الأردن يعزز أمنه الغذائي رغم التوترات الإقليمية
أكد خبراء ومختصون أن سلاسل التزويد الغذائي في الأردن لم تتأثر حتى الآن بالتوترات الإقليمية، مشيرين إلى توافر مخزونات غذائية آمنة تمتد لأشهر، خصوصًا في المواد الأساسية مثل الحبوب التي يغطي احتياطها مدة تتراوح بين 14 و16 شهرًا، وذلك بفضل سياسات استباقية وخطط طوارئ مرنة متعددة المستويات.
وقال العين خليل الحاج توفيق، رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان، إن استقرار سلاسل الإمداد في المملكة يعود إلى تنوع منافذ الاستيراد وتماسك خطوط الشحن البحري والبري، رغم اضطراب سلاسل التوريد عالميًا.
وأوضح توفيق أن الغذاء يُستورد عبر الحاويات البحرية أو البرية، فيما يُستخدم النقل الجوي بشكل محدود لنقل بعض المواد الطازجة وأن بعض شركات الملاحة رفعت رسوم الشحن والتأمين، إلا أن الخطوط البحرية والبرية ما تزال تعمل بانتظام عبر السعودية ومصر والعقبة وسوريا، مؤكدًا أن الأسواق المحلية تشهد وفرة في المواد الأساسية دون انقطاع، في ظل متابعة حثيثة من الغرفة التجارية لأوضاع السوق.
وأكد الحاج توفيق أهمية الشفافية في تقديم بيانات الاكتفاء الذاتي، مشيرًا إلى أن بعض السلع مثل السكر والزيوت والبقوليات تعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد، بينما تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من الدواجن إلى 80% ومن الألبان إلى مستويات مرتفعة، مقابل 30-40% للحوم الحمراء.
ودعا إلى دعم القطاع الزراعي الذي وصفه بـ"الأكثر تضررًا عند الأزمات"، مشددًا على ضرورة الانتقال من الحلول المؤقتة إلى خطط مستدامة، مع فتح أسواق تصديرية جديدة في سوريا والعراق ولبنان.
استراتيجيات حكومية لتعزيز المخزون الغذائي
من جانبه، قال وزير الزراعة الأسبق الدكتور رضا الخوالدة إن الأردن نفّذ خططًا متكاملة لضمان استمرارية التزويد الغذائي، مستندًا إلى سياسة خارجية متزنة ورؤية استراتيجية واضحة. وأوضح أن التنسيق المستمر بين مجلس الأمن الغذائي الوطني ومركز الأزمات ووزارة الزراعة والقطاع الخاص ساهم في تعزيز مرونة النظام الغذائي الوطني.
وأشار إلى أن الإنتاج المحلي يغطي نسبًا عالية من الخضروات والدواجن والبيض والحليب، لكنه يعتمد على استيراد مدخلات الإنتاج، ما يتطلب تأمينها بشكل مستمر عبر تنويع المصادر وحماية المخزون الاستراتيجي.
الأردن مركز إقليمي واعد للأمن الغذائي
وفي السياق ذاته، أكد خبير الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي أن سلاسل الإمداد الغذائي أظهرت صمودًا ملحوظًا نتيجة اعتماد الأردن على استراتيجيتين رئيسيتين: تنويع مصادر الاستيراد، وتعزيز المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية.
وأشار إلى أن الاكتفاء الجزئي من بعض المنتجات مثل الخضروات، والدواجن، والحليب، وزيت الزيتون، خفف من الضغط على الواردات، مضيفًا أن الحكومة تعمل على تعميق هذا الاكتفاء من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2021–2030، التي تتضمن مشاريع للري الذكي والحصاد المائي وإنشاء مجمعات زراعية صناعية وتحفيز الاستثمار الزراعي.
وأكد الزعبي على أهمية نظام المعلومات الوطني للأمن الغذائي والمرصد الإقليمي الذي تقوده المملكة، لدعم اتخاذ القرار من خلال بيانات دقيقة وتقارير استباقية، مشددًا على أهمية تعزيز الشراكات الدولية في بناء منظومة غذائية متكاملة ومستدامة.
واختتم الزعبي بأن الأمن الغذائي لا يتحقق بالإنتاج فقط، بل يتطلب سياسات متكاملة وشراكات قوية وشفافية عالية، لافتًا إلى أن الأردن يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كمركز إقليمي في مجال الأمن الغذائي.
أخبار متعلقة :