يبقى الإيمان الصادق هو النور الذي يهدي إلى الطمأنينة والسعادة. ومن دلائل صدق الإيمان وثباته في القلب، أن يجد العبد له "حلاوة" يتذوقها، لا بالحواس الظاهرة، بل بشعور داخلي يملأ القلب يقينًا ومحبةً وراحة.
وقد جاء في السنة النبوية المطهرة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ من كُنَّ فيه، وجَد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون اللهُ ورسوله أحَبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يَكرهَ أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يَكرهُ أن يُقذَف في النار))؛ متفق عليه.
وهو حديث عظيم أصل من أصول الإسلام. قال العلماء رحمهم الله: معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإيثار ذلك على عرض الدنيا، ومحبة العبد ربه - سبحانه وتعالى - بفعل طاعته، وترك مخالفته، وكذلك محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وجاء في كتاب رياض الصالحين للإمام يحيى بن شرف النووي الدمشقي ((من كُنَّ فيه)): يعني من اتصف بهن، ((وجَد بهن)) يعني بسببهن، ((حلاوة الإيمان)) ليست حلاوة سكر ولا عسل، وإنما هي حلاوة أعظم من كلِّ حلاوة، حلاوة يجدها الإنسان في قلبه، ولذَّة عظيمة لا يساويها شيءٌ، يجد انشراحًا في صدره، رغبة في الخير، حبًّا لأهل الخير، حلاوة لا يعرفها إلا من ذاقها بعد أنْ حُرِمها.
((أن يكون اللهُ ورسوله أَحَبَّ إليه مما سواهما)):
وهنا قال: (أن يكون الله ورسوله أحَبَّ إليه مما سواهما)، ولم يقل: ثم رسوله؛ لأن المحبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام هنا تابعةٌ ونابعة من محبة الله سبحانه وتعالى.
فالإنسان يحب الرسولَ بقدر ما يحب الله، كلما كان لله أحَبَّ، كان للرسول صلى الله عليه وسلم أحَبَّ.
((وأن يُحِبَّ المرء لا يحبه إلا لله))
هذا الشاهد؛ تحب المرء لا تحبه إلا لله، لا تحبه لقرابة، ولا لمال، ولا لجاه، ولا لشيء من الدنيا؛ إنما تحبه لله.
((وأن يَكرهَ أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يَكرهُ أن يُقذَف في النار))؛
يعني: يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه. وهذه ظاهرة فيمن كان كافرًا ثم أسلم، لكن من وُلد في الإسلام فيكره أن يكون في الكفر بعد أنْ مَنَّ الله عليه بالإسلام، كما يَكرهُ أن يُقذف في النار، يعني أنه لو قُذف في النار لكان أهونَ عليه من أن يعود كافرًا بعد إسلامه، وهذا والحمد لله حالُ كثير من المؤمنين.
«شرح رياض الصالحين» (3/ 258- 261)
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
أخبار متعلقة :