عاجل

د.منال إمام: مصر خالدة لا تهرم ولا تفقد بريقها وعلمت العالم معنى الحضارة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

قالت الدكتورة منال إمام، الباحث في الشئون الدبلوماسية، إنه في زمن تتغير فيه الهويات وتتأرجح فيه الولاءات، يبقى الانتماء لمصر حالة فريدة لا يمكن مقارنتها. في هذا المقال، نغوص في أعماق الشخصية المصرية لنكشف كيف رسم الموروث الحضاري المصري ملامحها المتميزة من الحكمة والدبلوماسية إلى الكرم والابتسامة، وصولًا إلى ذلك المشهد البطولي الذي يتكرّر دائمًا في الأزمات: التفاف المصريين حول وطنهم، داخل البلاد وخارجها، لا لحماية أشخاص بل لصون الكيان الوطني.

دعوة لقراءة تأملية فخورة، تنبض بحب الوطن وتكشف سرّ خصوصية المصريين في زمن يبحث فيه العالم عن الثبات والهوية.

ليست مصر مجرد وطن نحيا فيه، بل هي هوية تسكننا، وتاريخ متجذر في أرواحنا، وموروث حضاري عظيم صنع منّا شعبًا متفردًا في صفاته، فريدًا في طباعه. هذا الموروث الذي لا يُقاس فقط بما تركه الأجداد من آثار شامخة ومخطوطات خالدة، بل بما تركوه فينا من قيم، وسلوك، وطرق تفكير، أصبحت اليوم بصمةً مميزةً للشخصية المصرية.

الشخصية المصرية، في جوهرها، هي نتاج آلاف السنين من الحضارات المتعاقبة، من الفراعنة إلى اليونان والرومان، ثم الفتح الإسلامي، وحتى العصر الحديث. عبر كل تلك المراحل، تبلورت سمات المصري لتظهر في هدوءه، حكمته، وحنكته الدبلوماسية. ليست دبلوماسية السياسة فحسب، بل دبلوماسية الحياة اليومية، تلك التي ترى أثرها في طريقة المصري في التفاوض، في احتواء الخلافات، وفي إدراكه أن السلام قوة، لا ضعف.

ومن رحم الحضارة، خرجت أيضًا صفات لا يمكن فصلها عن المصريين: كرم الضيافة، الذي لا يعرف حسابات، ولا ينتظر مقابل. والابتسامة تلك التي لا تغيب عن الوجوه رغم قسوة الظروف، والتي تُعد نوعًا من أنواع المقاومة الراقية، تذكيرٌ دائم بأن المصريين لا ينكسرون.

لكن الأروع ما يُرى في مواقف الشدة. حين تعصف الأزمات، وتشتد الخطوب، يتجلى معدن المصري الأصيل. لا يلتف حول أفراد أو حكومات، بل حول الوطن نفسه، تلك الأرض التي تقدّسها قلوبهم. وكم من موقف شهد التفاف المصريين في الداخل والخارج صفًا واحدًا لحماية وطنهم! مشهد أبناء مصر في المهجر، حين تلوح في الأفق ملامح خطر، وهم يعودون، لا فرارًا بل فداءً - هو مشهدٌ نادرٌ في عالم يهرب فيه الكثير من أوطانهم ساعة العسرة.

إن هذا الارتباط الروحي بين المصري ووطنه، ليس حالة طارئة، بل نتيجة متراكمة لحضارة علّمته معنى الانتماء، وفلسفة الصبر، وفن البقاء.

في وقت تتغير فيه القيم وتتأرجح فيه الولاءات، تبقى مصر في قلوب أبنائها وطنًا خالدًا، لا يهرم، ولا يفقد بريقه. كيف لا، وهي التي علمت العالم معنى الحضارة، وزرعت فينا خصالها، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ملامحنا وشخصياتنا.

إن مصر خالدة خلود كتاب الله إلى الأبد الذي احتوى بين كلماته ذكر مصر وهي الدولة الوحيدة المتفردة بهذا الشرف، حيث تعهد الله بحفظ كتابه وبقاءه ليوم البعث. 

نعم، إنها مصر الخالدة.. التي لا تعرف سوى الكبرياء في المحن، والوفاء في الغياب، والحب الأبدي في قلوب أبنائها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق