أحمد غزي شاب لم يتجاوز الـ26، ومع ذلك نجح في اقتناص البطولة المطلقة الأولى برمضان الماضي في مسلسل "قهوة المحطة"، والسبب موهبته الفطرية المتدفقة وقدرته على اكتساب ثقة المنتجين خلال فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز 5 سنوات هي عمر مشواره الفني المحلي القصير.
حلم قديم
حَلُم غزي صغيرا بأن يصير ممثلا، تملّك منه الشغف تماما، لكن قلق والده من احترافه التمثيل -تلك المهنة التي لا تعرف كبيرا وينقلب حالها بين يوم وليلة- جعله يرضخ لرغبة العائلة في الحصول على شهادة أخرى غير التمثيل كخطة بديلة، الأمر الذي نتج عنه سفره إلى إنجلترا لدراسة إدارة الأعمال في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة.
لم يتخلَ غزي عن حلمه أو يضعه جانبا، بل سار في مسارين متوازيين، جامعا بين دراسته الأكاديمية والسعي وراء الفرص في الخارج، ليبدأ -خلافا للآخرين- من العالمية، قبل أن يخوض التجربة المحلية.
من العالمية إلى المحلية
في 2017 شارك غزي بمسلسل "آمن"، ورغم أنه لم يكن سوى أحد المجاميع الذين يظهرون لثوان فإنه تأكد من كون التمثيل المهنة التي يريدها لنفسه لا مفر، وهنا قرر إثقال موهبته بالدراسة والتحق بالعديد من ورش التمثيل، وفي الوقت نفسه شارك في مشاريع تخرّج قصيرة لعدد كبير من الطلاب.
إعلان
وفي 2019 شارك بالمسلسل الوثائقي "قصص جرائم القاضي ريندر"، كذلك حصل على دور "مو" في الفيلم القصير، "ووك أوت وان"، وبسبب كورونا لم يُعرض العمل إلا في 2020.
التعليم ثم التعليم
في ذلك الحين كان غزي قد انتهى من دراسته الجامعية، وقرر العودة إلى القاهرة باحثا عن فرص محلية مع الاستمرار في إثقال موهبته بالعلم الذي يؤمن بأنه نصف الطريق للنجاح، ليبدأ تعلّم التمثيل مع المدرب الأميركي جيرالد جيمس الذي -حسب تصريحات غزي- يدين له الأخير بالكثير، كذلك حضر ورشات محلية مع رمزي لينن وأحمد نديم.
في 2021 شارك غزي بـ3 أعمال درامية هي "بين السما والأرض"، و"الاختيار 2″، و"60 دقيقة"، وقد عُرض الأول والثاني خلال الموسم الرمضاني، مما سمح له بأن يشاهده الكثيرون ويلفت انتباه الجمهور وصانعي الدراما على حد سواء.
وقدّم غزي شخصيات متنوعة ببراعة، إحداها دور "جمال" في مسلسل "الاختيار"، ولتجسيدها جيدا بحث عبر الإنترنت عن ماضي الشخصية لمعرفة ما دفعها إلى التحول لإرهابية وفهم سيكولوجية الشخصية حتى أنه شاهد لقاء لها تمكن من خلاله من قراءة لغة جسدها لمزيد من المعايشة.
يذكر أن غزي رفض رفضا قاطعا تقديم شخصية الإرهابي في أي عمل عالمي، مؤكدا أن هذه ليست الصورة الوحيدة التي يمكن تصديرها إلى الخارج عن العرب، وهو الأمر المختلف عن تجسيد الشخصية نفسها بالأعمال المحلية التي لا تسيء للعرب أو تقتصرهم في تلك النظرة الضيقة والناقصة.
ومن المحلية وعودة إلى العالمية مرة أخرى شارك غزي في 2022 بالموسم الخامس من مسلسل "ذا كراون"، إذ قدّم شخصية الملياردير السعودي عدنان خاشقجي في مرحلة شبابه، ولتجسيد أفضل شاهد المقابلة الوحيدة المسجلة له وقرأ الكتاب الذي كُتب عنه بالكامل.
الحرّيف
شارك غزي بعدها في أعمال عربية عديدة حظيت معظمها بمشاهدات مرتفعة لعرضها في رمضان، من بينها مسلسل "المشوار"، و"ضرب نار"، و"رسالة الإمام"، و"الحشاشين"، وكذلك شارك في "دواعي السفر".
إعلان
ولعل أهم ما يميز تجربة غزي القصيرة قدرته شبه الخارقة على التلون وتقديم شخصيات لا تشبهه في شيء من "جمال" الإرهابي الذي ظلمته الأيام فظلم نفسه، إلى "طارق" المدمن الذي يدمر حياته وحياة من حوله، و"سامي" النابغة المتمرد الذي يختار الانتصار لقلبه على حساب طموحه، و"سعد" المخدوع بطائفة الحشاشين واللاهث خلف الأكاذيب.
لكن يظل دور "ششتاوي" في فيلم "الحريفة" بجزأيه الأول والثاني في دور طالب الثانوي ابن المنطقة الشعبية والذي ينتمي إلى أسرة كبيرة عددا ويتميز بكاريزما خاصة تجعله نجم مدرسته الذي يتبعه الكثيرون بطاقته للمرور لدى الشباب والمراهقين من جيل "زد".
بعد كل ما سبق لا يمكن اعتبار إسناد البطولة الدرامية الأولى لغزي فعلا غريبا أو غير محسوب رغم قصر مشواره، وهو ما جرى هذا العام، بالتزامن مع إسناد بطولات أخرى للشباب مثلما جرى مع عصام عمر في مسلسل "نص الشعب اسمه محمد"، وطه دسوقي وأحمد مالك بمسلسل "ولاد الشمس".
قهوة المحطة
"قهوة المحطة" هو العمل الأخير الذي عُرض لغزي، مسلسل من 15 حلقة كتابة عبد الرحيم كمال وبطولة جماعية شارك فيها بيومي فؤاد ورياض الخولي وأحمد خالد صالح وهالة صدقي وانتصار وفاتن سعيد وضياء عبد الخالق.
ووفقا لتصريحات المخرج إسلام خيري في أحد اللقاءات التلفزيونية، وقع اختياره على غزي بسبب عينيه اللتين يعرف كيف يعبّر بهما عن خلجات الشخصية، وكذلك بسبب شكله وهيئته شديدي المصرية.
إعلان
في "قهوة المحطة" ظهر غزي ناطقا باللهجة الصعيدية التي أجادها لدرجة فاجأت الجميع، خاصة أنه مارسها دون مبالغة بالأداء أو افتعال لا داع له.
وقد جسّد شخصية "مؤمن الصاوي" الصعيدي الحالم الذي يرحل من محافظة سوهاج إلى العاصمة من أجل الاشتراك في تجارب الأداء بأحد البرامج وتحقيق حلمه بالتمثيل، لكن تقتله القاهرة بثقلها الذي يجثم على صدره وظلمها الذي تُرضعه لقاطنيها وخيبات الأمل التي تقتات على أرواح الجميع ليلا.
وهي الشخصية التي صرح غزي بأنها تتقاطع مع شخصيته الحقيقية في الحلم والأمل والشغف بالتمثيل، بالإضافة إلى المشوار القائم على الغربة والترحال، مما سهّل عليه إخراج مؤمن الصاوي من داخله في ظل الكتابة شديدة الحساسية والرهافة التي اعتادها الجمهور من عبد الرحيم كمال.
يذكر أن غزي يشارك بفيلم التشويق والإثارة "المشروع x" المقرر طرحه في مايو/أيار الجاري في مصر وضمن أفلام موسم عيد الأضحى في دول الخليج والوطن العربي.
يشارك في بطولته كريم عبد العزيز وإياد نصار وياسمين صبري وهنا الزاهد وكريم محمود عبد العزيز، وإخراج بيتر ميمي.
ويدور العمل حول يوسف الجمّال عالم الآثار المصري الذي يخوض مع فريقه رحلة استثنائية عامرة بالتحديات للوصول إلى سر بناء الأهرامات.
0 تعليق