يُعد جامع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العاصمة الإماراتية أبوظبي من أبرز المعالم الإسلامية والمعمارية في العالم، وصرحًا دينيًا وثقافيًا يعكس رسالة الإسلام السمحة، ويجسد رؤية مؤسسه الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في تعزيز قيم التسامح والسلام.
تحفة معمارية عالمية
افتُتح الجامع رسميًا في 20 ديسمبر 2007، بعد 11 عامًا من بدء الأعمال الإنشائية التي بدأت عام 1996، وبلغت كلفة إنجازه نحو 2.167 مليار درهم إماراتي. يحتل المسجد مساحة كلية تقارب 22،412 مترًا مربعًا، دون احتساب البحيرات العاكسة التي تحيط به، ويُعد سادس أكبر مسجد في العالم من حيث المساحة.
يتسع المسجد لنحو 7 آلاف مصلٍ داخل قاعته الرئيسية، وتصل طاقته الاستيعابية الكاملة إلى أكثر من 40 ألف مصلٍ عند استخدام الساحات الخارجية. ويتميز بوجود أربع مآذن يبلغ ارتفاع كل منها 107 أمتار، بالإضافة إلى 82 قبة مختلفة الأحجام، تتصدرها القبة الرئيسية التي تُعد الأكبر في العالم، بارتفاع 83 مترًا وقطر داخلي يصل إلى 32.8 مترًا.
تصميم عالمي برؤية إماراتية
أشرف على تصميم المسجد وتنفيذه نخبة من المهندسين والمصممين، من أبرزهم المهندس السوري يوسف عبدلكي، وبمشاركة المهندسين باسم برغوتي ومعتز الحلبي وعماد ملص. وتم تنفيذ المشروع على مرحلتين؛ الأولى شملت الأعمال الإنشائية، والثانية أعمال التشطيب والزخرفة التي استخدم فيها أفخر المواد من رخام وموزاييك وأحجار كريمة.
منبر فني وثقافي وديني
من أبرز معالم المسجد سجادة الصلاة في قاعته الرئيسية، والتي تُعد الأكبر في العالم بمساحة 5،627 مترًا مربعًا، حاكها يدويًا 1200 نسّاج في إيران، وتزن نحو 47 طنًا. كما تزين المسجد ثريات ضخمة صنعت من الكريستال المطلي بالذهب.
ويُحاط المسجد بصحن خارجي مساحته 17 ألف متر مربع، مغطى بالرخام والفسيفساء برسومات نباتية مبهرة، وتحيط به أروقة تحتوي على 1048 عمودًا مكسوًا بالأحجار شبه الكريمة، تعكس مزيجًا من الطراز الإسلامي والمغولي والمغاربي.
مركز إشعاع علمي وروحي
يضم المسجد مكتبة تحتوي على أكثر من 3 آلاف عنوان بعدة لغات، تشمل علوم الدين والتاريخ والثقافة. كما يضم مرافق مخصصة للوضوء والفعاليات الدينية، إضافة إلى متحف "نور وسلام"، الذي يعرض مقتنيات ومجسمات فنية توثق رسالة الجامع في نشر قيم التسامح والتعايش.
وفي الجهة الشمالية للمسجد، يرقد جثمان مؤسسه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان حلمه أن يُشيّد هذا الصرح ليكون منارة للعلم والدين، ومعلمًا خالدًا يعبر عن الحضارة الإسلامية وتنوعها.
جامع الشيخ زايد.. حيث يلتقي الجمال بالروحانية، ويعانق الفن رسالة السلام.
0 تعليق