طوال فترة الحرب. وفي النهاية، استهدفت الولايات المتحدة هذه المنشآت الثلاث.

وفقًا للتقارير الأولية، يبدو أن منشأتَي نطنز وأصفهان النوويتين قد لحق بهما ضرر جسيم، في حين أن منشأة فوردو النووية، التي بنيت على عمق 90 مترًا تحت الأرض تقريبًا، لحق بها ضرر طفيف لدرجة أنها يمكن أن تعود إلى العمل في وقت قصير.

من ناحية أخرى، تشير التصريحات الصادرة من إسرائيل إلى أن هذه الحرب قد أخرت البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات. وبالتالي، على الرغم من أن إسرائيل وأميركا ألحقتا أضرارًا بالمنشآت النووية، فإنهما لم تتمكنا من القضاء تمامًا على البرنامج النووي الإيراني.

لكن هجمات إسرائيل وأميركا دمرت إلى حد كبير القواعد العسكرية والمقرات وأنظمة الرادار والدفاع الجوي التي بنتها إيران على مدى 45 عامًا، مما تسبب في خسائر بمليارات الدولارات.

عندما نقارن بين الأهداف التي أعلنها نتنياهو وما تم تحقيقه في نهاية الحرب، نصل إلى النتيجة التالية:

لا يمكن اعتبار أن إسرائيل قد حققت نصرًا مطلقًا؛ لأنها فشلت في تحقيق هدفها النهائي المتمثل في إسقاط النظام. أما عند تقييم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية والبرنامج النووي، فيمكن الحديث عن نجاح جزئي في هذا الصدد.

هل إيران منتصرة أم مهزومة؟

يمكن القول إن هدف إيران الأساسي في هذه الحرب، بصفتها الطرف المعتدى عليه، كان ضمان عدم تمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها المعلنة.

على الرغم من أن هذه الحرب كانت "حربًا مفروضة" حسب تعبير المرشد الإيراني آية الله خامنئي، فإن إيران دولة تستعد للحرب مع إسرائيل منذ عام 1979. وقد أعلن جميع المسؤولين، وفي مقدمتهم آية الله خامنئي وقادة الحرس الثوري، مرارًا وتكرارًا أنهم يهدفون إلى "محو إسرائيل من الخريطة".

إعلان

من هذا المنظور، يمكن القول إن القدرات العسكرية والاقتصادية والأنشطة الاستخباراتية لإيران بعيدة كل البعد عن تحقيق الأهداف التي وضعتها فيما يتعلق بإسرائيل.

لقد أنشأ جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، عبر سنوات من العمل الدقيق، شبكات تجسس خطيرة داخل إيران، وقد مكنت هذه الشبكات إسرائيل من ضرب إيران بسهولة في الحرب الأخيرة. بعض المناطق الحساسة في إيران، والمعدات العسكرية مثل أنظمة الدفاع الجوي، لم تُضرب من قبل إسرائيل مباشرة، بل من قبل عملاء الموساد داخل إيران.

أظهرت الحرب أن صواريخ إيران، خاصة الباليستية وفرط صوتية، هي ذخائر ذات قدرات عالية ومصنعة بتقنيات حديثة، كما كشفت أن أجهزة المخابرات الإيرانية تعاني من ضعف خطير. السبب الرئيسي للأضرار الجسيمة التي لحقت بإيران في هذه الحرب هو التغلغل السهل للموساد داخل إيران.

إن تغلغل الموساد في إيران لدرجة بناء مصنع من ثلاثة طوابق لإنتاج الطائرات بدون طيار في قلب طهران، سيؤدي إلى تصدع الثقة داخل الإدارة الإيرانية، وسيسبب قلقًا بين البيروقراطية الأمنية الإيرانية.

إن الخلاف وأزمة الثقة اللذين نشبا بين وحدة استخبارات الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات بعد اغتيال محسن فخري زاده، الذي يعرف بأنه "أبو البرنامج النووي الإيراني"، سيتعمقان أكثر بعد الكشف عن هذا المستوى من تغلغل الموساد داخل إيران.

لذلك، فإن منع إيران لهدف إسرائيل المتمثل في إسقاط النظام هو نجاح كبير بالتأكيد. والنقطة الجديرة بالذكر هنا هي أن الشعب الإيراني، الذي وضع كل انتقاداته واعتراضاته على النظام جانبًا، وقف إلى جانب قيادته على الرغم من كل استفزازات وتلاعبات إسرائيل والمعارضة في الخارج، وهذا كان العنصر الرئيسي في حماية النظام. أي أن ما حمى الثورة الإسلامية الإيرانية لم يكن الصواريخ، بل صمود الشعب. من حيث حماية النظام، يمكن اعتبار إيران ناجحة.

كذلك، يجب اعتبار نجاح إيران في إصابة أهداف في تل أبيب وحيفا، متجاوزةً أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورًا رغم كل العقوبات، نجاحًا لبرنامج الصواريخ الإيراني.

ومع ذلك، فإن الضرر الناجم عن الضعف الاستخباراتي الإيراني، وعدم قدرتها على حماية منشآتها النووية والمنشآت العسكرية الأخرى، يكشف عن ضعف إيران في مجالي الأمن والدفاع. على الرغم من أن النظام الإيراني نجا بجروح بالغة، يمكننا القول إن سياسته الاستخباراتية والدفاعية قد انهارت.

لذلك، لا يمكن الحديث عن نصر مطلق بالنسبة لإيران أيضًا.

ما هي نقاط الضعف لدى إسرائيل وإيران؟

كشفت الحرب الإسرائيلية الإيرانية أن إسرائيل ليست مكتفية ذاتيًا من حيث الذخائر. فقد ظهرت حقيقة أن إسرائيل بحاجة إلى الذخائر التي تطورها الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لخوض حرب شاملة.

كما لا يمكن القول إن إسرائيل قد بنت هيكلها الدفاعي بالكامل بنفسها. فقد تبين أنها بحاجة إلى الدعم الدفاعي من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للدفاع عن نفسها. وقد ظهر هذا بوضوح في الهجمات الأخرى التي شنتها إيران.

إسرائيل بحاجة أيضًا إلى الدعم في الهجوم. فقد تبين أنها ليست مكتفية ذاتيًا لتدمير المنشآت عالية الجودة لدولة متقدمة بالكامل، وأنها بحاجة ماسة إلى دعم هجومي.

أما من وجهة نظر إيران، فالوضع ليس مختلفًا. كما ذكرنا، أظهرت الحرب أن وكالات الاستخبارات الإيرانية تعاني من ضعف خطير. من ناحية أخرى، على الرغم من أن منشأة فوردو كانت محمية بفضل عمقها البالغ 90 مترًا، فإن إيران تعاني من قصور خطير في حماية منشآتها العسكرية والنووية الأخرى الموجودة فوق سطح الأرض.

يمكننا أن نستنتج أن مخزون إيران من الذخائر وقدراتها الاستخباراتية وغيرها من المجالات لا تسمح لها بمواصلة حرب شاملة.

إعلان

عيب إيران هو أن حليفتَيها الإستراتيجيتَين، روسيا والصين، اللتين وقّعتا معها اتفاقيات تحالف، لا تقفان إلى جانبها بنفس القوة التي تقف بها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى جانب إسرائيل. وبالتالي، في أي حرب محتملة، ستضطر إيران إلى محاربة العديد من الدول بمفردها، أو محاربة إسرائيل التي يدعمها العديد من الدول بقوة.

الخلاصة

على الرغم من أن إيران وإسرائيل أعلنتا النصر، فإنه لا يمكن الحديث عن نصر مطلق لأي منهما. ورغم إعلان وقف إطلاق النار بينهما، فإنه يتقدم حاليًا على أرض هشة.

وعلى الرغم من أن إسرائيل أوقفت هجماتها الفعلية على إيران، فإنها لن تتخلى عن جهودها لتحريض الشعب الإيراني ضد النظام، وستركز على هذا المجال.

إن خلق أرضية لتغيير النظام بأيدي الشعب من خلال تحريضه، وتصعيد انعدام الثقة بين مؤسسات الدولة الإيرانية لإثارة الفوضى داخل الدولة، هو المرحلة الثانية من "إستراتيجية تغيير النظام" الإسرائيلية. وبالتالي، فإن تحقيق وقف إطلاق النار يعني الإعلان عن بدء المرحلة الثانية من إستراتيجية إسرائيل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

أخبار متعلقة :