اعرف نبيك الجهر بالدعوة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

بعد ثلاث سنوات من الدعوة السرية جاء الأمر الإلهي للنبي صلي الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة وأن يصدع بالحق. ولا يخشي في الله لومة لائم فقال تعالي:"فَاصدع بِما تؤمر وأعرض عن المشركين""الحجر:94" وأخبره جل شأنه أن يبدأ الجهر بدعوة أهله وعشيرته الأقربين.

فقال مخاطباً له"وأنذر عشِيرَتَك الأقربين""الشعراء:214" فدعا بني هاشم ومن معهم من بني المطلب. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزل قوله تعالي:"وأنذر عشيرتك الأقربين"صعد النبي صلي الله عليه وسلم علي الصفا فجعل ينادي: "يا بني فهر يا بني عديّي -لبطون قريش- حتي اجتمعوا فجعل الذي لم يستطع أن يخرج يرسل رسولاً لينظر ما هو الخبر ؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم: لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصِّدقي؟ قالوا ما جربنَّا عليك كذباً. قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال له أبو لهب: تباً لك إلهذا جمعتنا".

فكانت هذه الصيحة العالية بلاغاً مبيناً. وإنذاراً صريحاً بالهدف الذي جاء من أجله. والغاية التي يحيا ويموت لها. وقد بيَّن صلي الله عليه وسلم ووضَّح لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو الرابط الوحيد بينه وبينهم. وأن عصبية القرابة التي ألِفوها ودافعوا عنها واستماتوا في سبيلها. لا قيمة لها في ميزان الحق. وأن الحق أحق أن يتبع. فها هو يقف مخاطباً قرابته -كما ثبت في الحديث المتفق عليه بقوله:"يا عباس بن عبد المطلب يا عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا. يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً. يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت من مالي. لا أغني عنك من الله شيئا".

وقد لاقي رسول الله صلي الله عليه وسلم جراء موقفه هذا شدة وبأساً من المشركين. الذين رأوا في دعوته خطراً يهدد ما هم عليه. فتكالبوا ضده لصده عن دعوته. وأعلنوا جهاراً الوقوف في مواجهته. آملين الإجهاز علي الحق الذي جاء به.. ومضي رسول الله صلي الله عليه وسلم في طريقه يدعو إلي الله متلطفاً في عرض رسالة الإسلام. وكاشفاً النقاب عن مخازي الوثنية. ومسفهاً أحلام المشركين.. فوفق الله تعالي ثلة من قرابته صلي الله عليه وسلم وقومه لقبول الحق والهدي الذي جاء به. وأعرض أكثرهم عن ذلك. ونصبوا له العداوة والبغضاء. فقريش قد بدأت من أول يوم في طريق المحاربة لله ولرسوله. متعصبة لما ألِفته من دين الآباء والأجداد.. فلاقي مقابل هذا الإعلان ما قد علمنا من عداوة المشركين له وللمؤمنين من حوله. والتنكيل بهم.. وقد قام عمّه أبو طالب بحمايته من أذي قومه. ولم تُطاوعه نفسه بترك نصرة ابن أخيه. إلا أنّه أبي أن يفارق دينه وأصرّ علي الكفر. وقد بذلت فيه قريش ما بوسعها في سبيل دَحْر هذه الدعوة. فكانت تصدّ الناس عن سبيل الله. وتؤذي رسول الله ومَن آمن معه بالقول والفعل. رغم أنّهم ما عهدوا علي رسول الله كذباً.. فانتهجت معاداة رسالة الإسلام من خلال نشْر الادّعاءات الباطلة عن رسول الله والقرآن الكريم والصحابة السابقين إلي الإسلام. فقالوا عن الرسول إنّه ساحرى ومجنونى وشاعرى.

ويروي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قائلاً: "بيْنَما رَسولُ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمى يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ وجَمْعُ قُرَيْشي في مَجَالِسِهِمْ. إذْ قَالَ قَائِلى منهمْ: ألَا تَنْظُرُونَ إلي هذا المُرَائِي أيُّكُمْ يَقُومُ إلي جَزُورِ آلِ فُلَاني. فَيَعْمِدُ إلي فَرْثِهَا ودَمِهَا وسَلَاهَا. فَيَجِيءُ به. ثُمَّ يُمْهِلُهُ حتَّي إذَا سَجَدَ وضَعَهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ".. وبسبب أذاهم الشديد دعا عليهم رسول الله -صلي الله عليه وسلم-. فقال ابن مسعود: "فَوَاللَّهِ لقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَي يَومَ بَدْري. ثُمَّ سُحِبُوا إلي القَلِيبِ. قَلِيبِ بَدْري. ثُمَّ قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ: وأُتْبِعَ أصْحَابُ القَلِيبِ لَعْنَةً". وما كان دعاء الرسول عليهم إلّا لِما شاهده منهم من الوقوف في وجه كلّ مَن أراد الدخول في الإسلام. وقد روي عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- فقال: "بيْنَما رَسولُ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي بفِنَاءِ الكَعْبَةِ. إذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطي فأخَذَ بمَنْكِبِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ. ولَوَي ثَوْبَهُ في عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ به خَنْقًا شَدِيدًا. فأقْبَلَ أبو بَكْري فأخَذَ بمَنْكِبِهِ ودَفَعَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ. وقالَ: "أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقدْ جَاءَكُمْ بالبَيِّنَاتِ مِن رَبِّكُمْ". وما زال هذا الأذي مستمرّاً حتي وصل الأمر بهم للاتّفاق علي قتله ومحاولتهم لذلك عدّة مرّات. حتي أذِن الله -عزّ وجلّ- له ولأصحابه بالهجرة.
 


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق